أخبار

كذاب أشر

لم يفاجئني الهجوم الذي تعرضت له مدينة “أبوزبد” بولاية غرب كردفان، الواقعة على بعد (150) كلم جنوب غرب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان على خط السكة الحديدية الرئيسي، كما تبعد (60) كلم عن مدينة الدلنج الواقعة فى جنوب كردفان. وقياساً على الموقع الجغرافي إن كان دقيقاً ومراجعي فيه البحث عبر الإنترنت، فإن المنطقة تمثل نقطة خروج من (كردفان) كلها إلى دارفور، وتحديداً إلى (جنوبها). وقد توقعت قبل هجوم الأمس أن تتعرض منطقة أبو زبد أو منطقة اخرى لهجوم، إذ من الواضح أن متمردي الجبهة الثورية يتعرضون لضغطين على مستويين داخل جنوب كردفان، الأول في هجوم عسكري بدأ به الجيش الذى يكنس الآن المناطق المجاورة للدلنج وما حولها، والثاني أن ثمة اعتراضات وخلافات بين المتمردين المحليين والقادمين إليهم من حركات دارفور. وحسب تحليلي وتقديرى الخاص فالراجح أن القوات التابعة لعبد العزيز الحلو ستنسحب إلى داخل الجبال وتتخلى عن الطرق الرئيسية بجنوب كردفان، فيما سيتم إخراج متمردى دارفور.
ويبدو أن شق الخروج هو الذى ينفذ، ومن ثم أعتقد أن القوة المهاجمة لمنطقة أبوزبد إنما كانت فى طريقها هروباً إلى دارفور كما ذكرت، وعبرت ذلك المسار لأنها لو كانت تسعى لدخول الجنوب (الذي لن يستقبلها) لكانت قد اتجهت إلى أبوجابرة والمجلد، وبهذا فإن قوة التمرد إنما استهدفت المدينة بتكتيك (انهب واهرب)، حيث سيوفر لها العدوان مؤنة من الوقود والتشوين يمكنها من العبور إلى مقاصدها، بمعسكرات وأوكار حركة “منى أركو مناوي” أو عبد الواحد نور”.
ليس في الأمر بهذا التصور انتصار للجبهة الثورية كما زعمت بعض أبواقها، وليس فى الأمر مساس بهيبة القوات المسلحة التي كانت عند الموعد فتدخلت وطردت المهاجمين وقتلت قائدهم ودمرت لهم (18) عربة مسلحة وغنمت منهم كميات من الأسلحة، لأنه لا يصح سوى الصحيح، والذي عندي أن بلداً مثل السودان مترامي الأطراف يمكن لأي مغامر فيه إحداث فرقعة، لكنه لن يصمد طويلاً ويفر.
أحداث أبوزبد إنما أكدت عندي أن عصابات التمرد ثلة من الذين يتلذذون بتعذيب المواطنين والأهالي وتخريب حياة الناس في الأطراف والهامش، بدليل أن أي اعتداء على بلدة وقرية يستهدف في المقام الأول أبراج الاتصالات ومواقع الخدمات والأسواق، مع إزهاق عدد مقدر من الأرواح، وقد حدث هذا من قبل في أم روابة وغبيش وأبوكرشولا وغيرها من مدن وبلدات بشمال وجنوب كردفان وبدارفور، وهي أعمال إجرامية أكثر من كونها حرب تحرير، فصاحب القضية السياسية السلمية لا يتكسب بإذلال الأهالي وترويعهم ويفر كالجبان إن تدخلت السلطات بالقوات المسلحة، فيطلق ساقية للريح متحرفاً لعملية نهب أخرى أفظع ما فيها أن بعض الجبناء يباركونها ويهللون لها نكاية فى الحكومة التى يعارضونها.
إن ما حدث وما سيحدث يجب ألا يرد الناس عن حقيقة أن هذا التمرد (كذاب أشر)، إنما يموت ويقتل بالتماسك والثقة في الله ثم جيش هذا البلاد، فلا تهزكم أكاذيب الأفاكين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية