ما الذي بين "الأمة" و"الاتحادي"؟!
الأمة والاتحادي هما أشبه بفريقي الهلال والمريخ من حيث الندية والجمهور والصراع دائماً بينهما سياسي، ولا حزب يعترف بما يقدمه الآخر حتى ولو كان العمل من أجل الوطن، ولا ننسى عندما ذهب مولانا “محمد عثمان الميرغني” وفاوض الدكتور الراحل “جون قرنق”، وتوصل معه إلى اتفاقية “الميرغني” ـ”قرنق” إبان الديمقراطية الثالثة، ففرح منسوبو الحزب الاتحادي وقتها بهذا الانجاز الكبير الذي حققه زعيم الطائفة الختمية باعتبار أن ما تم ما بين “الميرغني” و”قرنق” سيحل المشكلة السياسية، وهي مشكلة الحكم إلا أن حزب الأمة وخاصة الإمام “الصادق المهدي” كانت له رؤية أخرى حول هذا الاتفاق، فإما مكايدة لـ”الميرغني” ولحزبه الذي انتشى وفرح بالاتفاق، وإما لرؤية أخرى يعلمها الإمام آنذاك ولم يعترف بالاتفاقية، كما لم يعترف بقوانين سبتمبر، وقال قولته المشهورة إنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به. ولم تعمر الاتفاقية كثيراً لأن الوضع السياسي آنذاك لم يكن كما كان يشتهي أهل السياسة، فخرجت المذكرات كمذكرة (الجيش) ومن ثم هوى النظام الديمقراطي وحلت (الإنقاذ) كنظام حكم جديد في 1989م.
فالصراعات بين الحزبين الكبيرين لم تنتهِ حتى حينما خرج مولانا “الميرغني” معارضاً وأصبح رئيس التجمع الديمقراطي، فالحال أيضاً لم يعجب الإمام “الصادق المهدي” ولم يبقَ طويلاً مع المعارضة الخارجية، فعاد للبلاد بعد اتفاق (جيبوتي).. الآن الصراع بين الأمة والاتحادي بدأ يظهر من جديد، وسبب هذا الظهور المفاجيء مع بداية فصل الشتاء الحديث الذي أدلى به الأستاذ “علي السيد” المحامي عن حزب الأمة، وأن الإمام “الصادق المهدي” يحاول أو حاول إضعاف المعارضة بتقاربه غير المعلن مع حزب المؤتمر الوطني، واعتبر حزب الأمة حديث “علي السيد ” غير مؤسس وغير صحيح، وأن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) ما هو إلا ترلة يجرها المؤتمر الوطني أينما ذهب، وأن الحزب الاتحادي يشارك في السلطة بينما الأمة يقف في صفوف المعارضة ولم يغير مواقفه ومبادئه الرافضة للمشاركة في السلطة، ما لم يؤخذ برأيه في كثير من الأمور. فحزب الأمة صاحب الثقل الحزبي الكبير وجماهيره تؤمن بزعامة الإمام “الصادق” ولو قال لها أدخلي النار لدخلت، ولن تتزحزح عن تلك المواقف قيد أنملة، لأن من يؤمن بزعامة شخص فلن يستطيع أحد أن يغير رأيه فيه، وفي وقت مضى كانت الطاعة عمياء للحزب وكانت هنالك مواقف بين منسوبي الحزبين، تصل أحياناً للاعتداء على من تكون مواقفه ضد الآخر، فجماهير الأنصار الشق الديني للسياسي (الأمة) كانت عنيفة ورواياتها وقصصها وأبطالها معروفة للجيل الذي عاش فترة الستينيات من القرن الماضي، بل كان هناك من يعتدي على الصحف والذي تكون مواقفه لا تتناسب مع حزب الأمة والأنصار وهذه أيضاً أبطالها معروفون والمعتدى عليهم أيضاً معروفون. ومحبو الإمام “الصادق المهدي” دفعتهم في كثير من الأحيان إلى حمل سيارته حباً في شخصه، لذا فإن جماهير حزب الأمة والأنصار تغيروا كثيراً عن الماضي وإلا لوجد من يعتدي على الحزب حتى ولو على صفحات الصحف من يتصدى له ليس بالرد ولكن ردود من نوع آخر.
الأمة والاتحادي حزبان كبيران ويعلق الشعب السوداني عليهما آمالاً عراضاً، فالمهاترات ستقلل وتخصم من رصيدهما الكبير.