رئيس مجلس شئون الأحزاب السياسية مولانا "عثمان محمد موسى عمر" في أول حوار صحفي مع (المجهر): (2-2)
زرتُ- شخصياً- مقر مجلس شئون الأحزاب السياسية لعدة مرات؛ بحثاً عن حوار يكون هو الأول مع رئيس مجلس شئون الأحزاب السياسية الجديد الذي خلف الرئيس السابق مولانا “محمد بشارة دوسة” بعد تعيينه وزيراً للعدل، ولكن كل المحاولات لم تصل لنتائج إلى أن ساقتنا الأقدار سوياً لنتقابل خارج السودان ضمن الوفد الحكومي الذي ذهب إلى “جنيف” السويسرية لتغطية اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، ومتابعة تقرير السودان الذي قدمه وزير العدل.. اتفقت مع مولانا “عثمان موسى” خلال دعوة نظمتها سفيرة السودان بسويسرا على إجراء الحوار، ولم نتمكن من تحديد موعد بسبب جدول الأعمال الضاغط للوفد الحكومي، ولكن تهيأ لنا في اليوم التالي مباشرة لقاء غير مرتب في مقر البعثة الدائمة بجنيف، ولكن الرجل بدأ الحوار- كما الكثير من المسئولين- متخوفاً من عدم النقل الأمين غير المتطابق مع ما قال، والتحريف في العبارات أو النصوص، ولعله لم ينسَ أو يتناسى مهنته القانونية المحكمة للصياغة والمعاني في المحاضر والمرافعات المختلفة.
} الأحزاب تزايدت أعدادها بسبب الانقسامات والبعض يقول إن السبب اختلالات ممارسة وغياب الديمقراطية.. وآخرون يقولون إن السبب غياب تطبيق القانون.. لماذا لا يطبق المجلس القانون للحد من الانقسامات وتبسيط الخيارات للمواطنين وتفادي مسألة الأحزاب الجهوية والإثنية؟
– على العكس، القانون يمنح الأحزاب، بل يمنح أي (500) مواطن سوداني الحق في التقدم بطلب لإنشاء حزب ويتم تسجيله، وإذا حضر إلى المجلس عدد (500) شخص وتقدموا بطلب واستوفوا الشروط لإنشاء الحزب سيتم تسجيله.
} حتى لو كانوا قبيلة واحدة؟
– لا.. مسألة القبيلة هذه لا تستطيع أن تحكمها في الأحزاب السياسية أو تعرفها، لكن القانون يشترط أن يكونوا على الأقل من ثلاث ولايات في السودان.
} ذلك يعني أن الأحزاب المسجلة الآن في أغلبيتها أحزاب قوميات جغرافية أكثر من كونها أحزاباً قومية للسودان كله؟
– نعم.. قليل منها، ويمكن هذه المسألة في الأحزاب التي نشأت في مناطق جنوب كردفان وجبال النوبة، وحتى في هذه الأحزاب العضوية التي تستقطب من خارج تلك المناطق في الغالب تكون من العضوية الموجودة منهم أنفسهم في مناطق أخرى في السودان سواء في القضارف أو في كسلا أو غيرها، ويقوموا بتحليتها وكذا، وأنا كمجلس لا يحق لي التدخل في هذه المسألة لأنهم في النهاية يلتزمون بالقانون.
} ألا يحق لكم في المجلس التقدم بملاحظاتكم لجهات أخرى تشريعية مثلاً على القصور الذي نشأ خلال الممارسة وتطبيق القانون؟
– طبعاً المجلس مارس سلطاته خلال الفترة من 2009م وحتى 2010م، وخلال تلك الفترة كنا مشغولين جداً بكيف نسجل الأحزاب التي كانت موجودة في ذلك الوقت لتشارك في الانتخابات، وبعد انجلاء المعركة حدث تطور آخر بأن عُيّن رئيس المجلس في ذلك الوقت وزيراً للعدل، وبالتالي تعطل عمل المجلس لعام ونصف العام ولم يُعيّن له رئيس، وحتى عضوية المجلس منها ثلاثة أو أربعة ذهبوا مع دولة جنوب السودان، وهنا في الشمال أو في السودان توفي اثنان من عضوية المجلس، وبعد ذلك وفي العام 2011م أنشئ المجلس من جديد بتشكيلته الحالية، وعُيّن له رئيس، وأدينا القسم في 2011م، ومنذ ذلك الوقت بدأنا فعلاً في العمل، وخلال التجربة سواء من العام 2009م أو بعد 2011م، التجربة أفرزت لنا بعض الملاحظات ومن ضمنها مسألة الخمسمائة شخص الموضوعة كشرط لإنشاء الحزب، وهناك ملاحظات أخرى ظهرت في مسيرة العمل اليومي.
} ما هي الملاحظات التي ظهرت لكم من خلال العمل اليومي؟
– ملاحظات في أن عوامل أو الدستور يتحدث عن أن للأحزاب السياسية الحق في أن تنشئ أنظمتها ولوائحها وتحدد فيها الأجهزة والهياكل الخاصة بالحزب، وهناك كثير جداً من الأحزاب تأتي ويبدو رئيس الحزب الأصلي يعين بنسبة كبيرة تصل إلى (25%) في الهيئة القيادية مثلاً، وهذه كلها رفعنا بها مذكرات، ورفعنا رؤانا حولها إلى رئاسة الجمهورية وإلى المجلس الوطني بأن الدستور حينما يأتي لابد أن يتضمن تعديل قانون الأحزاب السياسية وينظر في هذه المسألة، والملاحظة الأخرى تتعلق بشرط العضوية لتأسيس الحزب، ونحن رفعنا في ذلك توصية مباشرة إلى المجلس الوطني لأنه الجهة المشرعة.
} وما هي رؤيتكم في الحد الأدنى لعضوية تأسيس الحزب السياسي؟
قلنا إن في اعتقادنا أن الخمسمائة عضو المنصوص عليها في القانون كشرط لإنشاء الحزب قليلة جداً، واقترحنا أن يكون العدد (1500)، وحتى هذا العدد في اعتقادنا قليل، وقلنا لهم إن الأمر متروك لكم.. وقبل أيام هنا في سويسرا تناقشنا مع رئيس لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان في البرلمان مولانا “الفاضل” حول هذه القضايا، وهو وافق على هذه المسألة وقال إنها لم تعرض عليه، ووعد بالنظر من خلال اللجنة في البرلمان فيها حينما يعود إلى السودان. ونحن أودعناها والقانون يقول إن المجلس يودع لرئاسة الجمهورية والمجلس الوطني، وخلال العامين الماضيين نحن أودعنا كل هذه الأشياء وضمناها كل الملاحظات التي نشأت ولاحظناها، ونسأل الله تعالى أن تكون هناك نظرة جدية في هذه المسألة لتجاوز الكثير من الملاحظات التي نشأت مع التطبيق، وهي يمكن أن تساعد في الممارسة في المستقبل بالنسبة لممارسة الديمقراطية الحقيقية.
} كثير جداً من الأحزاب تكاد برامجها ورؤاها تتطابق.. ألا يمكن للمجلس أن يلعب دوراً في التقريب بينها أو حتى دعوتها للاندماج؟
– نسأل الله أن نستطيع جمع الأحزاب، خاصة في قضايا الدستور، أو على الأقل إذا استطعنا تضييق هوة الخلافات بين الأحزاب السياسية.. أما ما يتعلق بتقارب الرؤى والأفكار بين الأحزاب، اعتقد أن الأحزاب نفسها تتجه نحو ذلك، وآخر حزب سجل برئاسة الأمير “دقنة” قال إن لديه مبادرة لتجميع الأحزاب التي انشطرت، وذلك موجود حتى في الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهناك من قطع شوطاً بعيداً في هذه المسألة، ولكن عموماً هذه المسألة نحن لا نستطيع أن نفعل فيها شيئاً اللهم إلا إذا طلب منا ذلك من الأحزاب نفسها.
} وأين أنتم من الحوار حول الدستور الذي يجري الآن؟
– نحن بادرنا في ذلك وعقدنا ورشة في العام 2011م مع مفوضية الانتخابات، وكانت في قاعة الشارقة، وتحدث فيها أكاديميون واختصاصيون، ونحن فتحنا هذا الموضوع، ومن بعد ذلك سارت الدعوات والمبادرات الأخرى.
} هناك قضية جدلية تتعلق بنشاط (الحركة الشعبية قطاع الشمال) وقانونية استمرارها كحزب سياسي بمسمى (الحركة الشعبية لتحرير السودان) كما كان في السابق. ما وضعها القانوني؟
– حسمت هذه المسألة، لأن حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان ذهب جنوباً وأصبح هو الحزب الحاكم في دولة جنوب السودان بعد الانفصال، وبالتالي المجلس حذف اسم هذا الحزب من سجلات الأحزاب في المجلس، ولكن هناك من كانوا ينتمون لهذا الحزب وهم ما زالوا في دولة السودان، وجاءنا أشخاص وسجلوا أكثر من حزب، ولكن قلنا لهم إن الحزب القديم اسمه لا يتماشى مع القانون، وطلبنا منهم إجراء تعديلات على الاسم، ومن تلك الأحزاب حزب “دانيال كودي” و”تابيتا بطرس”، ومنها حزب في النيل الأزرق يقوده والي ولاية النيل الأزرق الحالي، وهناك أشخاص جاءوا وتقدموا بذات الاسم القديم وقلنا لهم أكملوا إجراءاتكم وسننظر في القضية على أي حال، ولكن لا يوجد ما يمنع إطلاقاً أن تأتي قيادات قطاع الشمال لتسجل كحزب جديد، شرط أن لا يكون باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان. وما أريد أن أؤكد عليه أنه لا يوجد لدينا في المجلس حزب مسجل إطلاقاً أو حتى جبهة معتمدة تحمل اسم قطاع الشمال.
} قطاع الشمال ظل يقول إنه وفق أوضاعه قبل الانفصال وأودع لدى المجلس أسماء لقيادة انتقالية تتكون من “مالك عقار” و”عبد العزيز الحلو” و”ياسر عرمان”؟
– لم يحدث ذلك، ولم يصلنا أي طلب من أولئك الأشخاص أو حتى من الحركة الشعبية قبل الانفصال، لأنه بعد انفصال الجنوب هم قاموا مباشرة بإشعال حروب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ولم يصلونا في المجلس.
} وما التكييف القانوني لوضع قطاع الشمال من حملة السلاح حالياً؟
– الشرط الأساسي أن يضعوا السلاح، والقانون يقول إنه لا يحق لأي حزب أن تكون لديه مليشيات تحمل السلاح، وأن يضعوا السلاح ويأتوا إلينا بما يفيد بذلك من مفوضية الدمج والتسريح، ويأتوا بمكتوب يفيد بأنهم سلموا سلاحهم وليس لديهم شيء ولا تنظيم مسلح.. إذا فعلوا ذلك، فمرحباً بهم في أي وقت.
} وهل ترحبون بهم حتى بمسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان؟
– لا.. مرحباً بهم ما عدا مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان، لأن هذا الاسم تم حظره قانونياً، وطلبنا من الآخرين أن يعدلوا، وعدلوا فسجلناهم.
} ألا تشعرون بوجود ضعف في الكادر العامل بشكل عام في الأحزاب السياسية؟ وما هي خطتكم لتطوير الأحزاب في جانب التدريب ورفع القدرات؟
– هذا سؤال طيب ونحن تطرقنا إلى مسألة التدريب وبدأناه في الأحزاب السياسية بعشرة أحزاب، وإن شاء الله بنهاية الشهر الحالي سنكمل الأحزاب السياسية المسجلة عندنا تقريباً، ونكمل ما بدأناه في جانب التدريب، وأصلاً في خطتنا أن الذين دربناهم من الأحزاب السياسية نريد أن نجعلهم مدربين داخل أحزابهم السياسية، ولدينا آلية تتابع ذلك.
} وهل تتوفر لديكم الميزانيات الكافية للقيام بذلك؟
– أبداً والله.. نحن نلجأ إلى منظمات الأمم المتحدة لأنهم أساساً مهتمون بذلك وبمجالات التدريب وبناء القدرات.
} في ظل سياسة التقشف الحكومي.. ماذا عن ميزانيات التسيير الخاصة بالمجلس؟
– والله حالنا حال بقية مؤسسات الدولة وأسوأ، وميزانيتنا مقارنة بميزانية بقية المؤسسات يمكن أن تساوي ميزانية قسم في وزارة أو قسم في أية مؤسسة أخرى، ولكنهم يعاملوننا بذات المستوى، وخفضوا بذات التخفيض الذي حدث في كل الميزانيات وحتى الذي أجازوه لم نتسلم منه إلا (35%) تقريباً أو (40%)، ونحن نسيّر الحال بهذه الطريقة.
} ألا توجد اشتراكات من الأحزاب السياسية؟
– أبداً.. أبداً.
} ولا رسوم التسجيل؟
– رسوم التسجيل تذهب إلى وزارة المالية طبعاً، وبشكل مباشر عبر أورنيك (15).
} ألا توجد لديكم أية ميزانيات مجنبة؟
– (ضحك).. مافي أي طريقة.. أورنيك (15)، ومباشرة إلى وزارة المالية، وهناك رسوم التسجيل خمسة جنيهات، وهناك رسوم اطلاع اعتقد أنها عشرين جنيهاً إذا كان أي حزب أو أي شخص يريد أن يطلع على أي مستندات، ولكن هذه تذهب مباشرة إلى وزارة المالية، واعتقد أن وزارة المالية تضع للمجلس ربطاً في الميزانية وتلزمه بأن يحققه، ونحن غير ملزمين بذلك الربط، وما يأتينا نحصله بأورنيك (15) ونورده للخزينة العامة.
} هل ترى أن هناك قضية مهمة لم نتطرق إليها أو إذا لديك أية كلمة أخيرة؟
– أريد أن أقول لكل الإعلام والصحافيين إن أبوابنا مفتوحة تماماً وقلوبنا مفتوحة لكم، وإذا وجدنا الوقت نفكر في نهاية كل ثلاثة أشهر أن نعقد مؤتمراً صحافياً، وهذا مخطط له ويكون في المركز السوداني للخدمات الصحفية أو في وكالة السودان للأنباء، وأرجو أن لا يعتقد إخواننا الصحافيين أننا لا نرحب بالصحافة وكذا، بل بالعكس نعتقد أن الصحافة جزء أساسي، ونحن لدينا أمانة للإعلام، وبالتنسيق معها يمكن أن يصل الناس إلى شيء يمكن أن يقدم، وأنا أشكرك على هذه المبادرة، ويمكن هذه هي المرة الأولى التي أجلس فيها لأتحدث إلى صحافي أو صحيفة.. وعودنا الصحافيون في بعض المرات أن يدخلوا رؤاهم في وسط الكلام، ونحن نسأل الله أن تكون هناك شفافية وأن ينزل الموضوع بذات الكلمات.