تحقيقات

(المجهر) تكشف انهيار التعليم في (كردفان)

يواجه التعليم في السودان مصاعب، وترزح العملية التعليمية تحت وطأة الإهمال.. ولا نصيب للتعليم والصحة في السودان إلا أقل من (10%) من الميزانية العامة التي يذهب (70%) منها للأمن والدفاع، لدرء خطر (التمردات) الماثلة و(التمردات) المحتملة، والقطاع السيادي في الدولة من خارجية وعدل وقضاء ووزراء، ووزراء دولة وجهاز حكومي مترهل.. وإذا كان د.«عوض أحمد الجاز» وزير النفط قد ذكر في حديثه لصحيفة (المجهر) الأسبوع الماضي، أن أنتاج البترول بلغ الآن (130) ألف برميل في اليوم، فإن براميل النفط تذهب بعيداً عن مناطق الإنتاج، التي تحصد الإهمال وتزرع الفقر.. وولاية مثل جنوب كردفان تنتج كل بترول السودان، ويجلس طلاب مرحلة الأساس على الصخور الصماء، لتلقي العلم وتحت ظلال أشجار (النيم)..
وكاميرا (المجهر) التي صوبت عدستها في محلية (القوز) بولاية جنوب (كردفان) لواقع التعليم، تضع أمام القراء مشاهد لمدارس عريقة تم افتتاحها منذ الخمسينيات، بيد أنها سقطت على الأرض ونهضت (رواكيب) من العشب الجاف مكانها، وهي مدارس تجري من تحتها أنابيب البترول.. ولا تكف الحكومة عن الحديث عن التنمية وثورة التعليم، ولكنها تغمض عينيها عن ما تكشفه كاميرا (المجهر) في زيارتها لثلاث مناطق بمحلية (القوز).. (الدبيبات) رئاسة المحلية.. و(مناقو)، حيث حصد المؤتمر الوطني أعلى الأصوات.. و(أم كشواية) التي لا يزال التلميذ والتلميذة فيها يتقاسمان صخوراً تأتي بها إدارة المدرسة من جبل (الفينقر)، لا لتشييد المدرسة ولكن ليجلس عليها التلاميذ، وهؤلاء نصيبهم حجر لكل تلميذ، بينما آخرون في الوطن شعارهم مقعد لكل تلميذ!.
طلاب بلا حقوق
مدرسة (السنجكاية) التي تأسست عام 1947م، السبورة مربوطة على جزع شجرة بحبل.. وعدد الطلاب في الفصل الأول (70) طالباً.. وفي الفصل الثامن (28) طالباً.. ما بين الرقمين هم الفاقد المتسرب يذهب بعضهم للتمرد وللعمالة الرخيصة.. ولرصيف (العطالة) وللزراعة والرعي التقليدي.. إنهم طلاب بلا حقوق.
مدرسة (أم كشواية) يرفرف فوق أشجار العرد علم السودان خفاقاً بين الأمم، ولكنها تنتظر منذ سبع سنوات وضع طوبة واحدة كحجر أساس. وطلاب هذه المدرسة يتوقون لدخول جامعة الخرطوم وحكم السودان.. وأن يصبحوا أطباء ومهندسين.
تحت ظل (النيم) وارف الظلال، تدرس تلميذات مدرسة (الدبيبات) للأساس.. الحجارة التي تحت الشجرة هي مقاعد لتلميذات الصف الخامس.. أكثر ما يثير غضب المعلمات، أن الحيوانات الضالة طريقها، تشارك التلميذات في بعض الأحيان ظل الشجرة.
مدرسة (الدبيبات) الابتدائية تأسست عام 1956 كمدرسة أولية من أربعة فصول، وفي عام 1973 أضيف إليها فصلان خامسة وسادسة.. سقطت المدرسة على الأرض وذهب (الزنكي) لجهة غير معلومة . وبقيت الأطلال مثل المباني الأثرية.. تخرج في هذه المدرسة العريقة عشرات الأطباء والصيادلة والمهندسين لكنهم تركوها.. تنتظر نصيبها من الإصلاح.. وجه الرئيس «عمر البشير» بصيانة جميع مدارس المحلية في عام 1995م وحتى اللحظة لم يشهد توجيه الرئيس تنفيذاً، وحينما زارها «عبد العزيز الحلو» مع «أحمد هارون» قبل الحرب الأخيرة، بدا على «الحلو» الأسف والحسرة وقال: (هؤلاء دفعوا ثمن الحرب..) وفي الانتخابات الأخيرة شملتها الدعاية الانتخابية وحالها كما الصورة.
وينحت أهالي قرية (الفينقر) الصخر ليجعلونه مقعداً للتلاميذ.
في مدرسة (الحاجز) للأساس بنين، نصيب التلاميذ عريشة من القصب (كرنك) متهالك.. ربما لوجود المعتمد «محي الدين التوم» أثر في تشييد (الكرنك) لطلاب المدرسة.. والحاجز ، تخرج من أحضانها بروفيسور «حامد البشير»، مبعوث الأمم المتحدة الحالي في إريتريا.. ود. «غانم إدريس عبد السلام» المقيم في كندا والعميد «عبد الله عبد الصمد» واللواء شرطة «إبراهيم أحمد حسين» والمهندس «آدم مالك» بشركة سكر النيل الأبيض و»ياسر مختار» بمكتب والي جنوب كردفان.. ونائب رئيس المؤتمر الوطني «صلاح حسن القناوي» فشبعت (الحاجز) في الألقاب والوظائف ولكن هذه مدارسها.
مدرسة (مناقو) المختلطة تأسست عام 1991، ونهض سكان القرية بأعباء الطوب، ولكنهم فشلوا في الحصول على (الزنك).. المدرسة يتقاسم فصولها التلاميذ والأغنام والحمير، وأيضاً تجرى من تحتها أنابيب البترول.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية