حوارات

(المجهر) في حوار قضايا الساعة مع والي جنوب كردفان «آدم الفكي» (2-2)

تكتسب ولاية جنوب كردفان أهمية بالغة في حلقة الصراع الذي يدور بين الحكومة والجبهة الثورية، وربما كانت هي أكثر الولايات تأثراً بالعمليات العسكرية في الآونة الأخيرة.. وهو الأمر الذي جعل المهندس “آدم الفكي محمد الطيب” يرث تركة ثقيلة بعد مولانا “أحمد هارون” مكلفاً بمهمة إدارة الولاية المحتقنة. الذي وتقول سيرة «الفكي» الشخصية إنه من مواليد ذات الولاية، ودرس متنقلاً بين مدن البلاد المختلفة حتى أكمل دراسته الجامعية في المملكة العربية السعودية.
إستراتيجية واضحة للتعايش ورتق النسيج الاجتماعي والسلام الداخلي للولاية، يبدو أنها حزمة مواضيع تؤرق بال الوالي الجديد الذي تقلد منصبه خلال شهر رمضان الماضي.. (المجهر) التقت بوالي جنوب كردفان وأجلسته على منضدة حوار تطرق فيه إلى قضايا السلام والأمن والنزوح بالولاية.. وأظهر خلاله معرفة دقيقة بشؤون ولايته وإن كان قد أبدى غضبه حول بعض القضايا التي أثرناها معه، إلا أنه رد عليها.. فإلى مضابط ما خرجنا به من حوارنا مع والي جنوب كردفان.

{ السيد الوالي منذ تكليفك أصدرت عدداً من القرارات وأثارت ردود فعل منها إطلاق سراح النساء المعتقلات ومنسوبي الحركة الشعبية قطاع الشمال والتزامك الأخير بإعادة المفصولين لأسباب سياسية.. هل من الممكن أن تكون هذه ملامح حقبة جديدة؟
– نحن لا نتكلم عن حقب، لأن الإنقاذ حلقات متواصلة، نحن كلنا في الإنقاذ ننفذ برامج المؤتمر الوطني.. وأعتقد أن لكل مقام مقال.. وفي البدء نشكر أخانا مولانا “أحمد هارون” بعد (الكتمة) والموقف البطولي الذي وقفه ضد التمرد ووقوف أهل السودان جميعهم مع ولاية جنوب كردفان في خندق واحد، وهو الأمر الذي أدى إلى امتصاص هذه الفترة الحرجة، ولولا وجود مولانا “أحمد هارون” والتضحيات الكبيرة والشجاعة ومواقفه القوية لكان الحال تغير كثيراً، ولكان تمدد الحركة الشعبية أكبر من ذلك بكثير، وهذه الحلقة استطاع أن يؤمنها.. وجاءت مرحلة ثانية، هي مرحلة المهاجمة بالصواريخ ومرحلة قطع الطرق ومهاجمة المدن وما كانت تقوم به الحركة الشعبية بجنوب كردفان، لكن مولانا “أحمد هارون” تصدى لذلك بصبر وجلد وهمة عالية جداً، وأنقذ ولاية كردفان بصورة خاصة والسودان عامة من قضايا كثيرة جداً كان من الممكن أن تمس الناس.. ثم جاءت حلقة (أبو كرشولا) ووقف الأخ “أحمد هارون” وقفة قوية جداً وتصدى ومن معه بفضل الله سبحانه وتعالى للعدوان، وهذا أيضاً أبعد شبحاً كبيراً جداً عن ولاية جنوب كردفان والسودان عموماً، وهذه حقبة حقيقة تحتاج لهذه الوقفة.. له منا الشكر والتقدير، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون كل ما بذله في ميزان حسناته.. نحن جينا لحقبة جديدة.
المعلومات المتوفرة لدينا أن دخول الجبهة الثورية لولاية جنوب كردفان وانتشارها داخل الولاية إذا لم نعمل حقبة جديدة ونمكّن السلام داخل الولاية فإننا سنمكن الجبهة الثورية أن تعمل بعض العمل العدائي والاستقطابي لأهلنا في ولاية جنوب كردفان.. الجبهة الثورية الآن موجودة ومنتشرة، والحركة الشعبية الآن موجودة وتحتل جزءاً من ولاية جنوب كردفان وتعمل أعمالاً كثيرة للترغيب، ورأينا أن (نفتح ضوء) للناس الموجودين هنا، وفتحنا هذه النافذة حتى نستطيع بمبادرة السلام الفصل بين أجندة الجبهة الثورية والأجندة الخاصة بجنوب كردفان.. عشان كدا نحن ما بنقول حقبة خاصة، لكن نقول فتحنا نافذة حتى نستطيع إخراج أهلنا في جنوب كردفان من أجندة الجبهة الثورية ووضعهم في الطريق الصحيح.
{ هل المسألة كلية.. يعني هل الآن الدولة لديها سياسات كلية تتجه نحو السلام؟
– أنا والٍ لجنوب كردفان، والدولة فيها رئيس الجمهورية، وعندهم التفاصيل الموجودة وكل زول يتولى حاجة في الإطار العام الناس متفقين عليه، لكن في الإطار الداخلي كل شخص في مكانه يجتهد حتى يخدم الإطار العام.. والإطار العام بتاع الدولة كما قال رئيس الجمهورية في أكثر من موقع، هو قضية السلام، وهو محور أساسي من محاور الدولة، ونحن جينا لولاية جديدة.. فما الذي نستطيع تقديمه.. في تقديرنا أن قضية السلام من الداخل، وعودة ناس من التمرد ودمجهم في المجتمع ورتق النسيج الاجتماعي كلها تساهم في الإطار العام، في أن الدولة تريد السلام.
{ لكن الدولة في أكثر من مرة قالت إنها لن تفاوض تلك الحركات؟
– قالت لا تفاوض ولكنها لم تقل لا سلام.. نحن لازم نفرق بين حاجتين.. الدولة أصلاً قالت إنها لا تفاوض قطاع الشمال لكن هل الدولة قالت لا سلام؟!
{ هل من الممكن أن يتحقق السلام بدون التفاوض مع قطاع الشمال؟
– دعوني أكمل حديثي.. كل الإطار الآن بتاع الدولة يتحدث عن أنها تقف مع قضية السلام وأجندة السلام، وقولها إنه لا تفاوض ولا.. ولا.. أنا اللاءات دي بتذكرها، لكن الإطار الكبير أن السودان مع السلام، ونحن في الإطار الكبير سنعمل على تحقيق السلام في ولاية جنوب كردفان.
{ نعود لسؤالنا السابق.. هل من الممكن أن يتحقق السلام من غير تفاوض مع قطاع الشمال؟
– السلام ذاتو كم نوع.. أنا بتكلم عن السلام من الداخل، أنا الآن بتكلم عن مجموعة من الناس موجودين في الحركة ما قادرين يأكلوا ولا يشربوا، وديل إذا قدرنا أن نأتي بهم وأصبحوا مواطنين صالحين، هذا سيسهل قضية السلام.. لكن المسؤولية الفردية التي تقع علينا نحن، أنا الآن غير مسؤول عن “ياسر عرمان”.. ناس (كاودا) وأم دورين ديل ناسي، وأنا والي عليهم هم.. ومسؤوليتي تقتضي إنو هؤلاء الناس الموجودين في مناطق التمرد نحاول أن نأتي بهم وبأية طريقة وأن يكونوا مواطنين صالحين موجودين، ودي مسؤوليتي أنا.. ويبقى بعد ذلك إذا تم السلام من الداخل والناس في الولاية كلهم أتوا وتوحدوا فماذا سيبقى للحركة الشعبية بعد ذلك في جنوب كردفان؟!
{ إستراتيجيتك للسلام شنو.. سبق أن قلت إنك تدعم التفاوض والسلام ولكنك جئت بعد ذلك وقلت إنك قادر على كسر شوكة التمرد؟
– أنا لم أقل أي حديث من هذا النوع.. وفي تقديري أن العمليات العسكرية هي مسؤولية القوات المسلحة، والقوات النظامية الأخرى هي التي تضع الخطة وهي التي تنفذ.. نحن كجهة سياسية مهمتنا نعمل سند للقوات المسلحة في إطار مهمتها الأمنية الموجودة في جنوب كردفان.. أما كيف تحارب وخلافو دي مسؤوليتها هي.. أنا مسؤول سياسي ولم أتدرب عسكرياً ولا أعرف عن العسكرية حاجة، فكيف أتحدث عن قضايا ما عندي بيها علاقة، لكن مهمتي دعم كل المجهود الحربي، والجهة المناط بيها العمليات العسكرية هي القوات المسلحة.
{ إذن نريد سيدي الوالي أن توضح لنا إستراتيجيتك بكلمات واضحة ومحددة وصريحة للتعامل مع قطاع الشمال.. هل هي إستراتيجية مبنية على الحرب والاقتتال و……
– مقاطعة.. أول حاجة أنا بختلف معاك في سؤالك ده.. أنا ما مسؤول من قطاع الشمال.. قطاع الشمال دا مسؤولية الحكومة المركزية.. والتفاوض معني بيهو “إبراهيم غندور” عبر المركز.. وأنا بتكلم عن قضية داخلية في إطار المسؤولية الداخلية، وفي إطار مسؤوليتي أنا مسؤول عن السلام من الداخل، عن المستضعفين من النساء والولدان والما قادرين يأكلوا ولا يشربوا.. أنا مسؤول عن توحيد الجبهة الداخلية كلها في إطار السلام، وعن بناء النسيج الاجتماعي في إطار السلام.. أما ما يتعلق بالتفاوض مع قطاع الشمال دا ما مسؤوليتي أنا.
{ لكن أيضاً سيدي الوالي أنت مسؤول عن الآثار الناجمة عن العمليات العسكرية التي تقوم بها الجبهة الثورية داخل ولايتك؟
– لا، العمليات العسكرية المسؤولة منها القوات المسلحة.
{ أنا أتكلم عن الحالات الإنسانية؟
– الحالات الإنسانية والأمن العام دي مسؤوليتنا، أما العمليات العسكرية دي مسؤولية القوات المسلحة.
{ السيد الوالي أنتم مع الحركة الشعبية في حالة صراع و…
– مقاطعة.. نحن منو..؟!
{ الحكومة؟
– الحكومة دي تلاتة أنواع عشان نحن ما نمشي في اتجاه آخر، في حكومة في المركز، وفي حكومة في الولاية، وفي حكومة في المحلية، والدستور والقانون فصل مهام كل ولاية، في ناس مسؤولين من القضايا القومية، ونحن في الولاية مسؤولين من القضايا الأمنية لكن تنفيذها عملياً لدى المركز.. لأنو أنا ما من مسؤوليتي أقول الدبابة دي حركوها من هنا، والجيش ده حركوه من هنا، ولا أقول ليهم أضربوا قطاع الشمال.. دي ما مهمتي.
{ أنت كقيادي بالمؤتمر الوطني سواء في الخرطوم أو كادوقلي؟
– لا.. ليس صحيحاً.. في المكتب القيادي للمؤتمر الوطني على مستوى السودان وتمشي عليّ أنا في جنوب كردفان إذا هو لديه رؤية للتفاوض أو غيرها.. أنا في الولاية إذا لديّ رؤية مخالفة لا أخالف قيادة المؤتمر الوطني، وأنا رؤيتي على مستوى الولاية تمشي على مستوى المحلية.. لا يمكن أتجاوز وأتفاوض باسم المؤتمر الوطني.
{ لا نحن لم نقل تتفاوض؟
– وأنا أيضاً لا أتكلم عن التفاوض، ولكن أتحدث عن الأجندة العامة بتاعة الناس.
{ المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يتصارعان حول المواطنين؟
– لا.. كلامك ما صحيح.. كيف نتصارع حول المواطنين؟!
{ إذن حول ماذا الصراع بينكم والحركة الشعبية؟
– نحن عشان ما نشعب القضية.. هل كل الأجندة التي وردت في التفاوض فيها صراع حول المواطنين؟ لم يرد شيء حول هذا الأمر.
{ أي حدث إيجابي أو سلبي يمس إنسان الولاية أو نزوح أو حالات إنسانية تحدث نتيجة للعمليات العسكرية للجبهة الثورية تندرج تحت مسؤوليتك المباشرة؟
– لا أنا ما مسؤول منها.. مسؤولة منها القوات المسلحة، والقوات المسلحة هي الجهة المسؤولة من العمليات العسكرية على مستوى السودان.. أنا ما عندي مقدرة أحرك طيارة أو كتيبة لأي مكان.
{ نحن لا نتكلم عن العمليات العسكرية سيدي الوالي ولكننا نتكلم عن الحالات الإنسانية؟
– أنا من ما جيت مافي عمليات عسكرية تمت، نحن لم نهجم عليهم ولم يهجموا هم علينا.
{ ألم يحدث هجوم على الدلنج؟
– منذ قدومي لا توجد أية عمليات عسكرية.. وما تم كان هجوماً على مجموعة تناكر.. نحن في تقدرينا أن العمل العسكري والهجوم على أي حاجة دي مسؤولية القوات المسلحة، ونحن كسياسيين مهمتنا ندافع ونساند وندعم سياسياً ومعنوياً مع القوات المسلحة، لأن الوالي في أية ولاية ليس لديه الحق في تحريك أي فصيل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية