وانطلق العام الدراسي!!
يبدأ اليوم العام الدراسي بمدارس ولاية الخرطوم، وهو عام نسأل الله أن يأتي بالتوفيق للأبناء التلاميذ بمرحلتي الأساس والثانوي. والتعليم الآن أصبح أحد هموم جميع الأسر، ففي الماضي ذهب التلميذ المدرسة أو لم يذهب لم يشكل كثير عناء للأسرة، ولكن اليوم أصبح التعليم هاجساً يؤرق جميع الأسر، فالتعليم الحكومي الذي كان في وقت من الأوقات له شنة ورنة أصبح الآن طارداً بالنسبة للأسر، فكل الأسر ترغب أن يتخرج ابنها طبيباً أو مهندساً في أي مجال من مجالات الهندسة، أو صيدلانياً، أو متخصصاً في مجال الكمبيوتر أوغيره من التخصصات الحديثة التي ترغب الأسر في إلحاق أبنائها بها. واليوم هو أول أيام العام الدراسي، فقد أنهكت الأسر بمستلزمات تلاميذها من الكتب والكراسات والملابس التي طارت (السما) في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، فالتاجر يعد افتتاح المدارس بالنسبة له (مولد)، فكل التجار يتفقون على سعر واحد خاصة في الملابس والكتب والكراسات، فالموبايلات أصبحت اللغة المشتركة بين كل التجار، فتجار سوق “ليبيا” وسوق “أم دفسو” واحد، فإشارة واحدة من سوق ليبيا تعمم لكل الأسواق، ولذلك عانت الأسر من ارتفاع مستلزمات المدارس ولا أحد يستطيع أن يوقف غلاء الأسعار، فكل جهة ترمي اللوم على الجهة الأخرى، فالمدارس الخاصة رغم أن الكتب والكراسات والملابس تمنح مجانياً، ولكنها تضاف إلى الفاتورة الباهظة التكاليف، حدثني والد ثلاثة تلاميذ بمدرسة خاصة يدفع سنوياً ما يقارب الأربعين ألف جنيه سوداني (أربعين مليوناً) بالقديم، والتلاميذ مازالوا بمرحلة الأساس، لا ندري كم ستكون مصاريفهم الدراسية إذا التحقوا بجامعة “مأمون حميدة” في كليات الطب أو الهندسة التي يتجاوز الطالب في كل مرحلة منها العشرين ألف جنيه سنوياً، هذا بخلاف الداخلية والمصاريف الشهرية.
إن العملية التعليمية في السودان أصبحت مرهقة لا ندري كيف تتعامل معها الأسر إذا كان لها أكثر من تلميذ أو تلميذة، فالمدارس الحكومية التي كانت منارة التعليم أصبحت الآن طاردة للتلاميذ وأسرهم، وحتى المعلمين أصبحوا بلجأون إلى المدارس الخاصة التي تقدرهم وتجلهم بالمال الوفير.. ولكن رغماً عن ذلك لا ننسى مدارس حكومية ما زالت صامدة وتحدت إدارتها الصعاب، وظلت تقوم بدورها التعليمي والتربوي وتناسى مديرها مشاكلهم الخاصة وظل يقدمون أفضل ما عندهم لتتبوأ مدارسهم وتلاميذها المراتب العليا، ونحن دائماً ننحاز لمدرسة الرياض الثورة التي ظلت على الدوام بفضل إدارتها الحكيمة “الأستاذ أزهري محمد عمر” وطاقمه التعليمي المميز ظلوا سنوياً من ضمن المدارس الأوائل بالمحلية لعشرات السنين، فهؤلاء يحتاجون الوقفة والمساندة وأضعف الإيمان باللسان إن لم يكن بالمال، فقد خلق من المدرسة مؤسسة تعليمية رائدة سيذكرها ويذكره التاريخ في المستقبل، وكذلك المؤسسات التعليمية الحكومية الأخرى التي شمر مديروها عن سواعدهم ليكونوا في الصفوف المتقدمة، فلهم منا ألف تحية وهم مساهمون في تربية هذا الجيل من الأبناء.