خطة المائة يوم…عزوف الكبار يؤذن بالفشل
(مائة يوم لإسقاط الحكومة)..لم تخلُ مطبوعة صحافية تحمل تصريحاً من قوى المعارضة أو الحكومة على السواء خلال الأيام السابقة من الدوران حول المقولة التي دخلت إلى البلدان العربية عن طريق الرئيس المصري “محمد مرسي” الذي وعد شعبه بإجراء اصلاحات اقتصادية خلال مائة يوم… وهو الأمر الذي قابلته المعارضة المصرية وقتها بحالة من النقد الشديد بعد أن تتابعت الأيام ولم يحدث تغيير جدي على أرض الواقع.. ويبدو أن القوى السياسية بالسودان أعجبت بالمقولة إلى حدٍّ جعل د.”نافع علي نافع” يكشف للملأ أن المعارضة تسعى لإسقاط الحكومة عبر خطة المائة يوم… ولكن المعارضة بعد ذلك مضت إلى تفسير أن ما يقصدونه بالمائة يوم ليس إسقاط الحكومة القائمة بل تعبئة الجماهير تمهيداً للانتفاضة الشعبية…والأمر برمته بات متداولاً بكثافة ولا يخلو منه مجلس سياسي باعتبار أن تحديد هيكل زمني لإحداث تغيير سياسي لا يخلو من المبالغة وقراءة الراهن السياسي بكثير من الأماني التي يصعب تحقيقها على أرض الواقع.
مائة عام من العزلة..!!
الالتباس الذي رسخ في أذهان الناس من أن ثمة تغييرات كاملة ستطال عصب السلطة القائمة بخطة محكمة ترتب لها قوى المعارضة عبر خطة المائة يوم لإسقاط النظام جعل المؤتمر الوطني يسارع بالسخرية من قدرة المعارضة على إحداث التغيير، وقال إن الحكومة لن تسقطها هذه القوى ولو منحت مائة عام، استناداً على وعي الشعب السوداني الذي لن ينقاد لفاروق أبوعيسى ومن شايعه من المعارضين..
إن إسقاط الحزب الحاكم لن يتم إلا إذا اختار ذلك الشعب السوداني عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة، تحديد الفترة الزمنية ربما هو الأمر الذي أربك حسابات المعارضين والحكومة على السواء، ولكن الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي “يوسف حسين” لم يعوِّل كثيراً على ضرورة إسقاط النظام خلال فترة زمنية محددة، وقال إن تحديد مائة يوم لإسقاط الحكومة لا ينطوي على تقدير مبدئي، مشيراً في حديثه لـ(المجهر) أمس إلى أن المقصود بها تصعيد النضال السياسي الجماهيري ومراكمة العمل الثوري وتوحيد كل قوى المعارض لطرح تكتيكات وإستراتيجيات ووسائل لتغيير النظام وتعبئة الناس للانتفاضة الشعبية والعصيان المدني، وأضاف: (ولكن إن يحدث ذلك خلال فترة محددة ومعلومة فهذا ما يمكن اعتباره (تنجيم) وأن المتفق عليه في قوى المعارضة هو استنهاض الحركة الجماهيرية وتوحيد كل قوى المعارضة، وهذا شىء لا يمكن حسابه مثل دقة الساعة السويسرية، وأردف (المهم نعد العدة صاح)، وذات الأمر اتفق فيه معه “عبد الجليل الباشا” المتحدث باسم حزب الأمة القومي الذي أوضح أن المعارضة وضعت برنامجاً للتعبئة خلال (مائة يوم) من خلال ندوات تقام في العاصمة والأطراف، مؤكداً أن كل المعلومات التي تقول إن المعارضة تسعى لإسقاط النظام خلال مائة يوم بنيت على معلومات خاطئة وأن المائة يوم للتعبئة وليست لإسقاط النظام، مشيراً إلى أن اجتماعات كل اللجان احتضنها دار حزب الأمة القومي، معتبراً أن قوى المعارضة ليست بالغباء لتحديد مائة يوم لإسقاط النظام.
ما دفع به المتحدثين باسم حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي هو ذاته ما صدر عن “فاروق أبو عيسى” بيد أن ثمة أحاديث تسربت أمس ونقلتها الصحف بأن الدكتور “حسن عبد الله الترابي” زعيم المؤتمر الشعبي سخر من الخطة برمتها، وقال إن الحكومة وجدت معارضة ضعيفة وبلا سند جماهيري..وأظنه موقفاً يقترب من موقف زعيم حزب الأمة القومي الإمام “الصادق المهدي” الذي تراجع عن الخطة برمتها، وهو الأمر الذي جعل المعارضة تخرج عليه بتصريحات أن الخطة تم طبخها في داره، وهو ما يؤكده حديث الباشا لـ(المجهر) أمس من أن خطة (المائة يوم) احتضنتها دار حزب الأمة القومي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الأمة مؤسس للتحالف الوطني ويسعى وما يزال لإسقاط النظام….
تغريد خارج سرب المائة يوم..!!
انتقاد زعماء الحزببين الكبيرين (الصادق والترابي) لقوى المعارضة أمر ربما يجعل الخطة في مهب الريح، وقد تلقى المصير ذاته الذي وجدته خطة الرئيس المصري “محمد مرسي” الذي أوضحت الدراسات التي أجريت لاحقاً أنه لم ينفذ سوى خمسة أشياء فقط من جملة (64) وعد بها…بيد أن المتحدث باسم حزب الأمة مضى في التأكيد أن التحالف المعارض لديه برنامج واضح وهو البديل الديمقراطي، مقراً بوجود بعض المشاكل التي يعاني منها، إلا أنه أوضح أن ثمة ترتيبات جارية لإعادة هيكلته، بالإضافة إلى أخبار تحدثت أمس عن وجود تململ في أروقة الحزب الشيوعي من أن خروج “الصادق” أضعف الخطة برمتها، وأن الأحزاب الموجودة فيها ليس لها تاريخ ولامواقف …إلا أن المتحدث باسم الشيوعي “يوسف حسين” رفض تلك الأخبار ووصفها بالمفبركة التي تسعى إلى إضعاف المعارضة، مؤكداً أن الحزب الشيوعي كقلب رجل مع واحد مع المعارضة لإسقاط النظام.
حراك سياسي ساخن جداً…!!
رهان قوى المعارضة على إحداث حراك جماهيري لإسقاط الحكومة بعد المائة يوم…التي ستعمل فيها على أن تنضج فيها الأزمة الثورية بحسب الأدبيات الثورية الماركسية..ومن ثم الالتحام عبر صراع سياسي عنيف بين الجماهير التي تعول المعارضة على تحريكها بإقامة الندوات والتعبئة المباشرة آلياته تتمثل في الانتفاضة والعصيان المدني بحسب الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي “يوسف حسين”.. والرهان على وحدة الأحزاب المعارضة ووقوفها خلف رجل واحد تبدو أمنيات متبوعة بآليات قالت المعارضة إنها وضعتها عبر خطة المائة يوم….قد تزيد أو تنقص بحسب التغييرات السياسية الراهنة…مواجهات سياسية محتملة عبر عنها المؤتمر الوطنى بقوله على لسان أمين إعلامه “ياسر يوسف” بقوله إن خطة المائة يوم التي تم الإعلان عنها من قبل المعارضة ليست بالجديدة في حلقات التآمر، وتم تدبيرها قبل أكثر من عام بالعواصم الأوروبية من قبل بعض الدوائر الغربية والدول التي لها عداء مع السودان ومشروعه الوطني والإسلامي التحرري في محاولة لتجميع الحركات المسلحة مع بعض قوى الداخل من أجل إحداث التغيير وإسقاط النظام بالقوة العسكرية .
واتبع القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني الاستمرار في حملة التعبئة والاستنفار في المركز والولايات خاصة في قطاعات الشباب والطلاب والمرأة والعاملين، واستمرار العمل السياسي في مواجهة مخطط المعارضة، وفي جانب المعارضة قد تمضي هي الأخرى إلى تفعيل آلياتها التي تراهن عليها كثيراً في إحداث الحراك الجماهيري عبر عقد ندوات في مدن العاصمة الثلاث والجامعات بحسب ما صرح به “أبوعيسى”..إذن فإن ثمة حراك محمود محتمل في أروقة المعارضة القصد منه (نفخ) رياح عاتية لتحريك الجماهير وتعبئتها، يتوقع أن تقابلها رياح مضادة من الحزب الحاكم تسعى إلى إبطال مفعول ما قد تأتي به المعارضة….وما بين هذا وذاك يضع المراقبون في حساباتهم وصف “الترابي” لهم بالضعف..وما بين ما ختم به المتحدث باسم الحزب الشيوعي “يوسف حسين” حديثه بأن النظام الآن يعاني من أزمات مستفحلة ومتراكمة، يبقى التعويل على قدرة الطرفين على قراءة المشهد السياسي بواقعية وبعيداً عن الأمنيات والأحلام التي لا مكان لها على أرض الواقع…وثمة قائل إن (المائة يوم) في تاريخ الشعوب ليست ببعيدة….فلننتظر.