من وحي الأخبار

الناس معصورة !

قال الرئيس “البشير” أمام اجتماعات مجلس شورى الحزب الحاكم، إن الحزب يحتاج إلى أن يكون حزباً فاعلاً بين القواعد، وبدا لي وكأن الرئيس يعتزم (عصر) ذراعه السياسي فإما حزب يملأ العين ويغيظ العدو أو لا حزب، وهذا الصحيح، إذ من الحقائق أن المؤتمر الوطني كيان كلما صعدت فيه إلى أعلى تجد مؤسسات وقيادات، وكلما اتجهت للأدنى اكتشفت أن لا أحد أو محض هياكل صورية في المحليات وقواعد شعب الأساس! ولو أن “البشير” أراد حزباً يسد الفراغات ويتحرك بين الناس فإن هناك ثمة أكثر من شاغل وشواغل حقيق بالناس الاهتمام بها، ما كل احتياج المواطنين (سياسة) وثمة ضرورات للاتجاه إلى حزب يركز على الخدمات والهموم الفكرية والأنشطة الاجتماعية، في ظل ظروف اقتصادية وتحولات وأحوال جد عصيبة لم يعد معها لمواطن قدرة على استملاح جدل السياسة وعقم تجاربها، ما اختبر وما هو في طور الاختبار.
الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني وفي ذروة نقاشاتهم وثرثراتهم عن  الديمقراطية والسلام يغضون الطرف عن استمرار عملية سحق عظام الفقراء بارتفاع الأسعار التي طالت كل شيء، من تعريفة النقل إلى أسعار الخبز والسكر والدقيق والزيت حتى صار البعض من كرام المواطنين لا يستطيع مواصلة العيش وفق الأسعار الجديدة المفروضة، في ظل غياب كامل للدولة عن الضبط أو على الأقل استحداث معالجات أخرى  خاصة مع استمرار البرنامج الثلاثي الذي ظل كل مرة يلد برنامجاً آخر فانتقل إلى الخماسي حتى صار مثل السلم الموسيقي! وجموع المساكين لن يأكلون شعارات وقصاصات ونظريات ولافتات المؤتمرات العامة للأحزاب فكل ذلك (كلام فارغ) يصير بلا معنى، طالما أن الحرية مغيبة في كل التنظيمات والقرارات محتكرة والكيانات والتواقيع صورية .
المساكين  لا تعنيهم حريات الهجاء وبيع الوطن والذمم ولا تغني عنهم ديمقراطية الهتافات في القاعات، لكنهم يسعون لحكومة تخدمهم في التعليم والصحة والأمن وبعدها فليحكم من شاء في حزبه بما شاء.
إن المواطنين يئنون ورغم الوفرة فإن أي سلعة في السوق ارتفع ثمنها فجأة كل السلع، والحصول على وجبة (سخينة) صار مشكلة ومعضلة، لأن الزيت والبصل ارتفعت أسعارهما ناهيك عن الخبر الذي صار أهل المخابز ينهبون المشترين قبل الشراء، هذه هي هموم القواعد سيدي الرئيس وإن كان للمؤتمر الوطني عزم على أن يكون تنظيماً ملتصقاً بالناس وقريباً منهم، فليعش تلك الهموم ويتحسس لها الحلول وهذا يتطلب أن تنزل القيادات الاقتصادية والسياسية من أبراجها العاجية وأن تخالط الشعب، لأنهم إن فعلوا ذلك لأحسنوا في كثير وأوجدوا تقديرات صحيحة وقرارات أصح، وكذلك فإن نزول رجال الصف الأول بالحزب والحكومة للأحياء والحارات سيوجد آخر الأمر حزباً حقيقياً وفاعلاً قاعدته وأساسه صلب ومحترم، وليس حزباً رغم الإرث الكبير له والإمكانيات والخبرات فإنه في الأحياء محض لافتات على دور بعض المقار ولا يتحرك أو تتحرك لجانه، إلا في موسم الانتخابات أو المؤتمرات العامة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية