بأي ذنب أُوقفت؟!!
في سبعينيات القرن الماضي كان العشاق من الطلبة بمدينة الثورة ينتظرون المحبوبة من طالبات المرحلة الوسطى على مدخل مدينة الثورة، إذ كانت هناك العديد من المدارس، مدارس المهدية أو الثورة بنات ومدارس كرري والفنية والعديد من المدارس التي تكتظ بها المنطقة، كان العشاق من الطلبة ينتظرون الحبيبة على ظل شجرة وارفة الأوراق، كانوا يتناجون ويتسامرون ويكثر عدد الأحبة تحت ظل تلك الشجرة، لكن صاحب المنزل وصاحب الشجرة لم يعجبه الحال فاتخذ قراره بليل وقام بقطع الشجرة من جذورها، وعندما عاد الأحبة في اليوم التالي ووجدوا الشجرة التي كانوا يستظلون بها ويقابلون فيها الحبيبة قد قطعت ما كان منهم إلا أن كتبوا على جدران منزل صاحب الشجرة (فإذا الشجرة سُئلت بأي ذنب قطعت).. تحضرني تلك العبارة وأعود لأيام خلت وها هي محبوبتك (المجهر) أيها القارئ الكريم كما الشجرة قد أوقفت دون أي ذنب، فقد أوقفت قسراً ودون حيثيات ودون محاكمة ودون الاستماع إلى قضية الدفاع، بينما استمع القاضي إلى قضية الاتهام وأغلقها وأصدر حكمه بإيقافها لمدة أسبوعين، كانت مفاجأة وصدمة لكل من أحب هذه الصحيفة التي كانت له العون والذات والمتنفس، لقد آثرنا على أنفسنا أن تكون هذه الصحيفة العين التي يرى بها القارئ والحكومة والوزير، لكن يبدو أن هناك من لا يريدون معرفة الحقيقة، والحقيقة دائماً مُرة ويصعب على المرء أن يتجرعها، ولكن الدواء المر فيه الشفاء، ما تقدمه الصحيفة من نقد فيه شفاء لكثير من العلل التي نعاني منها.. فنحن الأكثر وطنية والأكثر محبة لهذا الوطن ولمن فيه، لذلك قلبنا على الوطن أكثر من الأشخاص فهم زائلون ولكن الوطن هو الباقي، لذلك اتخذنا منهجنا أن نقف مع الوطن، هذا الوطن أكثر من خمسين عاماً وقواتنا تدافع عن مقدساته نحن لها السند والعضد ولم نكن في يوم من الأيام مخذلين لها ومسبطين لهممها.. عندما اعتدى المعتدون الغاشمون على مدينتي (أم روابة) و(أبو كرشولا) كنا الوحيدين داخل المعركة في (أبو كرشولا)، فمراسلنا أول من نبه إلى دخول ما تسمى بـ(الحركة الثورية) إلى (أبو كرشولا) وقتلوا النساء والأطفال والعجزة وعاثوا فيها فساداً، كان مراسلنا ينقل الحدث أولاً بأول حينما كانت الأنظار والصحف تتجه إلى مدينة (أم روابة)، لقد اكتشفنا انتهاكات ما يسمى بـ(الحركة الثورية)، لذا لم نكن خونة لتراب هذا الوطن ولا لقواته المسلحة، ولكن لي عنق الحقيقة ونقل الوشايات الكاذبة كانت سبباً في غيابنا عن ممارسة دورنا الطليعي والحقيقي في الساحة الصحفية.
لقد افتقدناك أيها القارئ العزيز كما افتقدتنا مع كوب الشاي مع الصباح، لقد كانت رسائلكم النصية واتصالاتكم المتكررة هي الزاد والعون والثبات واليقين بالنسبة لنا. إن لي عنق الحقيقة والاستماع إلى الواشين لن يقدم الوطن ولن يحل عقدته بقدر ما يأزم الأمر، فالنجاح له أعداء وسيظل الأعداء يتربصون ولكن الناجح دائماً لن ينظر إلى المسبطين للهمم ولن يقف عند بابهم كثيراً بل يتجاوزهم، كما يتجاوز التاريخ كثيراً من القضايا، فنحن إلى جوار هذا القارئ الذي منحنا الثقة والتفوق، بل جعل هذا النجاح مساعد رئيس الجمهورية يعلن على الهواء الطلق في احتفال الصحيفة بعامها الأول وتنقل حديثه الفضائيات أن العاملين بصحيفة (المجهر السياسي) كلهم وطنيون، فلم نكن في يوم من الأيام غير ذلك نعشق تراب هذا الوطن حتى الثمالة، لن يستطيع أحد مهما كان أن يغير وجهتنا. أحد المسؤولين حينما كان يتحدث معي عن الدور الوطني الذي لعبته الصحيفة قال لي لقد لعبته بالزيادة وهذا مسؤول رفيع آخر.
أيها القارئ الكريم ها هي صحيفتك عادت إليك إن شاء الله أكثر قوة وثباتاً، شكراً لوقفتك وسؤالك المتواصل عنا.