موت ولد ولا خراب بلد!
كثير من الحوادث إذا لم تستخدم فيها الحكمة تؤدي إلى ضياع الأوطان، وأذكر أن الدكتور “أحمد بابكر نهار” رئيس حزب الأمة الفيدرالي أن نجله قد تعرض إلى حادث حركة بالخرطوم، وحينما أراد إسعاف المصاب وهو من الأخوة الجنوبيين قبل الانفصال هجمت عليه مجموعة منهم وضربته بالطوب فتهشم وجهه وضاعت كل ملامحه، وعندما أخبر الدكتور “نهار” أن ولده قد تعرض إلى الضرب من قبل مجموعة من الجنوبيين وتوفي وهو الآن بالمشرحة.. قال لي عندما نظرت إليه لم أجد أي معلم يدل على أن المتوفى هو ابني نظراً لضياع ملامحه، السيد الوزير تمالك أعصابه وكتم على نفسه وقال قولته الشهيرة لو استخدمها أي جهة أو شخص لما وصلنا للذي وصلنا إليه الآن في جنوب كردفان أو النيل الأزرق أو حتى دخول المتمردين أم روابة وأبوكرشولة، قال السيد الوزير (ضياع ولد ولا خراب بلد) يا لها من حكمة لم تؤت لكل الناس لو استخدمها الجيش الشعبي قطاع الشمال لما دخل “أبوكرشولا” وقتل العزل والضعفاء من النساء والأطفال والعجزة، لو استخدمها الجيش الشعبي لما جعل جنوب كردفان منطقة حرب مستمرة لو استخدمتها الحركة الشعبية وقطاع الطرق بمناطق دارفور لما سلبوا المواطنين ممتلكاتهم وأرواحهم ولو استخدمها ذلك التمرد الذي دخل “أبوكرشولا” واستل سكينته أو ساطوره وذبح الجزار وقطعه قطعة، قطعة كما تقطع البهيمة. إن الحكمة لم تؤت لكل الناس فمن أوتي الحكمة فقد أوتي كل شيء ولكن أين هم الذين يعطيهم المولى عز وجل الحكمة ليجنبوا البلاد والعباد هذا الدمار والخراب.
إن الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي بمنطقة أبيي وقتل فيها سلطان دينكا نقوك “كوال دينق مجوك” كما قتلت أيضاً مجموعة من المسيرية أن تلك الأحداث إذا لم تستخدم فيها الحكمة قد تعيدنا إلى المربع الأول مربع الحرب الذي قضى على الأخضر واليابس لخمسين عاماً فقدنا فيها خيرة أبناء الشعب السوداني شمالاً وجنوباً وراح ضحيتها العلماء والوزراء والأدباء والشباب ولو استخدمت الحكمة لانطفأت النار وهي في مرحلة الرماد قبل أن يتطاير شررها، ولكن لم يكن هناك حكم مات نفر من هنا فلابد أن يموت كل الناس، وهذا ليس بمنطق فما ذنب أولئك الأبرياء الذين لم يدخلوا الحرب ولم يعرفوا فنون قتالها.. كانوا آمنين في قراهم فحصدتهم الآليات العسكرية ومن ثم تطورت الحرب حتى عمت كل المناطق، فكلما خمدت النيران في منطقة اشتعلت في منطقة أخرى والخاسر هو إنسان هذا الوطن الذي استخدمته جهات من أجل حفنة من الدولارات لتحقيق مقاصدها ومآربها، ولو استخدم هذا الشخص الحكمة لما قتل بني جلدته.. ولكن غاب العقل وغابت عنه الحكمة ولذلك ظل يستجيب لأوامر السادة الذين يدفعون من أجل استمرار الحرب ومن أجل استمرار نزيف الدم، فأولئك لو عادوا إلى عقولهم لاكتشفوا أنهم ينفذون طلبات غيرهم وحتى الدولارات التي تمنح لهم في ظل الوطن الآمن المستقر.. يمكن أن يحصلوا على أكثر منها.. هنا أعتقد أن رئيس حكومة الجنوب قد حكم عقله ولم يتعامل بردود الفعل في مقتل السلطان “كوال دينق مجوك” من أجل الاستقرار والتنمية فمقتل سلطان ولا ضياع الأوطان.