حوارات

القيادي بحزب الأمة "عبد الرسول النور" في حوار مع (المجهر) (2-2)

{ جدد الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية الدعوة للأحزاب لإجراء حوار وطني، ما هو دافع النائب الأول لتجديد الدعوة في هذه القوت؟
– السيد النائب الأول رجل سياسي له نظرة ورؤية ثاقبة إذ إنه يرى أن البلاد محاطة بمصاعب ومشاكل أكبر مما مضى خاصة أنها تواجه ظروفاً اقتصادية بالغة السوء ووضعاً دبلوماسياً لا يسر ووضعاً أمنياً معقد، وخمسة عشر دولة اتخذت قرارها فيما يتعلق بخارطة “أمبيكي” دون الرجوع إلى المسؤولين بالبلاد، وتواجه الدولة عزلة سياسية قاتلة وخلافات وصراعات بدأت تظهر على السطح من داخل الحزب الحاكم الذي كان يعتقد أنه صخرة صماء، وفساد يتحدث عنه الوزراء أنفسهم وليس المواطنون، كل ذلك جعل السيد النائب الأول يجدد دعوته للأحزاب والقوى السياسية لتدارك الموقف قبل أن ينهار الوطن بأكمله.
قال لي أحد الساسة لا توجد معارضة أكدت له عدم صحة قوله بأن أهلنا البسطاء قالوا: (حفر الفيران بيرمي التيران)، والفيران قدت سد مأرب وغرقت اليمن، والمعارضة التي يدعون ضعفها استطاعت أن تفصل (30%) من أرض البلاد واستطاعت أن تثير الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، لذلك ينبغي أن تجلس الدولة مع الأحزاب والقوى السياسية في حوارات مفتوحة من أجل هذا الوطن ومن أجل معالجة كثير من القضايا ولملمة الجراح، ولذلك استطاع الأستاذ “علي عثمان” بحسه وإدراكه العميق أن يطرح الموضوع بقوة وبشفافية خاصة وأن المشاكل والتحديات التي تواجه الوطن كثيرة ولابد من رجل حكيم يستطيع التصدي لها ويسعى لحلها حتى يتمكن السودان من اللحاق بركب الأمم.
{ هل من مصلحة المؤتمر الوطني حل مشاكل الوطن؟
– بالتأكيد.
{ والسبب؟
– مزيداً من الحكم.
{ وقعت الحكومة اتفاق المصفوفة مع حكومة الجنوب كيف تنظر لهذا الاتفاق؟
– في ظني أن الاتفاق خطوة إيجابية ما لم يكن تكتيكياً، فالآن تصلنا معلومات وأخبار أن جيش الحركة الشعبية ما زال موجوداً ببحر العرب وهناك حرب سرية طالت كثيراً من المناطق وإني أرى أن الاتفاق ليس المنقذ لكل مشاكل البلاد، لأنه إذا كانت النظرة لهذا الاتفاق ضخ البترول وتوفير عملات صعبة، فكل هذا المال الذي سيأتي بعد البترول سيمتصه الفساد والهيكل المترهل في السلطة، فالبترول وموارده التي كنا ننتظر أن تساهم في العملية الزراعية الآن الزراعة أهملت تماماً ولا أرى مسؤولاً قد تفقد المناطق الزراعية الآن فالمسؤولون يأتون وقت الحصاد وينصبون خيمهم للجباية فقط لذلك الناس كلها هجرت الزراعة وذهبت للكسب السريع في مناطق الذهب.
{ فماذا تفعل الحكومة حتى يكون الاتفاق متيناً وقوياً؟
– لابد أن تسعى الحكومة لتطبيع العلاقة مع دولة الجنوب، فالحدود بين البلدين فيهما قبائل متشابهة، واقترحت أن نكون دولتين بشعب واحد، كما حدث في الكوريتين واليمن وألمانيا، ولكن ينبغي أن تكون هناك ضوابط في ذلك فمن يختار أن يعيش في دولة الشمال من الأخوة الجنوبيين لابد أن يلتزم بالضوابط والقوانين الموجودة بدولة الشمال، ومن أراد أن يعيش بدولة الجنوب من الأخوة بالشمال أيضاً ينبغي أن يلتزم بالضوابط والقوانين الموجودة بدولة الجنوب، لذلك نرى أن تكون لدينا دولتان ذاتا سيادة كل دولة لها نظمها وقوانينها وأن يكون لدينا شعب واحد كما كان قبل عملية الانفصال، ولكن وفق نظم وقوانين لكل من يختار أن يعيش في الدولة الأخرى.
{ وماذا عن الدستور؟
– قبل أن يعقد المؤتمر له نسأل أنفسنا هل ما تبقى من السودان يصبح دولة واحدة؟ وإذا كانت الدولة ترى أنها فضلت السلام على الوحدة وبناء على ذلك منحت الجنوب حق تقرير مصيره عن طريق الاستفتاء، وهذا الاستفتاء الذي جاء في النهاية بفصل الجنوب، فقد خسرنا الوحدة ولم يتحقق السلام، فهل هذه القاعة التي عملت لها الدولة يصلح تطبيقها على أي منطقة أخرى يكون فهمها نفس فهم الأخوة في الجنوب، لذلك قبل أن نتحدث عن الدستور الذي يكون بمثابة “الأمية” التي تنظم القوانين للدولة علينا أن نعمل بما ينفق عليه الجميع أهلنا في دارفور وفي كردفان وفي النيل الأزرق وفي البحر الأحمر، فإذا كان السودان الذي سلم لأهلنا كصحن الصيني الما فيه شق ولا طق، الآن صحن الصيني اتشرم، فهل نحافظ عليه أم نتركه (يدشدش) فهذا مصير وطن لابد من المحافظة عليه ولابد من قيام حكومة قومية لمناقشة الأمر.
{ لكن هل توافق الحكومة على قيام الحكومة القومية؟
– إن وافقت الحكومة تكون قد اتخذت الخطوة الأولى لحل المشاكل وإلا سنرى كل يوم شيئاً جديداً.
{ إلى أي مدى أنت متفائل بالاتفاق الذي وقع بين الحكومة وحكومة الجنوب؟
– لا أستطيع أن أقول أنا متفائل ولكن أقول إنها خطوة تدفع بالعمل للأمام، فالذي يزعجني الآن عدم الحديث عن قضية “أبيي” وترميم الحدود بشكل واضح فيتحدثون عن النقطة صفر فلا ندري أين موقع النقطة صفر، فالاتفاق الذي وقع بين الطرفين يجب ألا يكون هدفه النفط فقط لأن اتفاق النفط وحده لن يعالج مشاكل السودان الأمنية.
{ وفي رأيك هل يمكن حل مشكلة أبيي بمفردها أو تركت مخصوصاً لتحل لوحدها؟
– بدأ الخوف يدب فينا نحن أهل المنطقة ونخشى ما نخشى أن تكون هناك نية مبيتة في ذلك لأن القضايا الخلافية كلها تمت معالجتها، فلماذا أرجأت قضية أبيي وبرتوكول أبيي ينص على أن أبيي منطقة من الشمال إلى أن يقرر أهلها فيها، فنحن نحس أن هناك لوبي قوي داخل الحركة الشعبية جميعهم مصرين على كلمة واحدة أما نحن من الشمال فالملف تحول من يد إلى أيادٍ عدة.
“فلوكا بيونق” و”دينقا لور” بالنسبة لهم أبيي مسألة حياة أو موت فإما أن يذهبوا للجنوب ويصبحون جنوبيين ويحكمون الجنوب، وإما أن تبقى أبيي في الشمال ويصبحون هم أجانب ويفقدون مواقعهم داخل الحركة بالجنوب، فالقضية محروسة بأبناء أبيي بشكل حاسم، ولذلك لم نجد نحن التصور الحاسم عندنا وهذا السبب جعل عدداً كبير من أبناء المنطقة ينفلتون.
{ حديث الرئيس “عمر البشير” بتخليه عن السلطة وعدم رغبته في الترشيح لها مرة أخرى جعل هناك أراء متباينة فهل فعلاً كفى كما قال؟
– أرى ما قاله الرئيس “عمر البشير” بعدم ترشيحه مرة أخرى لرئاسة الحكم فهو جاد فيما قال، أما بالنسبة للنائب الأول سيظل يطالب ويصر على بقاء السيد الرئيس في السلطة.
{ وماذا تقول أنت؟
– أنا أقول كما قال “كفى” فالرئيس “عمر البشير” رجل طيب وولد بلد ويمتلك الكثير من الصفات الإيجابية، وعندما نؤكد على قوله بكفى لنعمل جرد حساب لفترة الثلاثة وعشرين عاماً التي حكم فيها البلاد، صحيح هناك إيجابيات فجر البترول وأنشأ الطرق والكباري وأحدث نهضة وعمل سدود، ولكن في خانة السلبيات يعد أول رئيس سوداني في ظله يفقد الوطن ثلثه، وهناك حديث كثير عن الفساد حتى أقام لها الرئيس آلية وهناك أعداد كبيرة من المواطنين هجرت البلاد وأصبحوا شتات في العالم، وهناك عدد من المسلمين تنصروا وهذه ظاهرة أيضاً لم تحدث في أي نظام حكم بالبلاد نسمع عن مائة وخمسة مواطنين اعتنقوا المسيحي بمعنى أنهم هجروا الإسلام.
{ وما سبب كل هذه الظواهر؟
– سببها الفقر.
{ وهل الفقر يدفع المواطن لترك دينه؟
– قال الفقر للكفر أينما حللت خذني معاك، نحن في دولة المشروع الإسلامي وكل هذا يحدث فيها، لذلك لابد أن نشكر السيد الرئيس على ما قام به طوال فترة حكمه، لعل وعسى أن يجعل الله الحل على يد شخص آخر.
{ وما هي أسباب الفساد والمستشري؟
– هذا الفساد جاء نتيجة التمكين، السيد “عبد الوهاب المهدي” قال أي ثورة الناس فيها ثلاثة؛ ناس يجوك بالمحبة وهؤلاء يموتون معاك، وناس بالضبة وهؤلاء خايفين بيحتموا بيك ومتى ما شعروا بالأمان يفوتوك، وناس بالحبة وديل ناس سياسة التمكين والتجنيب وهي التي فتحت أبواب الفساد وأدت إلى تعدد أشكاله، وذلك ناس الحبة لا يستطيع النظام أن يواجه بهم المعضلات والذين ضحوا من أجل المشروع ابتعدوا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية