الديوان

قدامى الفنانين و(المجهر).. جلسة نادرة على إيقاع الفن القديم!!

في جلسة جمعت (المجهر) مع الأستاذين الفنانين “صديق عباس” و”محمد عجاج” وعازف الكمان “عوض رحمة” بدار اتحاد الفنانين، تم تداول أمور كثيرة وتفاصيل عميقة عن جيل العمالقة من المطربين.. وتطرق الحوار إلى كيفية صناعة لحن جديد، حتى أنني تمنيت لو كنت عاصرت ذلك الجيل من الرواد.. تحدث ثلاثتهم عن الفنانين الكبار بكثير من الحب والإطراء، وأشاروا إلى كثير من الوقائع والحيثيات بأسلوب يستحق أن يوثق له في كُتب، خاصة في جانبي صناعة الأغنية، وأسلوب تعامل الفنانين مع بعضهم البعض، ورغم أن الجلسة تم حصرها في الإمكانيات التطريبية والصوتية للجيل الجديد من المغنين، إلاّ أن مياهاً كثيرة (جرت) لاحقاً فتشعبت المحاور وتعددت، وهذا ما تجدونه تالياً في التفاصيل..
{ ساحة ما عندها وجيع!!
 في البداية رد الفنان “صديق عباس” على سؤال (المجهر) حول أنهم دائماً يهاجمون الفنانين الشباب قائلاً: نحن لا نهاجم الفنانين الصغار، ولكننا ننتقدهم من أجل مصلحتهم، وأضاف: الشباب غير مجتهدين، فكيف لنا أن لا ننتقدهم. وأشار إلى أن الفنانين في السابق كانوا لا يبنون مستقبلهم على أكتاف الآخرين، ويبذلون قصارى جهدهم ليصنعوا لأنفسهم أرضية صلبة، لكن هؤلاء ما زالوا يرددون أغاني الغير.
وعن الفرق بين الساحة الغنائية (هسه وزمان) قال الأستاذ “صديق عباس”: الساحة الفنية الآن (ما عندها وجيع) لذلك تشهد تدهوراً كبيراً في الأصعدة كافة، وهذا ما يكشف عنه الناتج الفني الذي ينحدر مؤشره نحو الهبوط.
{ من شوهوا الفن ليسوا أعضاء في الاتحاد
واستطرد “عباس” في سياق مختلف، فعرج على (اتحاد الفنانين)، وعدّه قد (عمل العليهو وما قصر) في حق الشباب، ولكن (الأولاد) الذين شوهوا صورة الفن هم ليسوا بأعضاء معنا في الاتحاد.
وفي معرض إجابته عن سؤال (المجهر) عما إذا كان هنالك ثمة قانون يمنع هؤلاء من مزاولة المهنة أم لا، قال: الاتحاد ما بمشي للأولاد يقول ليهم تعالوا انضموا لينا، ولكنهم إذا أرادوا أن يبنوا لأنفسهم مستقبلاً على أساس جيد فعليهم الاستفادة من تجارب الفنانين الكبار، ولكن يبدو أنهم وللأسف غير مستعدين لذلك، وإلاّ فلماذا يصرون على التغني بـ(القديم).. بالتأكيد لأنه لا أساس لديهم.
وعندما اعترضته متسائلة: أيعني ذلك أنك لا تثق في إمكانياتهم؟ أجاب “صديق عباس”: البعض منهم غير جدير بالثقة والبعض الآخر له اجتهادات ناجحة، وكلهم يحتاجون إلى مزيد من التجويد، ولذلك فإنني تعاونت مع بعضهم، ممن رأيت أن لديهم قدرات حقيقية، فمنحت أغنية للفنان الراحل “محمود عبد العزيز” وأخرى لـ”عاطف السماني” لأنني أثق جيداً في قدراتهما.
{ الأغنيات الخالدة تُطبخ على نار هادئة!!
من جهته قال عازف الكمان “عوض رحمة”: عملت مع كل الفنانين الكبار “أبو داوود” و”برعي” و”عثمان حسين” و”حسن عطية” و”محمد الأمين”، وأنا خير شاهد على ذلك العصر. وأوضح أن الفرق شاسع بين الفن في السابق والفن الآن، وأنه لا يوجد وجه شبه ولا مقارنة بينهما، وأشار إلى أن (البروفات) زمان كانت تأخذ الكثير من الوقت ولا يستعجل الفنان في إنجاز العمل إلا بعد تجويده ولتلافي أوجه القصور فيه، واستطرد: يعني الأغاني كانت تُطبخ على نار هادئة ثم تُقدم للجمهور، وبعد ذلك يستمر اللحن إلى عدة أعوام ولا يصدأ، وهذا ما يطلق عليه البعض الأغاني الخالدة، مبيناً أن الألحان الموجودة الآن يمكن أن تصنع في ساعة واحدة، لذلك فهي (لحظية) تستمر بعض الوقت ثم ينطفئ بريقها، وأضاف: السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. هل هناك فنان من بين الشباب استطاع أن يقدم أغنيات بقامة الأغنيات القديمة؟ ومضى مفسراً: هذا ليس هجوماً عليهم بل تحفيزاً لهم لكي يجتهدوا نحو مزيد من الرصانة في اختيار الكلمات وتجويد الألحان، ولكنهم لا يفقهون ذلك.
{ جيل غريب وعجيب!!
إلى ذلك أبدى الفنان “محمد عجاج” استغرابه كثيراً من فناني هذا الجيل الذين يصرون على أن يتغنوا بأغنيات غيرهم، وأضاف ساخراً: للأسف لا يعرفون حتى أسماء الفنانين الذين يتغنون بغنائهم، واستطرد: غير ذلك أنا أستاذ موسيقى ودرّست عدداً كبيراً من الفنانين والوزراء على رأسهم الأستاذ “هاشم هارون”، و”محمد ميرغني” و”عبد العزيز المبارك” و”علي السقيد” و”محمد سلام”، وأيضاً “حسين خوجلي”، ولكن لم يصادفني جيل مثل الجيل الحالي من الفنانين، جيل وجد كل شيء سهلاً أمامه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية