رئيس لجنة العمل والحسبة والمظالم بالمجلس الوطني "الفاتح عز الدين" لـ (المجهر): 2-2
بدأ العمل العام مبكراً، وتمرس على فتح الطرق المسدودة، وتنفيذ الملفات ذات الدهاليز والأسرار والمشكلات.. ويوضح هذا الأداء ما يشبه المهمات الخاصة بتعيينه معتمداً على محلية (غبيش) في زمن صعب وتحديات كبرى، ومثلها معتمداً على محلية أم درمان ورئيساً لحملة الرئيس “البشير” في آخر انتخابات (2010)م، ثم ظهر في قضية التقانة والأقطان والأوقاف، ثم رئيس لجنة العمل والحسبة والمظالم بالمجلس الوطني في زمن علا فيه صوت من الحق لكي يذهب المفسدون إلى ساحات العدالة.. يوفر الأدلة لإدانة مسؤول ووزير بحجم (فلان) و(علان)..
كان يجلس في مكتبه بأثاث بسيط وسكرتيرتين (وحمّالة بدل) معلقة في ركن داخل حوش البرلمان.. وبدا صعب المراس.. وبأناقة أولاد أم درمان قادماً من الوسط المعقول تحدث “الفاتح” في الملفات الممنوعة بدراية محامٍ قدير، يحترم الحقائق ويعترف بالرأي والرأي الآخر، فيخفت صوته، وبعد مجاهدة وصبر لم ينكر تلك العنصرية للمكان والجيل، ولا تلك الأخطاء، ومع ذلك أطنب في لعن وثيقة (الفجر الجديد).. وجرى الحوار سلساً بنكتة وكلام ليس للنشر، وقفشات أخرى، بل وأسرار غطيناها بالوعد الحق، وأجبرناه أن يفتح (ملف غبيش).. فاكتفي أن فصلاً دراسياً كاملاً في (غبيش) أسمه “الفاتح عز الدين”، ثم يأتي أسم الأب لاحقاً.
تفاصيل الحوار في حلقتين تكشفان الكثير والمهم.
{ هيئة علماء السودان عزلوا “الكودة” لأنه وقع على وثيقة (الفجر الجديد)؟
– وثيقة (الفجر الجديد) إباحية ولا أخلاقية ومادية ولا تمت للإسلام بصلة ولا بأي دين من الأديان دعك عن الدين الإسلامي.
{ هل قرأتها بدقة حتى تقول هذا القطع النهائي في حيثياتها؟
– قرأتها بدقة وعدد من المرات، فهي تبيح وتتحدث عن (الكجور) ولا صلة لها بالسماء، وتسعى بدقة شديدة لتمييع التدين والواقع العقدي، وهي ليست دعوة علمانية فقط، بل تطعن في المعتقدات، وتقول إن التعليم حر ومختلط وبأي منهج ووسيلة.
{ لماذا كل هذا اللعن والتكفير (في النهاية هي رؤية سياسية)؟
– هي ليست رؤية سياسية، بل دعوة فكرية هدامة لا دينية ولا قيمية ولا سلوكية.
– (وين الحريات)؟
– الحرية بدون ضابط فوضى.
{ لماذا كل هذا الإزعاج لوثيقة من ورق؟
– انزعجنا لأن فكرها ضلالي، وهي أسوأ وأخطر من الفكر الشيوعي، والأخير يضع مساحات لتدين الناس ومعتقداتهم.
{ أنت تنسى أن الوثيقة موقعة من أحزاب لها أرضية وجماهير وخلفيات من التدين ولو التدين العادي؟
– هؤلاء لو بقوا مائة عام لن يهزوا من الإنقاذ شعرة، ليس لأن الدولة تمكنت من أركانها أو أن قياداتها مميزة، بل لأن الشعب السودان واعٍ بكل شيء.
{ (يا أخي الناس زهجانة من الغلاء ومنكم إنتو كحكومة)؟
– صحيح في غلاء ومشقة ومعاناة حقيقية، والشعب صبر معانا صبراً جميلاً وهذه ثمار صبره، وهو حاضر الذاكرة، يدرك حجم المخاطر التي يمر بها السودان.
{ ماذا تقصد بعبارة (الشعب صبر معانا وهذه ثمار صبره)؟
– أقصد أن الفرج قريب واليسر قادم.
{ (الناس سمعت زي الكلام دا وأكثر ويقع لهم في خانة الكلام السياسي والسلام.. أفهموا الكلام دا يا”الفاتح” الناس متضايقة في المعيشة)؟
– أنا “الفاتح” دا متضايق في حياتي من المعيشة، وكل صباح في شكلة في البيت، بسبب مصاريف البنات للجامعة، ويومياً عندنا اجتماع عفوي للتدبير و(المباصرة)، مرة نعمل الخضار بالأسبوع ثم الشهر ونحنا قاعدين نعمل بقاعدةmiss call) ) وأتحداكم لو تعرفوه.
{ نحن بنركب المواصلات العامة ونستمع للشعب أكثر منكم؟
– المهم أنا أكلت ((miss call، واسألوا الجزار حا يقول ليكم في ناس بيقسموا ربع الكيلو على أتنين، وصدقني مافي زول قروشو بتكفيه.
{ بدأنا (بالجبهة الثورية) وحكاية “الكودة”؟
– “الكودة” غلطان لانو الجبهة الثورية موالية للغرب (فمن يولهم فهو منهم)، وكانت العاملة في الخفاء واليوم علانية، ولو تذكر حينما أوردت (أخبار اليوم) أن “جون قرنق” زار (إسرائيل) قاطع “أحمد البلال” ولم يسلم عليه إلا في نيفاشا، و(الجبهة الثورية) والوثيقة لا تمانع في كل ذلك وبالنهار.
{ ولكن ناس (الجبهة الثورية) لم يأتوا من كوكب المريخ (ديل أولاد دارفور وعندهم مرارات)؟
– المعارضة سنة الحياة، ومشروع لنا فيه كمسلمين مرجعيات معلومة، نحن لسنا ضد أية تطلعات لمن يريد أن يحكم ولا نستعلي على هذه الأحلام، ولكن يجب أن تتم في الإطار الوطني وبلغة الحوار وتحت القانون وبعيداً عن لغة الصراع الصفري(إما إنتو أو نحنا).
{ في نهاية الأمر أهل دارفور عاوزين يشاركوا في حكم بلدهم ولكن ليس عن طريق الحصص ضمن الاتفاقيات؟
– أهل دارفور شبعوا سلطة من دستوريين ومجالس تشريعية وكل الولاة الحاليين من أبناء دارفور، وكل السلطة الانتقالية بطبيعة الحال من أولاد وقيادات دارفور.
{ على الأقل كان الوضع الحكيم أنهم محتاجون لتعويض هائل لأن تداعيات الصراع مؤلمة؟
– الصراعات مليانة في أركان الدنيا، وكثيراً ما تقع تجاوزات وأخطاء، ولذلك ستظل الدعوة للتسامح والتقارب مستمرة.
{ كنت في (غبيش) بتعمل في شنو؟
– مشيت هناك عام 95 وعمري (32) سنة، وهي أول مسؤولية تقلدتها ومن أخصب أيام عمري.
{ عملت شنو؟
– أدخلت التلفزيون و(سوداتل)، وبنينا الجامع من الحجر والمارسيليا والقزاز البيرسون والبساط الأعجمي.
{ ولكن (غبيش) عاوزة حفير ودوانكي وشفخانة (إن كنت هناك مع الناس)؟
– شيِّدنا المدارس والدوانكي والحفائر، (سافر وتأكد بنفسك من ناس (غبيش) وأنهينا النهب المسلح.
{ إذا كان الناس في (غبيش) مبسوطة منك (ليه شالوك)؟
– تصدق فصل مدرسي كامل أسمه “الفاتح عز الدين”، ثم يأتي اسم الأب، وتركت (غبيش) بعد رحيل الشهيد “الزبير محمد صالح” وجاء بعدي (6) معتمدين، وكل واحد لازم يبدأ ويقول (أنا لن أستطيع أن أفعل ما فعله “الفاتح”).
{ “الزبير” فات والإنقاذ خسرت مخلص؟
– الأنبياء والرسل يذهبون، ولكن كل الذين ذهبوا من أهل الإنقاذ لن تأتي أمثالهم ليوم القيامة، والجيل الأول من الإنقاذ لن يتكرر.
{ كيف دخل (ود أم درمان) على مجتمع ناس (غبيش)؟
– دخلتها برصيد من العمل الشبابي والاجتماعي، وتبرأت من حولي لحول الله وقوته، وقلت لهم أنا لست سيداً بل واحداً من الصف يحفظ الصف وكل ما بنيناه من مؤسسات كان بالنفير (الشوبس).
{ هل قمت بقتال وملاحقة عملية نهب مسلح؟
– نعم وكنت قائد العملية قتلنا المجرمين، ووجدنا النساء حرمن على الرجال الأكل والشراب، ووجدت على بعد مسافة (3) كيلو الجماهير مزدحمة واستقبلوني بالزغاريد والتكبير.
{ (همسة كدا) ما هو مفتاح الشخصية الدارفورية؟
– كل شيء قائم على الإسلام والبعد الديني متجذر فيها، ثم التعارف والتآلف هو بلسم تلك الأرض وكلنا أبناء “آدم”.
{ أنت ترمي كل المشكلة تحت قدمي التدخل الأممي والدولي في أزمة دارفور.. فرضنا دخلت ومعك خواجة إلى معسكر كلمة (تعرف مصيرك شنو)؟
– دا كان في أول الصراع ثمة شحنة زائدة وتعبئة انطوت على أبعاد عنصرية، والعنصرية لا تعرف جغرافية ولا أثنية، والواقع الآن أفضل بكثير مما كان عليه.
{ لم استعص على الإنقاذ إجراء وفاق وطني بعد ربع قرن من الحكم؟
– ما زال الباب مشرعاً ومفتوحاً ولدينا مساعدي الرئيس السيد “محمد جعفر” والسيد “عبد الرحمن الصادق”.
{ كنتم تحتجون على كلمة (السيد) و(الطائفية) وأنت تصر على قولها لمساعدي رئيس الجمهورية؟
– النبي (صلى الله عليه وسلم) تكلم “للمقوقس” بعظيم الفرس و”رستم” بعظيم الروم والخطاب السياسي ذو طبيعة لينة وله أدبياته.
{ نحن الآن (قاعدين) داخل حوش برلمان صفق للغلاء وأشتهر بالتكبير والتهليل وهم نواب للشعب؟
– هذا الحديث غير دقيق وغير منصف، هذا البرلمان استدعي عشرات الوزراء ولجان التحقيق والتقصي، وأحال قضايا للنيابة العامة لأول مرة وسيظل يحيلها للقضاء.
{ وصفقتم للغلاء (رفع الدعم عن المحروقات)؟
– رفضناه مطلقاً.