تقرير: رشان أوشي
كان إعلان لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الإنقاذ حل منظمة الدعوة الإسلامية ومصادرة ممتلكاتها، ونزع أكثر من (150) قطعة مملوكة لـ(3) أفراد من قادة ورموز النظام السابق، وكشفها عن مواصلة العمل على مراجعة أكثر من (3) آلاف قطعة مملوكة لرموز النظام السابق بمثابة صافرة البداية لمارثون طويل بين قيادات الثورة وبين أنصار النظام السابق، فضلاً عن مناصري هؤلاء وأولئك لتبدأ معركة قانونية وحرب تصريحات وصلت حد إعلان بعض أعضاء اللجنة وصول تهديدات لهم بالقتل.
أصل البداية
أصدرت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد في مؤتمر صحفي مساء (الجمعة) بوكالة السودان للأنباء قرارات بنزع (99) قطعة أرض من وزير الخارجية الأسبق “علي أحمد كرتي”، وأوضحت أن هذه الأراضي جزء من القطع المسجلة باسمه في حدود (343) قطعة. وأشارت إلى أن هنالك قطع أرض تم التصرف فيها، فضلاً عن إصدارها قراراً باسترداد (32) قطعة أرض من مدير عام قوات الشرطة الأسبق ووالي الخرطوم الأسبق “هاشم عثمان الحسين” مدير مكتب الرئيس السابق، بالإضافة لاسترداد قطعتي أرض من وزير الزراعة الأسبق “عبد الحليم المتعافي”، على أن تم تسجليها باسم وزارة المالية. وأوضحت اللجنة أن جميع القطع التي تم نزعها سيتم تسجيلها باسم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
كما أصدرت اللجنة قراراً بحل وإلغاء تسجيل منظمة الدعوة الاسلامية، وإلغاء قانونها وحجز جميع أصولها وومتلكاتها، بجانب إلغاء جميع أسماء الأعمال المملوكة لمنظمة الدعوة الإسلامية.
المعركة
فور صدور القرارات أعلن المستشار القانوني، للقيادي البارز بحزب المؤتمر الوطني المحلول “علي أحمد كرتي” أن المالك بصدد اتخاذ إجراءات قانونية لمقاضاة أعضاء لجنة إزالة التمكين، بتهمة التشهير في ما يتعلق باسترداد (99) قطعة أرض من موكله.
وقال مستشار “كرتي” في تصريحات صحفية:(سيقوم المتضرر برفع دعوى تشهير أمام القضاء السوداني ضد “وجدي صالح” وأعضاء لجنة تفكيك التمكين). ونفى بشدة أن يكون موكله قد استفاد من أي تسهيلات أو معاملات خارج الإطار القانوني، وما نصت عليه اللوائح وفق قانون الأراضي لجمهورية السودان. وأشار المستشار إلى أن الأراضي المذكورة هي في الأصل كانت مزرعة ملك حر لمالكها “كرتي”، ولم تكن المزرعة يوماً ملكاً لحكومة السودان. وأوضح أن مزرعة موكله الواقعة شمال شرق شركة (ويتا) بمساحة تقارب (٣٠) فدان تمت زراعتها لمدة (١٠) سنوات، وتبقت كآخر مزرعة مثمرة ومنتجة بعد التحسين الذي طرأ على المزارع بالمنطقة، وتحولت من زراعية لسكنية. وقال المستشار: (تحت ضغط التمدد السكني حول المزرعة، تقدم المالك وفق الإجراءات المتبعة بالتخطيط العمراني ولوائح التخطيط العمراني لتحسينها إلى أراضي سكنية واستمرت الإجراءات لمدة عامين حتى اكتملت إجراءاتها بالتخصيص لعدد (١١٨) قطعة دون أي تجاوز لأي من إجراءات ورسوم لجان التخطيط العمراني).
وأشار إلى موافقة لجنة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم على كل الإجراءات وإحالة كل قطع الأراضي السكنية المذكورة إلى سجلات الأراضي التي يشرف عليها قاضي محكمة عليا. وأكد أن الأوراق التي تثبت ذلك وفق القانون واللوائح بطرف سجلات الأراضي والمالك.
منظمة الدعوة وتشكيك النوايا
وشككت منظمة الدعوة الإسلامية في نوايا لجنة التمكين، مبينة أنها منظمة تطوعية مسجلة خارج السودان، وأن السودان دولة مقر لها. وقالت في بيان لها إن القرار سيكون عبئاً على اللجنة وسيعمل على توسعة مساحة الكراهية لها كونها مست أمراً يتعلق بالإسلام. وأشارت إلى أن التسهيلات التي تنالها من الحكومة تأتي كتمويل للأنشطة الدعوية التي تقوم بها، وأنه لا يمثل إلا (20%) من جملة التمويل الذي تتلقاه من خارج السودان من محسنين في كل بقاع العالم. ولفتت إلى أن الأموال التي كانت تتحصلها من الحكومة تصرف كلها على أنشطة السودان، ويستغل في بناء المدارس والمستشفيات ودور العبادة وحفر الآبار وكفالة الأيتام والطلاب.
“المتعافي” يوضح
في تسجيل صوتي تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي أكد والي الخرطوم الأسبق القيادي بالنظام السابق د. “عبد الحليم إسماعيل المتعافي” أن الأراضي التي تمت مصادرتها كانت قد منحت له بحسب القانون نظير أرض زراعية تم تحسينها لتدخل في القطاع السكني، مبيناً أن القانون يمنح صاحب الأرض قطعاً سكنية عن كل فدان زراعي، مبيناً أنه ظل يبتعرض لاستهداف متواصل، منذ أن كان تنفيذياً في الحكومة، غير أنه كان ينظر إلى الأمر من منظور أن من يروجون لذلك شباب، لكن أن يصدر الأمر من جهة تنفيذية فإنه يتوجب أن يتام الوقوف عنده.
الفريق “هاشم” ينفي
وبالمقابل قال والي الخرطوم الأسبق الفريق شرطة “هاشم عثمان الحسين” إن الأراضي التي تمت مصادرتها باسمه لا تعود له. وطالب لجنة التمكين بإثبات ملكيته للقطع محل النزع وقال: (على اللجنة سواء كانت مؤسسات أو شخوصاً أن يثبتوا ملكيتي المدعاة للأراضي المزكورة).
جدل قانوني
وأدت قرارات لجنة التمكين إلى جدل قانوني كثيف حول أحقية اللجنة في مصادرة ممتلكات أفراد أو جهات، بينما تنص الوثيقة الدستورية على عدم مصادرة الممتلكات، لكن وزير العدل “نصر الدين عبد البارئ” أكد في تصريح صحفي أحقية اللجنة في مصادرة الأملاك التابعة لمؤسسات ورموز النظام السابق من واقع أنها لجنة تعمل على إزالة التمكين وإعادة الأموال المنهوبة من الشعب السوداني.
تهديد
وأمس أكد عضو لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة المحامي “وجدي صالح” تلقيه تهديدات من بعض أنصار النظام البائد، وذلك عقب القرارات الأخيرة التي طالت قيادات بارزة بالمؤتمر الوطني المحلي. وغرد “وجدي صالح” على صفحته قائلاً: (منذ مساء (الجمعة) تلقيت عدداً من التهديدات المباشرة من بعض منسوبي النظام البائد، ويظل ردنا عليها بأننا ماضون في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر العظيمة، وسنعمل على تفكيك مؤسسات النظام البائد التي نهبت أموال شعبنا صامولة صامولة، ونحن ما الناس البتتهدد ولا أرواحنا أكرم من أرواح شهدائنا).
وأكد “وجدي صالح” في تصريح لـ(المجهر) أنه من حق كل من تصدر بحقه قرارات وإجراءات تفكيك التمكين أن يتقدم بالاستئناف، وأوضح أنهم ليسوا فوق القانون.