الديوان

توثيق لصهريج الغناء السوداني “اسحق الحلنقي”!

من ذاكرة الفن السوداني

“أسحق الحلنقي” من أبناء الشكرية بشرق السودان ولد بكسلا حي الختمية، ومنح وسام العلم والآداب والفنون عام 1974 م، حينها أشاد “كامل عبد الماجد” بمجهوده وهناه على هذا الوسام .
بدايات الحلنقي :-
كانت له علاقة حميمة بالمرحوم “صالح الضي”، وكان حينها صديقه الشخصي وذلك في مطلع الستينيات 1960م، وفي تلك الفترة كتب “اسحق الحلنقي” أغنية (بتتغير) “لصالح الضي” وايضا أغينة (عيش معاي الحب) . وكان الفنان” صالح الضي” صديقا مقربا للفنان “محمد وردي”، حينما سمع “وردي” من “صالح الضي” عن هذا الشخص طلب منه أن يأتي به ويقابله ، وفي ذلك الوقت كان” صالح الضي” رحمة الله عليه كثير المزاح مع “حلنقي” فحينما قال له يا “حلنقي” “وردي” طلب مقابلتك اعتقد “حلنقي” أن هذا مقلب من مقالب “الضي” ، وبعد ذلك قابل “حلنقي” “وردي” وكان عن طريق “صالح الضي” ،فكتب “حلنقي” أول أغنياته لـ”محمد وردي” فكانت أغنية (الدموع دائما حبايبي) ، فكانت حزينة جدا وتحمل كمية من الدموع في مفرداتها ، فطلب منه “وردي” أن يفرح شعب السودان بمفردات فرح ليجعل الناس مبتهجين فكتب “حلنقي” أغنية (أعز الناس) وهي الأغنية التي جعلت من “اسحق الحلنقي” اسما بعد أن كان منسيا، بعدها توجه “حلنقي” لكسلا والتقى بالفنان” إبراهيم حسين” والفنان” التاج مكي” والشاعر” مرتضى صباحي” وكان ذلك في مطلع السبعينيات، فكتب أغنية (مع ساعة الغروب مشيت أسال عليكم) “لإبراهيم حسين” وأيضا كتب” للتاج مكي” (حبيت عشانك كسلا) ، وكان يتساءل البعض كيف يحب “الحلنقي” كسلا من أجل شخص لكن القصيدة تحمل مشاعر “التاج مكي” وهو الذي طلب من “اسحق” كتابة هذه الكلمات . عاد بعد ذلك “اسحق” للخرطوم وهو في منتهى السعادة لأن أغنية” التاج مكي” كانت قد سبقته للخرطوم وأيضا أغنية” إبراهيم حسين” شيئا ما أبتدت تشتهر.
(نجمة نجمة الليل نعدو ما السنين يا حليلنا عدو
وأنت ما عارف عيونك لما تسرح وين بودو
الريدة الكتيرة يا حنين شقاوة ،كلما نزيد حنان أنت تزيد غلاوة
فارقنا الحنين ما كلمنا مالو ماخلا العيون تتأمل جمالو
يوما ما سعيد من الحلة شالو ، نجمة نجمة الليل نعدو).
كان الملحن “عبد اللطيف خضر” صديق شخصي “لأسحق الحلنقي” ، فطلب منه أن يكتب مفردات أغنية لفنان صاعد وهو “إسماعيل حسب الدائم” فكتب له أغنية
(أديني رضاك قدامي السفر):-
(أنا كان غلطة عليك بكلام ، تشيل في خاطرك مني حرام
أنا غير بسماتك ما بقدر أديني رضاك قدامي السفر
سفر المكتوب ما بتأجل)،، نجحت الأغنية فصنعت الفنان” إسماعيل حسب الدائم “، أيضا عاد “عبد اللطيف خضر” وطلب كلمات لفنان آخر وهو المرحوم “خوجلي عثمان”، فكتب له “حلنقي” أغنية (أسمعنا مرة) فنجحت الأغنية ونجح الفنان” خوجلي عثمان” ، وجد “حلنقي” نفسه دون أن يدري يكتب مفردات أغنية فتنجح فتصنع فناناً ، في ذلك الوقت قال عنه “طلحة الشفيع” وهو من النقاد اللامعين في ذلك الوقت إن “اسحق الحلنقي” أحسن من يكتب الأغنية الخفيفة ، فيما انتقده البعض الآخر لكنه وجد دفاعا من الأستاذ : “كامل عبد الماجد”، في هذا الزخم مشاعر “حلنقي” لموطنه كسلا فكتب (الطير الخداري) فزاره “علي اللحو” وقرأ كلماتها وقال له يا “حلنقي” هذه الكلمات تشبهني ، وايضا أغنية( أهل الجبل) .
نحن ناس بنعيش حياتنا الغالية بالنية السليمة
وكل زول دايرين سعادتو بتشهد الأيام علينا
ياحليل كسلا الوريفة شاربه من الطيبة ديمة
تاني ضحكتك يا حليلا البتملا بتنا زهور وزينا.
“علي ابراهيم “غنى “لاسحق الحلنقي” أول كتابته ، لكن حسب إحساس الشاعر “الحلنقي” أن أغنية الأبيض ضميرك كانت هي أول الأغنيات التي غنيت له بالإذاعة، كان “مكي غريب الله “حينها مدير النصوص بالإذاعة ، أجاز كلماتها وأعجب بها ولفت انتباه” اسحق” أنها تحمل كثيرا من البكاء خاصة بيتها الأخير ، وأكد ذلك “عبد الرحمن الريح ” حسب نقل هذا الحدث من “اسحق الحلنقي” شخصيا ، “عبد الرحمن الريح” هو الشيخ الذي يحمل له شعراء السودان التقدير والإجلال ، فهو معلمهم وهاديهم ، يجب أن يكرم في كل عام حسب ما طلبه الأستاذ” الحلنقي” ولو بإنشاء شارع باسمه تخليدا لذكراه ورثاء لأسرته ، وجد “حلنقي” نفسه يتجول بين الفنانين فما كان يتعب حينها في كتابة مفردات أغنية لأي فنان ، بل كان يتوقف كثيرا لمفردات الفنان” محمد وردي” .
(شال النوار) ،،،، هي قصه كانت تخص الفنان “محمد الأمين” فكتبها “حلنقي” وتغنى بها “ود الأمين” .
(الحنينه السكرة) ،،، “محمد وردي” وايضا (فرح خلق الله) كان الهدف من هاتين الأغنيتين في ذلك الوقت التغيير في مشاعر الشعب السوداني والسمو بهم للفرح وذلك بطلب الأستاذ” محمد وردي” .
ياراجياني …. كلمات الحلنقي غناء وردي
استنيني استنيني وأنت مصيرك تستنيني ،
كلما سحابة تلاقي سحابة تنزل منك دمعة عشاني
كلما تلاقي مسافر عائد تمشي وتسالي عن عنواني
وانا عنواني عيونك أنت ياراجياني وما نسياني
ياما الغربة بتتحداني وأنا بتحدي الزمن الجائر
لو في بعدك لوفي حبك بتحداني
أنا سافرت عشانك انت سبته البلد المانسياني
انا حاولت اصارحك ياما إلا الغربة بقت مانعاني
في هذه الظروف التقي حلنقي بالفنان ابوعركي البخيت وهو صديق حميم له وكان بينهم أغنية وحيدة ، فطلب ابوعركي من حلنقي ان يقرأ عليه بعض اشعاره حتي يتسني له اختيار أغنية ، فكان حلنقي يحمل معه أغنية لفنان ما وهي أغنية عصافير الخريف ، حينها قال أبوعركي هذه لاتشبهني فهي تشبه محمد وردي ، لكن حلنقي رفض ذلك بان لا يتغني بها وردي ، وسمع وردي ذلك وكان حينها هنالك لقاء لثلاثتهم عند شجرة الإذاعة المظللة بالذكريات ، فقال وردي حلنقي سمعت ان لديك أغنية ولاتحب ان تعطيني لها فهل ممكن أن تقراها علي ، فقراها عليه حلنقي وطلب منه وردي أن يكتبها له حتي يترنم به فقط ، فكتبها له حلنقي عصافير الخريف , وإذا به حلنقي بعد أيام يفاجاة أن محمد وردي لحنها وغناها بإلاذاعة ، فجرح هذا مشاعر حلنقي كثيرا والتقي بوردي ، فكان رد وردي قاسيا يا حلنقي انا لا أغني لك ولا لوردي فانا اغني للشعب السوداني فأفعل ماشئت ، وسمعت اسحق الحلنقي في سهرة نصف القمر يقول لقد منح وردي أغنية عصافير الخريف عمرا امتد لثلاثين عاما وكان يحس بعض كلماتها أكثر مني لذلك ظلت خالدة برغم من عدم رضاي بأن يتغني بها .
قال صديق مدثر لحلنقي شاعر لم يتغني له كابلي فهو ليست بشاعر ، بحيث أن كابلي فنان يجيد كتابة الاشعار ولايحتاج لشاعر . فحز ذلك في دواخل حلنقي كثيرا حتي كتب عقبال بيك نفرح يا زينه ، فكان حلنقي يعلم أن كابلي مفرداته الحريرة والضريرة والفرح ، وسمعته يقول قراتها مرارا وتكرارا وعرفت انها لكابلي واتصلت به هاتفيا ياكابلي ممكن اقابلك بالاذاعة وفعلا تغني بها كابلي وكانت من دواعي سرور حلنقي وشرف له برغم التحدي. عبد الكريم الكابلي كتب كلمات لايكتبها الا شاعر كبير. واخيرا تغني كابلي لكلمات هلاوي ، وهولاء عزمي احمد وايضا مختار مكاوي ينتهجون نهج ونفس حلنقي في الاشعار…. أخوتي اتمني أن نتابع هذا الصرح العظيم والقيثارة الممتدة لأعوام .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية