الاتحادي (الموحد) والوحدوي الناصري.. قراءة في (سفر البيانات)
تجاوزات الوثيقة الدستورية تفجر الأوضاع
الخرطوم ــ نجاة إدريس
أعلن الحزب الاتحادي (الموحد) والحزب الوحدوي الديمقراطي والناصري – في بيان أصدروه أمس – رفضهم لما سمَّوه بـ(تجاوزات الوثيقة الدستورية)، التي بلغ عددها ثماني تجاوزات، وحذرت الأحزاب من مغبة التمادي في التجاوزات، معللين بأن ذلك سيقود لانحراف أعمق في مسار الثورة المجيدة.
(بدعة) المسارات
وأكد الحزب الاتحادي (الموحد) والحزب الوحدوي الديمقراطي والناصري حرصهم على تحقيق السلام، ولكنهم أبدوا تحفظهم على مسارات السلام، مشيرين إلى أنها لن تقود إليه ولن تحققه. ووصفت الأحزاب، الموقعة على البيان، “مسارات السلام” التي يجري التفاوض فيها في منبر جوبا بدولة جنوب السودان بأنها (بدعة) لأنها لم ترد في الوثيقة الدستورية التي تمثل الباب الوحيد لكل إجراءات ومهام الفترة الانتقالية.
رفض مغلظ
وشددت الأحزاب على رفضها المغلظ إزاء ما سمته بـ(حالة التباطؤ) التي تكتنف المسارات القانونية والعدلية والقضائية، مشيرين إلى أن هذه الحالة تفتح الباب لإجهاض هدف سامٍ من أهداف الثورة، وهو العدالة التي هي حق قبل أن تكون مطلباً لجماهير الشعب السوداني .
مهددات
وترى هذه الأحزاب أن بقاء قطاع (الاتصالات) خارج سيطرة الجهاز التنفيذي يعني ببساطة (دولة داخل الدولة)، مؤكدين أن ذلك يمثل مهدداً قوياً للأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، خاصة في ظل وجود ذات العقلية التي كانت تستخدم هذا الجهاز في السيطرة على كثير من مقومات الحياة في الدولة.
مطالبات
وطالبت الأحزاب – الموقعة على البيان – قوى الثورة وقواها السياسية والمدنية وكل الذين مهروا بدمائهم وتضحياتهم أهداف وآمال هذه الثورة العظيمة، بأن يقفوا وقفة تعيد للثورة ألقها ومسارها التاريخي العظيم، وتعيد حركة الجماهير ونبضها الثوري إلى جادة الطريق الحق الذي سار فيه الشهداء والجرحى والمفقودون، مؤكدين لجماهير الثورة بأن الثورة ليس من ضمن خياراتها الفشل.
اتفاق
ويتفق الحزب الشيوعي السوداني مع رؤية الحزب الاتحادي (الموحد)، والحزب الوحدوي الديمقراطي والناصري، في ما يختص بقضية (مسارات السلام). ولفت القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف”، في حوار له مع (المجهر) أمس الأول، إلى أن ما جرى من اتفاقيات في المسارات لن يحل مشكلة السودان، خاصة في ما يختص بوثيقة الشرق ودارفور، خاصة في ما يختص بوظائف الخدمة المدنية. ولفت “يوسف” إلى أن تسييس الخدمة المدنية أمر خطأ، وأن أي تسييس للخدمة المدنية على أساس قبلي أو سياسي سيضر بمصلحة السودان.
ردود
وقال القيادي بالجبهة الثورية، العضو المفاوض بمنبر جوبا “مصطفى داؤود” في حديثه لـ(المجهر) أمس، إن هناك كثيراً من القضايا التي تسير في اتجاه تسهيل عملية السلام، لم يتم تضمينها في (الوثيقة الدستورية)، مضيفاً أن (الوثيقة الدستورية) أقصت كثيراً من القضايا التي تتعلق بمسارات السلام، مضيفاً أنهم كجبهة ثورية رفضوا بعض نقاط الواردة في (الوثيقة الدستورية)، مثل المادتين (70) و(20) اللتين رفضناهما مسبقاً. ولفت داؤود إلى أنهم كانوا قد جلسوا مع قوى الحرية والتغيير في منبر “أديس أبابا ” وتم تدوين هذه النقاط، ولكن الأخيرين أغفلوها، ولم يضمنوها في الوثيقة الدستورية؛ الأمر الذي نعتبره نحن كجبهة ثورية تجاوزاً، مضيفاً بأن قوى الحرية والتغيير عملت على إقصائهم من الوثيقة الدستورية في آخر الأمر. وأضاف داؤود أن نسب التوظيف التي تم اعتمادها في وثيقة مسار الشرق ومسار دارفور لا يمكن اعتبارها محاصصة باعتبار أنه تم توزيعها وفقاً للكثافة السودانية للسودان ككل، مضيفاً بأن (23%) جاءت ككثافة سكانية لإنسان دارفور، أما (7%) فجاءت نتيجة للتهميش الذي عاشه إنسان دارفور، طيلة ثلاثة عقود. وعاب داؤود على قوى الحرية والتغيير ما اعتبرته بخصوص المسارات تجاوزاً؛ لأنه لم يكن ضمن (الوثيقة الدستورية)، مضيفاً بأن الأخيرة ليست (حديثاً منزلاً) حتى لا يتم التراجع عما فيها.
اختلاف طبيعي
الأكاديمي والمحلل السياسي د.”صلاح الدومة” أشار في حديثه لـ(المجهر) أمس، بأن هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها حرب البيانات بين أحزاب داخل مكونات قوى الحرية والتغيير، مضيفاً أن التباينات بدأت منذ أن استلم رئيس الوزراء مهامه، مؤكداً أن أي ائتلاف سياسي كبير بالتأكيد لابد أن يكون معه اختلاف وتباين في الرؤى، خاصة عندما تكون هذه المكونات التي هي في الأصل أكثر من (92) مكوناً مختلفة أيضاً حتى في أيديولوجياتها، مضيفاً أن ما يحدث الآن من حرب بيانات شيء قليل مقابل ما يفترض أن يحدث، مؤكداً أن هذه الخلافات طبيعية وإيجابية، لأن هذه الكيانات والأحزاب مخترقة من لدن جهاز الأمن الإنقاذي، لذلك فإن مثل هذه الخلافات هي شيء جيد من صالح الثوار، حتى يتم الكشف عن العناصر المندسة الذين يخترقون هذه الأحزاب حتى يسهل القضاء عليهم، خاصة بعد صدور قانون دعم الثورة من الولايات المتحدة الأمريكية قبل شهر من الآن، وموافقة الأمم المتحدة على تحويل السودان دولة تحت الوصاية بالفصل السادس، مضيفاً أن كل هذه الأشياء تصب في صالح الحكومة الانتقالية الحالية. وختم “الدومة” حديثه بأن مثل هذه البيانات لا تفرط عقد قوى الحرية والتغيير بقدر ما يمكنها تعرية المندسين والغواصات في أحزاب (قحت).