ربع مقال

كورونا .. لا للاستهتار (3)!!

د. خالد حسن لقمان

في الوقت الذي تواجه فيه شعوب أكثر من (63) دولة أكبر خطر يتهددها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي الوقت الذي نشطت فيه الأنظمة الصحية والإدارية لهذه الدول في اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة كافة، لمجابهة فيروس (كورونا) المتجدد (COVID 19) الذي أزهق وإلى هذه اللحظة أكثر من (10.000) نفس بشرية مع إصابة أكثر من ربع مليون شخص بالعدوى؛ مما استدعى نزول جيوش هذه الدول للشوارع والساحات لتولي مهام التطهير والتعقيم وتنفيذ موجهات الحركة العامة وحظر التجوال، بعد أن أدركت حكومات هذه الدول الخطأ الذي وقعت فيه الدول التي سبقتها في مواجهة هذا الفيروس المهلك.
عندما تعاملت مع الخطر المحدق بها ببرود واستخفاف واستهتار أدى في ما بعد إلى خسائرها البشرية المؤلمة، وأيضاً خسائرها الاقتصادية الكبيرة.. في هذا المناخ المشحون بالهلع والاضطراب والخوف الذي تملأه رائحة جثث الضحايا المحروقة، نبدو نحن هنا في هذا البلد وكأننا نعيش في عالم آخر لا صلة له بمأساة الصين وإيطاليا وأسبانيا وقلق دول العالم الأول والثاني والثالث وشعوبها التي باتت تترقب من أمرها الأسوأ، أكثر من رجاءاتها في تجاوز هذه الأزمة القاتلة.. شيء بالفعل حارق للأعصاب .. شوارع الخرطوم الآن لا زالت تعكس سلوكاً مستهتراً في كل شيء بدءاً بعدم الالتزام الفردي بالموجهات الصحية التي تعتبر الأمر الحاسم والرئيسي في محاربة العدوى، وانتهاءً بتنفيذ موجهات الضبط المطلوبة للسلوكيات الجمعية للمجتمع .. هل تصدقون أن محال الشيشة وبكل ما تمثله من خطورة في انتشار العدوى بهذا الفيروس الخبيث لا زالت تعمل؟، وفي وضح النهار، ولا أحد يمنعها أو يتصدى لها.. شيء مدهش.. القرار المؤقت بمنع بائعات الشاي ضرب به عرض الحائط، ولا زالت كل شوارع الخرطوم وساحاتها تمتلئ بهن وبزبائنهن.. تجمعات الأفراح والمناسبات الأخرى في الأحياء لازالت تقام، وكأن شيئاً لم يحدث.. عدد كبير من الوحدات الحكومية لا زال موظفوها وعمالها يعملون في وضعية مخالفة لموجهات الحكومة التي طالبت بعدم التزاحم، بينما العديد من الجهات يعمل منسوبوها داخل مساحات وشقق ضيقة مع انقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي توقف وسائل تكييف الهواء.. الأسواق والمحال التجارية الكبرى يتزاحم فيها عدد كبير من المتسوقين الذين أصاب بعضهم الهلع فأقبلوا علي الشراء بجنون و(هستيريا).. والمخابز حدث ولا حرج لازال الوضع كما هو رغم (كورونا) هذا .. ما كل هذه الفوضي؟ .. لماذا كل هذا الاستهتار؟.. لماذا لا تستخدم الجهات الحكومية المعنية أدواتها التنفيذية الصارمة لتطبيق ما هو مطلوب تحسباً لما يمكن أن يحدث؟.. ولماذا لا تتحرك منظمات وجمعيات العمل المدني لتقدم مبادرات لمواجهة ما قد يحدث لا قدر الله؟.. أيها السادة نحن في هذا البلد نمارس الآن استهتاراً غريباً تجاه أمر خطير يهددنا بالفناء، ومن الأفضل لنا جميعاً أن نقلق بشدة قلقاً مبالغاً فيه فهذا أفضل لنا من أن نستهتر استهتاراً ولو يسيراً قد يكلفنا ما لا يقدر بثمن ولا يقاس بقيمة..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية