ربع مقال

(كورونا) .. لا للاستهتار..

د. خالد حسن لقمان

سعدت بالخطب الإيمانية والعقدية التي استطاع أئمة المساجد أن يبثوا عبرها الطمأنينة في نفوس الناس لمواجهة حالة الذعر التي بدأت تصيبهم نتيجة للحديث المرعب عن ما سببه فيروس (كورونا) الجديد ((COVID 19 من هلاك في الأرواح البشرية في الصين وإيطاليا وعدد من الدول الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد كبير من الدول العربية بِما فيها الجارة مصر .. الابتلاء من الله والمرض منه سبحانه وتعالى.. وحده من يُمرض، ووحده من يعافي، ولن يصيب أي شخص أي نوع من الأمراض سواءً بالعدوى أو غيرها، إلا إذا شاء الله ذلك.. هذا ما قاله أمس الأول أئمة مساجد الخرطوم في خطبة (الجمعة)، وهذا ما يجب أن يشكل في قلوبنا ونفوسنا إيماناً قاطعاً به، ولكن هؤلاء الأئمة الأجلاء أشاروا الى أمر آخر لا يتعارض مطلقاً مع هذا الإيمان بل يصدقه فعلاً وعملاً، وهو ما يقع في معنى (أعقلها) التي تعني ضرورة الفعل الاحترازي المتعقل والموضوعي غير المندفع المتهور، وفي ذات الوقت غير المتباطئ المستهتر.. وليس هنا تناقض بين التوكل على الله وبين الاحتراز في اعقلها إذ إن الإقبال هنا على الاحتراز (اعقلها) كفعل سابق في الجملة لفعل التوكل (وتوكل) لا يعني أنه قد سبقه بل إن الدخول في الاحتراز أصلاً بابه الأول للمسلم المؤمن حقاً بقدر الله هو الإيمان السابق في القلب والعقل لفعل الانسان في الاحتراز (اعقلها ) بمعنى أن المؤمن يدخل في الفعل، وهو أصلاً كامل الايمان والاعتقاد بشمولية قدر الله على كل شيء يحوطه أو يحدث له وما يفعله بعد ذلك، إلا تصديقاً حقيقياً منه بهذا الاعتقاد .. هذه الحقيقة تجلعنا الآن مطالبين بفعل كل ما نعتقد بأنه احترازاً من هذا الوباء لذا فعلى أجهزة الدولة بذل قصارى جهدها لاخذ كل الاحترازات الممكنة لمنع دخول وانتشار هذا الوباء القاتل إلى بلادنا كما أن على قوى المجتمع (بكل طيفها السياسي وغيره) أن لا تقف متفرجة كما هو الحال الآن.. علينا حكومة ومجتمع الآن المسارعة فوراً للاستعداد لأكثر ما نتوقعه سوءاً مستفيدين من تجارب الدول التي فعل فيها هذا الوباء ما فعله وللأسف من تقتيل وموت وفناء للبشرية، ومن ذلك يجب أن نتبع خطى الصين موطن هذا الوباء والدولة التي تتجاوزه الآن بنجاح، حيث قامت ببناء مئات المستشفيات المؤقتة في كافة المساحات الجغرافية المتوقعة لانتشار الوباء وبمساعدة منظمات العمل المدني التي نشرت الوعي واستنفرت رجال المال و الأعمال للتبرع والمساعدة استطاعت أن توفر تلك المستشفيات ومراكز الطوارئ العلاجية التي أسهمت في تجاوز الأزمة القاتلة وهو ذات الفعل الجاد والمنظم بين الحكومة والمجتمع بكافة فئاته استطاعت كوريا الجنوبية أن تمضي في ذات الطريق وحققت فيه نجاحات مذهلة.. صحيح أننا نعيش أوضاعاً اقتصادية سيئة، ولكننا أن تركنا استهتارنا بالأمر ورفعنا درجة احساسنا بهذا الخطر الكبير ومن ثم (تحزمنا) حكومة وشعباً سنفعل الكثير.. أقول هذا ونحن جميعنا مؤمنين بأن لا شئ يصيبنا إلا من عند الله قدراً مسطراً لا مفر لنا منه لذا فلنقدم الدعاء لربنا الرحمن الرحيم اللطيف الخبير ليتجاوز بنا كل مخاطر هذا الوباء ولنبدأ فوراً في العمل الجاد الذي يصدق إيماننا قولاً وفعلاً ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية