*مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير “كمال بولاد” لـ(المجهر) (2 ــ 2)
قوى الحرية والتغيير لا تستطيع المطالبة بمد الفترة الانتقالية
الوقت مازال باكراً لتقييم الحكومة الانتقالية ووصفها بالفشل لا يمكن قياسه بأزمة أو أزمتين
مقابلة “البرهان لـ”نتنياهو” تجاوز للوثيقة الدستورية وللموقف الشعبي التاريخي من الكيان الصهيوني
هناك ثغرات لابد لـ”حمدوك” وكل طاقمه أن ينتبهوا لها حتى تمضي الفترة الانتقالية لنهاياتها
الواقع أثبت أن تأجيل تعيين الولاة والمجلس التشريعي لما بعد السلام كان خاطئاً
قطع مقرر المجلس المركزي لإعلان قوى الحرية والتغيير “كمال بولاد” بحاجة الجهاز التنفيذي للمزيد من الضبط. ووصف أداء رئيس الوزراء د. “عبد الله حمدوك” حياله بالمتهاون، رافضاً في السياق ذاته وصمه بالفشل، مؤكداً أن الفشل يقاس بفشل المشروع في إدارة الدولة لمرحلة كاملة، مبيناً أنه يرى أن المرحلة الانتقالية حتى الآن مرحلة محدودة لديها مهام محددة، وأن الحكومة الموجودة لديها مهام محددة تبدأ من عملية السلام والمؤتمر الاقتصادي والمؤتمر الدستوري إلى وضع السودانيين أمام صناديق الاقتراع ليختاروا المشروع الوطني الذي يعبر عنهم.
وذكر “بولاد” أن هناك عدداً من الجهات تسعى لاستغلال موارد السودان. ورفض اتهام قوى الحرية والتغيير بعرقلة ملف السلام. واتهم عدداً من القوى السياسية بالعمل على انهيار المرحلة الانتقالية.. عدد من المحاور تجدونها في السياق التالي..
*حوار هبة محمود
*ذكرت أن هناك محاولة لاستغلال موارد السودان من بعض الدول التي تضع عينها عليه، وتحاول بناء إرادتها على حساب إرادته، وفي هذا الإطار فإن أي علاقة مبنية على سياسة متوازنة أمر مقبول بالنسبة لكم، لكن غير ذلك غير مقبول، هل تسمى جهات بعينها تريد تنفيذ أجندتها؟
ــ هناك جهات في العالم تفكر في أن تطغى إرادتها على إرادة السودانيين.
*هل الصراع الذي يشهده السودان على كل المستويات، يجعلنا مطمعاً، هناك صراع داخل قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، فضلاً عن جهاز تنفيذي أصابه الفشل؟
ــ بالمقاييس الموضوعية أنا أعتقد حتى الآن أن الوقت مازال باكراً لتقييم الحكومة الانتقالية ووصفها بالفشل.
*كيف ذلك، الآن الأزمات متلاحقة والحكومة تقف عاجزة؟
ــ فشل الحكومة لا يمكن قياسه بأزمة أو أزمتين، الحكومات تمر بأزمات كبيرة جداً، وظروف حروب قاسية جداً.
*وكيف يقاس الفشل؟
ــ الفشل يقاس عندما يرتبط بفشل المشروع في إدارة الدولة لمرحلة كاملة، وأنا أعتقد حتى الآن أن المرحلة الانتقالية هي مرحلة محدودة ولديها مهام محددة، الحكومة الموجودة هذه لديها مهام محددة تبدأ من عملية السلام والمؤتمر الاقتصادي والمؤتمر الدستوري إلى وضع السودانيين أمام صناديق الاقتراع ليختاروا المشروع الوطني الذي يعبر عنهم، فهي حكومة مهام محددة لمرحلة محدودة، وكثير من قوى الردة التي لديها مصالح محددة في عدم استمرارية الحكومة تتعامل معها على أنها حكومة حقيقية، وأنها لديها الرغبة في استمرار حكم السودان، وهذا غير صحيح وحكم جائر ومغرض، بعض قوى النظام السابق حريصة على خلق ربكة وضبابية لأجل تفويت الفرصة على محاسبتها وفشلها الذي وصل إليه الشعب السوداني وقام بإسقاطها، ولذلك أنا لست مع القول القاطع بفشل الحكومة، الحكومة الآن تمر بأزمة، وأزمة اقتصادية، صحيح أن هناك بطئاً وعدم إسراع في اتخاذ القرار، كما أن هناك أكثر من مصدر في اتخاذ القرار، وهناك تهاون من رئيس الوزراء وهذا أمر مضر جداً، ويجب أن ينتفي بشكل سريع؛ حتى تمضي للإمام وتنجز أهدافها، وقلنا هذا الكلام للسيد رئيس الوزراء.
*تحدثت عن أنها حكومة مهام فقط، لكننا نرى غير ذلك، هذه الحكومة تتعامل بشيء من الديمومة، مهام المرحلة الانتقالية معروفة تتمثل في إدارة البلاد، وحفظ الأمن، وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، لكن نجد أن مهام المرحلة الانتقالية تخطت ذلك، نجدها تقرر قرارات مصيرية مثل لقاء “البرهان” برئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، وخطاب السيد “حمدوك” بوضع السودان في الفصل السادس، فضلاً عن دعوات من قوى الحرية والتغيير بتمديد المرحلة الانتقالية؟
ــ غير صحيح لأنه بحسب الوثيقة الدستورية فهي حكومة لفترة محددة، وبالتالي ليس هناك أحد يستطيع أن يقول إنها حكومة ديمومة، ثانياً قوى الحرية والتغيير لا تستطيع المطالبة بمد الفترة الانتقالية، في البداية كان هناك توصيف للخراب الذي أحدثه النظام السابق وتفكيك عقائديته بحاجة للوقت، النظام السابق حاول بناء خدمة مدنية مرتبطة به، وقام بعزل كل من يفكر وينتهج منهجاً ضده، وكأنما هي مصممة له، قام بإنشاء مؤسسات موازية، وهذا الأمر بحاجة لتفكيك ووضع السودان في الإطار الطبيعي، وكان الأمر بحاجة لأربعة أعوام، لكن جاءت الوثيقة الدستورية، وقامت بحسم الجدل، ووضعت ثلاث سنوات، ولا يستطيع شخص أن يتحدث الآن عن أكثر من ثلاث سنوات، لأن الأساس الذي بُنيت عليه المرحلة الانتقالية هو الوثيقة الدستورية.
*إذن الدعوات غير صحيحة؟
ــ غير صحيحة.. يمكن أن تكون هناك دعوات من بعض الحركات المسلحة، لكن في نهاية الأمر أنت محكوم بوثيقة دستورية لابد من احترامها، أما مقابلة “البرهان” فهو تجاوز للوثيقة الدستورية، والسلطة التنفيذية، وللموقف الشعبي السوداني التاريخي من الكيان الصهيوني المغتصب العنصري المستعمر، وما فعله تجاوز.
*لكنه بمباركة من رئيس الوزراء؟
ــ حتى لو كان الأمر بمباركة، فهذه مهمة جهاز تنفيذي.
*ذكرت أن الحكومة ليست فاشلة، لكن هناك تهاون من رئيس الوزراء، دعني أقول لك إن “حمدوك” بدا في أول مؤتمر صحفي له وكأنما هو رجل شديد المراس، وشخصيته قوية، لكن عملياً بدا للناس أنه شخصية لطيفة لا يستطيع أخذ قرارات حاسمة، فهل يمكن القول إنه ليس بحجم المسؤولية؟
ــ أنا أعتقد أن “حمدوك” أمامه تحديات كبيرة وصعبة، وأمامه إشكالات حقيقية، وأمام جهازه التنفيذي أيضاً تحديات، أضف إلى أن الظروف التي أتى فيها معقدة، لكن يتوقع منه أكثر مما قدمه، فبحكم القبول الشعبي الذي وجده الآن، وبحكم خبرته وذخيرته الأكاديمية، وتجربته في العمل الاقتصادي والدولي، كان متوقعاً منه أكثر من ذلك.
*أفهم من حديثك أن أداء رئيس الوزراء دون المستوى في نظركم وأنكم توقعتم منه الكثير؟
ــ نحن نأمل أن ينتبه رئيس الوزراء لهذا الأمر، كما نأمل أن يكون (كاريزمياً) أقوى من ذلك، نحن توقعنا منه أداءً أفضل.
*توصلون له ملاحظاتكم؟
ــ اللقاءات التي نجتمع فيها، نبدي خلالها ملاحظاتنا ونقاشاتنا.
ماذا يقول؟
ــ نحن نضع ملاحظاتنا في سياق الحديث، وهو بالتأكيد يجيب عليها.
*هل راودتكم للحظات أنكم أخطاتم في اختياركم له؟
ــ دون شك لا، لأنه في لحظة اختياره حظي بقبول جماهيري واسع جداً و…
*مقاطعة.. القبول الجماهيري الذي حظي به “حمدوك”، اكتسبه من رفضه منصباً في الحكومة السابقة، وثقافة الرفض غير معروفة في مجتمعنا بعد، ومن هذا الباب حظي بشعبية؟
ــ ليس من ذلك فقط، ولكن لقدراته وإمكانياته، هو رجل موظف لسنوات طويلة في مؤسسات دولية مرموقة.
*هناك فرق بين النجاح وبين الإدارة والقيادة؟
ــ هذا الفرق الناس يكتشفونه بالتجربة، لكن المقاييس العامة التي يجب أن تنطبق على شخص رئيس الوزراء في ظل فترة انتقالية، أنا أعتقد أنها في وقتها كانت تنطبق على “حمدوك”.
*والآن؟
ــ حتى الآن لا نستطيع أن نقول إنه فشل، لكن تستطيعين القول إن هناك ثغرات لابد أن ينتبه لها، وكل طاقمه، حتى تمضي الفترة الانتقالية لنهاياتها.
*إجابة دبلوماسية؟
ــ ضاحكا.. دعينا نعطيه الفرصة.
*الآن هو أقرب للعسكر منكم، والبعض يتحدث عن فك ارتباط عنكم ربما لاحقاً، كما حدث بين “نميري” واليسار وبين “البشير” و”الترابي”؟
ــ التجارب التي ذكرتها مختلفة.. تجربة “الترابي” هي تجربة تنظيم مع كادر عسكري، وهي قضية فكرية وسياسية عميقة، وتحتاج القوى السياسية السودانية أن تقف عندها كثيراً.. المؤسسة العسكرية هي في دول العالم الثالث بصورة عامة قوية، وتلعب أدواراً عامة، لأنها أكثر تنظيماً، وتحمل السلاح، وتتوفر لها إمكانيات ضخمة جداً، بحيث إنها الحامية للبلاد، بعد الاستعمار السياسي المباشر في دول العالم الثالث جاءت حركات تحرر ومنحت المؤسسات العسكرية زخماً كبيراً، ولذلك ظلت المؤسسة العسكرية أشبه بالحزب، وخاصة في السودان، وظلت متماسكة لحدٍّ كبير جداً، لكن بعض القوى السياسية فكرت أن تحرق المراحل، وتستقطب كوادر داخل المؤسسة العسكرية حتى تنقلها بشكل كبير جداً للسلطة، ومن خلال وجودها في السلطة تنفذ برنامجها، لكن التجربة العملية أكدت أن المؤسسة العسكرية حزب قائم بنفسه، لذلك فشلت تجربة “نميري” و”البشير”، وسوف تفشل أي تجربة يراهن فيها السياسيون أو أي قوى سياسية على المؤسسة العسكرية بأن تنقلها للسلطة وتنفذ برامجها، ليس هناك أي خيار للقوى السياسية، إلا العمل الجماهيري المباشر، والعمل من ناحية فكرية وسياسية وفلسفية بشكل عميق جداً، لأنها تنسج نموذجاً يخلق تداولاً سلمياً للسلطة وبرامج جماهيرية من خلال السلطة، ولذلك هنا التجربة مختلفة، وهو أن “حمدوك” نتاج مرحلة انتقالية، و”البرهان” هو نتاج تسوية خلقتها ظروف معينة. “حمدوك” رغبة الجماهير ومهمته نقل هذه التسوية من تسوية سياسية لإدارة الدولة إلى حكومة ثورة، وهذه مهمة صعبة بحاجة لكاريزما ضخمة وكبيرة.
*هل شخصيته دون ذلك؟
ــ دعي الإجابة للقارئ، نحن نأمل أن يكون على قدر المهمة وهي مهمة صعبة، وأنا مشفق عليه منها.
*عقب عام تقولون مثل هذا الحديث؟
ــ هو لم يكمل عامه بعد.
*دعنا نتفق على أن “حمدوك” لم يكن أداؤه بالشيء المتوقع.. الشعب السوداني الآن فطن لهذا الأمر؟
ــ القوى السياسية لديها قياسات دقيقة، صحيح أن هناك جزءاً من الشعب السوداني لديه رأي نتيجة الأزمة الحالية، لكن يمكن أن تحدث انعطافة تغير مجرى الأحداث، وأصدقك القول.
*بمعنى؟
ـــ الآن لو تم حل الأزمة، وأصبحت في يده موارد، فيمكن أن يكون دوره أقوى في المرحلة القادمة.
*المشكلة لا تكمن في توفير موارد أو خلافه، المشكلة تكمن في أن “حمدوك” يعلم أنه أمام مهمة قاسية ودولة منهارة اقتصادياً بالبلدي (هو استلم جنازة بحر) وهنا تكمن مقدرته في خلق المعجزات، مثلما صورتموه؟
ــ الآن هو يذهب في اتجاه حل المشكلة، لكن واحدة من عيوب المرحلة هذه، أن الإعلام لم يقم بأداء مهمته بشكل كامل.. الإعلام مهمته هو ردم الهوة بين الحكومة والجماهير وخلق قدر من الشفافية العالية جداً، لأنه ليس هناك شخص لديه مصلحة في خلق أزمة، القصة هي حكومة انتقالية لإدارة المرحلة، وعلى رأسها تكنوقراط شاء الناس أم أبوا، وهم الآن يمسكون زمام الأمر، لكن “حمدوك” لديه محاولات قوية في حل كثير من المشاكل، نحن لا نستطيع أن نظلمه.
*محاولة الاغتيال بكل صراحة هل كانت أداة للتلميع أم حقيقية؟
ــ أبداً، أنا أعتقد أن هذا جزء من الضبابية والتغبيش، وحالة التلميع تكون عندما ما يكون وراء السلطة حزب واحد لديه مطبخ واحد وبرنامج فكري وسياسي واحد ينفذ فيه، لكن في إطار تحالف واسع من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال مثل قوى الحرية والتغيير فليس هناك شخص يمكن أن يغامر في عمل بهذا المستوى، ولذلك أنا أعتقد أن هذه أوهام، وفيها جانب مغرض، لكن هي محاولة الهدف منها تنبيهه أو إبعاده من المشهد، أو إعادة الأوراق السابقة، وهذا منهج الإسلام السياسي في المنطقة منذ عهد “جمال عبد الناصر”، و”بنازير بوتو”، وهذا يجب أن يولد خطاباً سياسياً وسط الشعب السوداني ينفره من الاغتيالات لأنها دخيلة عليه.
*دعنا نتطرق في الحديث عن ملف السلام، هناك اتهام لكم داخل قوى الحرية والتغيير، بعرقلة الملف خوفاً على السلطة؟
ــ أولاً قضية السلام هي قضية كبيرة، وأعتقد أن الخلل كان في المدخل، قضية منبر جوبا كانت غير صحيحة، الاتفاق كان يجب أن يكون عبر الوثيقة الدستورية والجهاز التنفيذي، وان يتم تكوين مفوضية السلام، وتكون هي رأس الرمح في الوصول إلى السلام، ومتابعته إلى نهاياته بدور مباشر للجهاز التنفيذي، وبإشراف مجلس السيادة، وليس مجلس السيادة هو الجهاز التنفيذي لعملية السلام، هذا من ناحية المدخل، أما من حيث المنهج فأنا أعتقد أن هناك خللاً، وهو محاولة تحويل السلام لمسارات، كان أمراً غير موفق، وخلق مشاكل أكثر من حلها، والشاهد على ذلك هو ما يحدث الآن في شرق السودان، وقد حدث اصطفاف في مواجهة مسار شرق السودان، قوى الحرية والتغيير أحرص الأطراف على تحقيق عملية السلام، لأن الجبهة الثورية جزء منها، وثانياً لا تستقيم المرحلة الانتقالية إلا باسكات البندقية وإحلال السلام، وهذا أول بند من مهام المرحلة الانتقالية، وما يقال عن أننا ضد السلام فهو ظلم لنا.
*وماذا بشأن إصراركم على تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة، رغم ما نص عليه إعلان جوبا؟
ــ قوى الحرية عندما تحدثت عن المجلس التشريعي، وتعيين الولاة، فهي تحدثت عن ضرورة شعبية، وهي أن هناك معظم الولايات بها مشاكل، وتشكو من سيطرة النظام السابق وعناصره، وافتعال الأزمات وقضايا التهريب، وهذه كلها قضايا بحاجة لوالٍ مدني ببرنامج محدد لمواجهتها، وطرح قضايا من جديد، ووضعها في إطار القضية الوطنية بصورة شاملة، وقوى الحرية والتغيير عندما طرحت ذلك في اجتماعها قالت إنه مؤقت، ويتم تسمية الوالي مؤقتاً، على أن تستمر عملية السلام إلى أن تصل إلى نتيجة، ومن ثم إعادة التشكيل، لكن التسوية كان ضرورة لمواجهة قضايا في الولايات.
*ووثيقة إعلان جوبا؟
ــ الواقع أثبت أن استنتاج الوثيقة كان خاطئاً؟
*كيف؟
ــ الوثيقة اقترحت التأجيل لاعتبار أن السلام سيتم بعد شهر، وسوف يصل الناس لنتيجة، لكن الآن الناس تمضي نحو ستة أشهر، وتم تجاوز الفترة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وهي الستة أشهر.
*ما هي المعضلة الحقيقية في التوصل لاتفاق سلام؟
ــ كما ذكرت لك أن المدخل والمنهج الذي اتبع في السلام كان خاطئاً، وهذا لن يوصلنا لسلام، في تقديري أنا الشخصي، قضية المسارات لن توصلنا لنتيجة، ولن نصل لسلام شامل.
*دعنا نختم بالحديث عن الوفاق الوطني الذي تقوده بعض الأحزاب السياسية ودعا إليه رئيس مجلس السيادة من جوبا، هل أنتم رافضون لمبدأ مشاركة أي حزب شارك النظام السابق؟
يجب علينا الانطلاق من مبدأ الثورة، وندرك أن النظام لم يسقط إلا جماهيرياً، وفي إطار الثورات، فإنك تعمل بناء على رغبة الجماهير، وأنا أعتقد أن (٣٠) عاماً كانت كافية جداً لكشف خلل منهجي فكري وسياسي، وأيضاً خلل تجربته العملية التي استمرت ثلاثين عاماً أوصلت الناس إلى ما هم عليه الآن، المشكلة ليست مشكلة المشاركين في النظام السابق، القضية الآن هي قضية تفكيك النظام السابق وعقليته وطريقته الشمولية، ثانياً هناك قضايا حتى الآن هي ورثته، ولا بد من معالجتها، وهي قضايا اقتصادية، وقضية المرحلة الانتقالية، والقضية الأمنية، وبناء هياكل المرحلة الانتقالية، فإذا اكتملت هذه الأشياء يمكن من بعدها التفكير في كيفية التعامل مع أنصار أو مشاركي النظام السابق، وقوى الحرية والتغيير حديثها واضح، وهو أن قضيتها مع الذين أفسدوا وفسدوا واستمروا.
*أنتم تحملون الأحزاب الأخرى الفساد، أنا لا أتحدث عن المؤتمر الوطني الآن؟
ــ نحن لا نرفض الأحزاب الأخرى، ولكن هذا اصطفاف للقوى التي أسقطت النظام، وكانت لآخر لحظة ضده.
*لكن هذه القوى شاركته يوماً من الأيام؟
ــ غير صحيح، حدث اتفاق نيفاشا، وبناء على هذا الاتفاق كانت هناك بعض القوى السياسية مثل قوى التجمع الوطني وصلت إلى اتفاق ضمن وسيط دولي في حدوث تحول ديمقراطي يفكك النظام وشموليته، لكن أول ما النظام مضى في خط محافظته على ركائزه الأساسية انسحبت القوى، لكن نحن نتحدث عن قوى سياسية حتى يوم سقوط النظام ظلت موجودة معه، وبالتالي أصبح هناك اصطفاف ضدها، لأن النظام عندما كان يضرب في القوى كانت معه.
*ولأجل ذلك تعاقبونها الآن؟
ــ ليس عقاباً، ولكن نعتقد أنها الآن ليس لديها مصلحة في التغيير بشكل جذري، لأنها ليست جزءاً منه.. القوى التي لديها يد في التغيير يجب عليها أن تشكل ملامح هذه المرحلة، ومن ثم تتم مناقشة كيفية تحول ديمقراطي كامل، وقلنا عندما تأتي مرحلة الديمقراطية، فمن حقك تقديم نفسك والدخول في الانتخابات.
*ترفضون إذن أي وفاق وطني؟
ــ وفاق وطني عبارة فضفاضة، الآن هناك وفاق وطني.
*أنا لا أعني قوى الحرية والتغيير بالوفاق الوطني، أنا اتحدث عن القوى السياسية الأخرى؟
ــ أنا لا أسمي هذا وفاقاً وطنياً، الآن المهمة الأساسية هي نجاح المرحلة الانتقالية، وأي قوى سياسية تعتقد أن لديها دوراً في دعم المرحلة الانتقالية، فعليها أن تفعل ذلك، وليس هناك مشكلة، يمكن أن تقدم بيانات وتقدم دعمها، لكن القوى التي تتحدثون عنها هذه هي الآن ضد المرحلة الانتقالية.
* ليس من مصلحتها بالتأكيد انهيار البلاد؟
ـــ لكن عملياً تعمل على انهيار المرحلة الانتقالية.