بينما يمضي الوقت - أمل أبوالقاسم

معالجة مخلفات التعدين عشوائياً

أمل أبو القاسم

نرددها مجدداً وبما لا يدع مجال للشك فإن الإنسان فعلياً عدو للإنسان على مستوى العالم والإنسانية، وإنسان السودان تحديداً رغم أنه ينبغي له الترفع عن استغلال مواطنه، لما عرف به من نصرة له ومعاونته على الشدائد، ومشاركته له في الأتراح والأفراح، وهو ما تميز به، لكن يبدو أن الظروف الاقتصادية الضاغطة التي مر بها السودان في السنوات الأخيرة وحتى يومنا هذا، حفزت خصلتي الجشع والطمع لدى البعض، كما عززتها وأشعلت أوارها عند من أصيب بهما، والشواهد على ذلك كثيرة بدءاً من مهربي وتجار المخدرات والبشر وليس انتهاءً بالمضاربين بقوت الشعب والمتاجرة بالدقيق والوقود وغيره.. لكن أن تتاجر في هكذا أشياء مضرة بالمواطن ومهلكة للاقتصاد (كوم)، وأن تتاجر في صحته وعافيته (كوم تاني) مفزع، وقد تكالبت على المواطنين في الآونة الأخيرة أمراض ما أنزل الله بها من سلطان، وهو لا حول له ولا قوة لمجابهتها، ولا غرو في ذلك طالما أن الإنسان المفترض أنه صديق للبيئة، إنما هو في الحقيقة عدو كبير لها. قلت قولي هذا على خلفية ما ورد من أخبار بشأن ضبطيات لمصانع عشوائية تعمل على معالجة مخلفات التعدين وسط الأحياء أو بالقرب منها نفذتها الشرطة مع (سكرتارية لجنة التعدين، ومهندسي تعدين، جيولوجيين، أمن أقتصادي، إدارة البيئة والإعلام) لهم التحية جميعاً، وهم خلال أسبوع واحد تمكنوا من ضبط مصنع عشوائي بإحدى المزارع بضاحية الكدرو شمالي مدينة بحري، وضبطية ثانية لمصنع ضخم وسط عدد من مزارع الدواجن، ومزرعة خضروات بضاحية السليت شمال بحري أيضاً، والمؤذي الموجع استخدام مادة الزئبق في المعالجة، فضلاً عن أحواض تحتوي على مادة (السيانيد) التي وإن لم يحسن التعامل معها فهي مادة سامة وحارقة، كما ثبت أنها كانت سبباً رئيسياً في إجهاض الأجنة بإحدى ولايات دارفور، هذا إلى جانب معالجة المواد السامة بمواد سامة أخرى، ولا أدري كيف سمح أهالي تلكم المناطق بمثل هذا الضرر، وقد انتفضت ولايات ليس على مصانع معالجة تعدين، بل شركات تعدين لضررها البيئي، ولا أعني بذلك أن نحذو حذوها، إنما التبليغ الفوري للجهات المختصة. سبق وأن حذرنا من مغبة استخدام مادة الزئبق في عمليات التعدين الأهلي، وضرورة فرض رقابة صارمة عليها خشية بيعها أو استخدامها بطرق ملتوية كما يحدث الآن، وقد ولغ هؤلاء في استخدامها مع بقية السموم بغية التربح السريع والمجزي، دون اعتبار لتداعيات فعلهم على صحة الإنسان والبيئة والحيوان. أما كفانا الأمراض المهلكة والسرطانات التي قضت على أخضر الأعمار ويابسها قطعاً من لدن هذا الضرر؟، مثل هؤلاء يجب أن يعاقبوا عقاباً صارماً ورادعاً لغيرهم، وإن كان وخلال يومين تم ضبط مصنعين في منطقة واحدة، فهذا يعني أن ما خفي أعظم، وعلى الجهات التي شاركت في الضبطيات وتصنيفها مواصلة جهدها، على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن بالتبليغ الفوري، ومن يرغب في العمل في هذا المجال فعليه اتباع الطرق الرسمية عبر الجهات المعنية، كما ذكر وزير الطاقة والتعدين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية