ربع مقال

العاملون بالدولة.. إجازة ثلاثة أسابيع لا تكفي

د. خالد حسن لقمان

لو كنت مكان من يجلس الآن على سدة الحكم، ومن يقترح القرارات ويصدقها، ومن ثم يعلن عنها للناس، لأعلنت فوراً إعطاء إجازة مفتوحة غير محددة الفترة لكل العاملين في الدولة، ما عدا الجهات والأجهزة الحيوية في مهامها كأجهزة الطاقة من كهرباء ومحروقات وغيرها من الأجهزة الشرطية والأمنية.. ليس ذلك فقط أسوة ببقية الدول التي اتخذت إجراءاتها الاحترازية من وباء (كورونا) الجديد (COVID 19) المهلك والمتمدد بتسارع على مساحات واسعة من دول العالم حتى وصل عدد المصابين به أكثر من (200) ألف مصاب.. ولكن لأننا هنا في السودان في حاجة فعلية لمعرفة ما يمثله هؤلاء العاملون والعمال من أهمية وأثر كلٌّ في موقعه.. واتصالاً بهذا الأمر فقد كنت قد ناديت وقبل أسابيع قليلة فقط، ومن على هذه النافذة بضرورة تقليل أيام الدوام لموظفي وعاملي الخدمة المدنية برجالها ونسائها لتكون أيام العمل فقط يومين .. مثلاً: (الأحد والأربعاء) .. مثل هذا الإجراء سيكشف وعلى وجه واقعي حقيقي عن حجم ما تقدمه الخدمة المدنية من فعل إيجابي خادم للدولة والمجتمع، وفي ذات الوقت سيكشف عن أوجه القصور والخلل والخسارة الكبيرة وغير المبررة التي تتحملها الخزينة العامة، نتيجة لإنفاقها على عطالة مقنعة لديها امتيازات مهدرة خاصة على مستوى تكلفة التسيير الإداري للوزارات والوحدات الحكومية بمختلف مسمياتها ومهامها، وهي تكلفة كبيرة لديها دور في الأزمات التي تعيشها البلاد خاصة في الوقود والزحام وارتفاع الأسعار، وحتى في فشل القطاع الصحي وتأزمه.. فموظفو هذه الوزارات بوحداتها ظلوا، وعلى علم من الدولة، وعبر سنوات عديدة يحضرون ــ (إن حضروا أصلاً) ــ إلى مقار عملهم منذ الصباح ليقضوا يومهم ما بين شاي الصباح وقراءة الصحف وونسة (الواتساب)، ثم حصة الفطور وشاي ما بعد الفطور، ثم قهوة ما بعد صلاة الظهر، ثم حصة الونسة الثانية من مواقع التواصل الاجتماعي، وما جاء وذهب به هذا (الواتساب)، وذلك حتى نهاية زمن الدوام، لتأتي حركة الترحيلات بزحاماتها التي تتكرر مع نهاية اليوم، لتعود مع بداية صباح اليوم التالي .. هذا هو الواقع الذي يجب الاعتراف به لنمضي إلى حال أفضل يتحمل فيه الجميع مسئولياتهم تجاه أنفسهم والآخرين.. هذا هو السبيل الأوفق لبناء وطن جديد .. صدقوني حلولنا في الداخل وليست في الخارج.. فقط نحتاج لمن يجعلنا قادرين على إعادة الثقة في أنفسنا، ومن يودع في أنفسنا الإيمان بحق هذا البلد، علينا في أن ننهض به، و نعبر بأهله الصابرين إلى بر الأمان .. إذن المطلوب الآن ليس فقط إعطاء العاملين في الدولة إجازة ثلاثة أسابيع لدواعي هذه (الكورونا) اللعينة، بل المطلوب إجازة مفتوحة لجل هؤلاء يتم خلالها تقييم الموقف، ومن ثم إعادتهم لمواقعهم بدوام لا يتجاوز يومين فقط في الأسبوع.. على الأقل في مرحلة أولى تتدرج ليتعافى مع تدرجها واقعنا الاقتصادي والاجتماعي معاً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية