بين ليلة وضحاها، وجد الآلاف من السودانيين بالخارج ممن يرغبون في العودة إلى البلاد أنفسهم عالقين في موانئ ومطارات عدد من الدول؛ بسبب قرار الحكومة المفاجئ بإغلاق المعابر والمطارات تحسباً لعدم تسرب وباء فيروس (كورونا).
أوضاع إنسانية معقدة يعيشها السودانيون، وهم على أمل العبور إلى داخل وطنهم بينهم المرضى والعجزة والأطفال، ولكن السلطات تنزل القرار عليهم كما السيف البتار، ولا تفكر في المعالجات الآنية أو اللاحقة، وإلا لاستجابت لصرختهم خصوصاً بعد أن تعرضوا لضغوطات في تلكم البلدان.
أذكر في عهد النظام السابق، عندما أقدمت وزارة التجارة على وقف استيراد العربات أصدرت قراراً محكماً راعت فيهو العربة التي ترسو على موانئنا، وتلك القادمة للسودان وترسو في موانئ الدول الأخرى، بالإضافة لتحسب القرار لتلك البضائع التي هي في عرض البحر عدداً من الأيام، أتاحت للكل أن يخرج بأقل الخسائر، حيث لم يضار تاجر أو فرد من جراء القرار، لأنه راعى حقوقهم وحفظها بالنحو الذي مكنهم من عبور الأزمة. تخيل أن ذلك يحدث للسيارات التي لا تتلف أو تبلى بسبب الانتظار، فما بالكم أن يوضع الإنسان في هذه الخانة، التي أهدرت حقه في المعالجة والخروج بأقل الخسائر، حالة السودانيين الآن في موانئ العديد من البلدان يُرثى لها.
عدد من الأحزاب استشعرت هذه الأزمة، وسارعت بحثِّ الحكومة على ضرورة عمل معالجات استثنائية لضمان حل أزمة السودانيين الذين باتوا عالقين في مطارات البلدان المتقدمة، دون أن تنظر الحكومة في أمرهم، حزب الأمة القومي سارع بعقد مؤتمر صحفي دعا فيه رئيس الحزب السيد “الصادق المهدي” الحكومة لفتح المطارات والمعابر ليومين فقط، بغية تمكن العالقين من الدخول إلى البلاد حتى لا يضاروا أكثر مما هم فيه الآن، دعوة جيدة وجدت القبول من قطاعات واسعة، خصوصاً أنه كان من الأجدى للسلطات أن تقوم بتوفيق أوضاع السودانيين في الخارج، ووضع فترة سماح لضمان المعالجات الممكنة، فقد كان بالإمكان أن تحدد الحكومة فترة زمنية محدودة لتلافي أي آثار من قرار الإغلاق للحدود، ولكن في مثل هذه الحالة فإن الحكومة وقعت في فخ إهدار حقوق المواطنين الطبيعية، مؤسف أن يظل الآلاف من المواطنين على هذا الحال دون أن تقابل الحكومة ذلك بالمعالجات المهمة.. والله المستعان