هل التحوطات التي أعلنتها الحكومة كافية للسيطرة على الجانحة؟
بعد إعلان حالة وفاة سوداني بالكورونا
الخرطوم ــ نجاة إدريس
بعد إعلان وزارة الصحة السودانية إعلان أول حالة وفاة سوداني بـ(الكورونا)..حالة من الذعر والهلع بدت جلية في الشارع السوداني، وعدد كبير من المواطنين والمواطنات تجدهم يرتدون الكمامات على وجوههم، بينما اكتفت أخريات بـ”البلامة ” بديلاً للكمامات التي (استعصمت بالبعد عنهم)، فقد انعدمت من عدد غير قليل من الصيدليات، كما تصاعفت أسعار الكمامات في الصيدليات التي وجدت فيها، حيث وصل سعر الكمامة إلى (40) جنيهاً للكمامة العادية الواحدة، بدلاً عن (5) جنيهات في الماضي، بينما تراوح سعر الكمامة المتطورة مابين (150 -400) جنيه، كما وصل سعر الكرتونة لمبلغ (600 -800 ) وهو مبلغ كبير جداً للأسر السودانية خاصة وأن الأسر تحتاج لعدد موازٍ لعدد أفراد الأسرة من الكمامات.
تحوطات الحكومة
رئيس الوزراء السوداني د.”عبد الله حمدوك” أكد خلال تغريدته في (تويتر) أن كل الجهات المعنية مستعدة لتنفيذ خطة الاستعداد والاستجابة العامة للتصدي لوباء (الكورونا). وطالب المواطنين بضرورة توخي الحذر من (كورونا) التي اجتاحت العالم منذ يناير الماضي، مشدداً على ضرورة اتباع السودانيين للإرشادات الصحية التي أعلنتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، مؤكداً ضرورة غسل اليدين، وتجنب الأماكن المزدحمة. وكان مجلس الوزراء الانتقالي قد قرر إيقاف كآفة المؤتمرات العلمية والحكومية، بجانب منع الجماهير من حضور الفعاليات الرياضية، مع إيقاف سفر الوفود، كما منع مجلس الوزراء سفر (8) من رعايا دول موبوءة للسودان، كما تم إغلاق جميع المعابر مع مصر، بالإضافة لوقف السفر لثماني دول من الدول الموبوءة بكورونا. وأعلن وزير الصحة الاتحادي د.”أكرم علي التوم” – خلال مؤتمره الصحفي أمس الأول – عن جملة تدابير للحد من الوباء من ضمنها إقامة الفعاليات الرياضية بدون جمهور، مؤكداً ـأن وزارته تدرس مقترح تأجيل امتحانات الشهادة لمرحلتي الأساس والثانوي إضافة لإغلاق الجامعات، مضيفاً أن وزارته تقوم الآن بتجهيز مركز عزل لأسرة المصاب المتوفي، واصفاً هذه الأسرة بتجاوبها الكبير مع الوزارة. وأعلن وزير الصحة عن إشراك شركات الاتصالات في حملة المكافحة، وذلك بتفعيل تلفون الطوارئ (9090) للتبليغ عن حالات الاشتباه، إضافة لأربعة أرقام أخرى سيتم تمليكها للجمهور، مضيفاً أن الإجراءات الاحترازية ستتواصل حتى الثلاثين من يونيو القادم .
تحذيرات
وحذر وزير الصحة الاتحادي من جملة ممارسات يتصف بها الشعب السوداني يمكن أن تساعد في انتشار المرض بالسودان محذراً من “العطاس والبصاق” بعيداً عن المنديل، بالإضافة إلى العناق بالأحضان أو المصافحة، وذلك للحد من انتشار الفيروس. وقال الوزير محذراً الشعب السوداني من خطورة هذه الممارسات: (ما تشربوا بي كباية زول، وما تتف وتفرغ مناخيرك وتحكها في أقرب شجرة، وما تتف قدام الناس أو في الشارع)،مؤكداً أن البصق واللعاب من نواقل العدوى لفيروس (كورونا)، مضيفاً أن الوضع يحتاج ليقظة غالية من المواطنين واتباع إرشادات عدم التجمهر وعدم الملامسة أو المصافحة.
تحوطات ولائية
أعلن رئيس دائرة الصحة المكلف بولاية نهر النيل “عبد المنعم بلة” استعداد وزارته بالتنسيق مع وزارة الصحة الاتحادية لمجابهة فيروس (كورونا)، مشيراً لعزله لمواطن قادم من مصر، بعد أن تم أخذ عينة منه، وتم إرسال العينة للخرطوم، مضيفاً أن الوزارة شيدت مركز عزل متكامل ومجهز لمقابلة أي طوارئ، مطمئناً الشعب السوداني بأن ولايته تشهد استقراراً صحياً، وأنهم سيتابعون أي تطورات بدقة، مؤكداً بأنه لا يوجد ما يدعو للرهبة.
نصائح لـ”برهان” و”حمدوك”
كشفت الزميلة (آخر لحظة) أمس، عن أن فريقاً طبياً نصح القائمين على أعمال رئيسي مجلس السيادة والوزراء “البرهان” و”حمدوك” برفع درجة الاهتمام بصحتيهما إلى الدرجة القصوة وذلك، في اعقاب تفشي (الكورونا) في العالم. وجاءت النصائح مكتوبة وحوت إرشادات طبية، إلى جانب ضوابط أخرى، يجب التقيد بها في المرحلة القادمة، مع ضرورة خضوعهما للفحوصات الطبية دورياً .
تحوطات أحزاب
وفي ما يخص تحوطات القوى السياسية تجاه وباء (الكورونا) فقد أجل حزب “المؤتمر السوداني” مؤتمره الاقتصادي الذي يضم ورش مؤتمر الاقتصاد، وملتقى الأعمال الأول، إلى أجل غير مسمى. وقال بيان صادر من الحزب إن التأجيل يأتي استجابة للإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة الصحة الاتحادية مساء (الجمعة) في مواجهة انتشار الوباء، مشيرين إلى أنهم يرجون أن تسهم الإجراءات والتجاوب المسؤول معها في تحقيق الوقاية والسلامة لشعب السودان.
إرشادات طبية
د.”ندى فضل” من إدارة مكافحة الأوبئة بالولايات المتحدة الأمريكية، أشارت إلى أن الوباء الذي اجتاح العالم خطير جداً، والحالات في زيادة متسارعة، مضيفة أن أخطر ما في المرض أن المصابين قد لا يشعروا بالمرض، أو قد تأتيهم أعراض خفيفة طيلة فترة الإصابة، وقليل من يصل لمرحلة أن تأتيه أعراض شبيهة بالالتهاب الرئوي. وأكدت د.”ندى” أنه قد تستفحل الحالات للمرضى الذين يعانون من أمراض أخرى مزمنة أخرى مثل مرضى الضغط أو الكلى والكبد، أو الذين لديهم مشاكل في الرئة، أو الذين لديهم خلل في الجهاز المناعي مما قد يؤدي لمقتلهم. وأوصت د.”ندى” بضرورة الوقاية من المرض بالتقليل من التجمعات بالأماكن المزدحمة، بالإضافة لضرورة غسل الأيادي جيداً بعد كل حالة لمس للأشياء المحيطة بالشخص، بالإضافة لتنظيف جميع الأسطح التي تلمس باليد، خاصة في ما يخص المركبات العامة أو أسطح المنزل، كما يجب الابتعاد من أي شخص من المشتبه في إصابتهم بـ(الكورونا). ووصفت د.”ندى” أهم أعراض (الكورونا) وهي الحمى، الصداع، السعال، والفتور بالجسم، مضيفة بأن الأعراض مشابهة لحد كبير لأعراض الإنفلونزا العادية، محذرة من المصافحة والعناق، مع ضرورة ذهاب المشتبهين للعيادات حتى يقوا الآخرين، كما أوصت د.”ندى” بضرورة التزام المواطنين لبيوتهم مع تدبير المستلزمات الضرورية للإعاشة، حتى لا يضطر المواطنون للخروج. ونفت د.”ندى” أن يكون فيروس (الكورونا) لا يصيب المناطق الحارة مؤكدة بأنه قد انتشر في دول حارة جداً مثل السعودية.
سيطرة متدنية
الخبير بالصحة د.”سيد قنات” لفت في إفادته لـ(المجهر) أمس، إلى جملة مشاكل تعاني منها البلاد، مشيراً إلى أن بيئة المستشفيات متردية، وحتى الكوادر الطبية لم تجهز لهم الوزارة ما يقيهم شر العدوى بالمرض، مضيفاً بأن إمكانيات الوزارة ضعيفة نسبة للدمار الذي أصابها منذ ثلاثين عاماً، إضافة إلى أن العلاقات الاجتماعية بالسودان تساعد في انتشار المرض، فمثلاً إذا حاولت أن تلغي حفل زواج بالصالة، فإن الأسر لن ترضى بذلك، وحتى في الأتراح إذا قلت إن العزاء سينتهي بانتهاء مراسم الدفن، فإنهم لن يقبلوا، مضيفاً أن هذه التحوطات ستكون جيدة جداً في بلد آخر غير السودان، مضيفاً أن السودانيين لن يقبلوا عبارة (صلوا في رحالكم) بديلاً عن المسجد، على الرغم من جواز ذلك. وأكد “قنات” أن دولاً مثل النرويج في إمكانياتها اعترفت بعدم مقدرتها على السيطرة على درء مخاطر الجانحة، فكيف بالسودان الذي يعاني من الازدحام في وسائل النقل ومن الضعف المادي؟. وشدد “قنات” على ضرورة أن يتم بث التوعية بالمرض في وسائل الإعلام خاصة المرئية والمسموعة.