شهادتي لله

“كورونا” .. الوزير “مانيس” يغطي ثغرات الوزراء الناشطين !!

لم أصدق للوهلة الأولى ما سمعته في مقطع فيديو من حديث لوزير الصحة الاتحادي د. “أكرم التوم” في مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء أمس الأول ، وظننتُ أن المقطع مفبرك وخضع لعملية مونتاج للحط من قدر الوزير (الطبيب) الذي يفترض أنه متعلم ومثقف، في إطار الكيد السياسي وحرب المقاطع والتسجيلات الصوتية بين (الكيزان) و(القحاتة) .
ولأنني حريص على عدم إيراد معلومات دون تثبت ومراجعة ، فقد اتصلتُ بمحررتنا المثابرة “فاطمة عوض” وهي صحفية متخصصة في تغطية وزارتي الصحة والتربية لسنوات طويلة ، وسألتها : هل حقاً قال وزير الصحة في المؤتمر الصحفي :(ح تخش الكورونا البلد .. وبنقدر عليها .. “عمر البشير” قدرنا عليهو .. ما بنقدر على الكورونا الصغيرة دي) ؟ قالت لي : (نعم قالها .. لكن لأنه كلام ما مهم .. فما جبتو في الخبر) .
وصدقت “فاطمة” ، فهو كلام غير مهم وغير مهني ، ولا يليق بطبيب ووزير صحة ، فما علاقة قوة وقدرة فايروس “كورونا” بقوة وقدرة “عمر البشير” ؟!
أين هو وجه المقارنة بين مرض فتاك مات آلاف الناس في شتى بقاع العالم، وما زالوا يموتون كل يوم من آثار مضاعفاته، وبين نظام سياسي كان يحكم السودان ؟!
هل مثل هذا الكلام يمكن أن يصدر من وزير مهني كفؤ متخصص في مجاله العلمي؟! هل سمعتم يوماً أي وزير صحة في السودان طوال الثلاثين عاماً الماضية (موضوع المقارنة اليومي ما حدث في الثلاثين عاماً) .. يتحدث في مؤتمر صحفي عن السيد “الصادق المهدي” أو السيد”محمد عثمان الميرغني” أو “جون قرنق” أو “باقان” أو “عرمان” ؟!
وزارة الصحة وزارة ذات طبيعة مهنية وعلمية خاصة ، لابد لوزيرها أن يجتهد – لو لم يكن طبيباً- في أن يكون بمقام الوزارة بالغة الأهمية، ويرقى لمستوى منسوبيها من علماء الطب ورُسل الإنسانية وملائكة الرحمة ، صفوة المجتمع الأكاديمي في أي بلد ، فما بالك لو كان الوزير طبيباً !!
إنه حديث مضحك ومخجل (كورونا الصغيرة دي)!! .. لو كانت “كورونا” صغيرة لما قامت الدنيا وما قعدت حتى الآن هلعاً ورهبةً واضطراباً مستمراً ضرب أعظم اقتصاد في العالم .. اقتصاد “الصين” التي تصنع من الإبرة إلى القنبلة النووية ، فماذا تصنع دولة “أكرم التوم” الذي يزدري الكورونا ويتحداه، كما تحدى “عمر البشير” الذي انقلبت عليه لجنته الأمنية واعتقلته عندما كان “أكرم” يغط في نوم عميق بالقاهرة!!
إذا كان وزير الصحة يسخر بهذا الأسلوب من “كورونا” ويستهتر بخطره الذي أعلنت له كل دول العالم الكبرى والصغرى حالات الطوارئ، وأغلقت له الحدود ، وحظرت بسببه الطيران ، فإن السودان مهدد بالخطر ، لأن وزيره المختص (ناشط سياسي) يظن أن مواجهة الأوبئة الفتاكة مثل مواجهة “عمر البشير” ، مليونية واحدة ويسقط “كورونا” ..وبس !!
لكن الحسنة الوحيدة في حكومة الناشطين هذي ، أن فيها وزيراً رفيعاً يعمل في خانة (الجوكر) اسمه “عمر مانيس” تدرب في وزارة الخارجية وتعلم الخدمة المدنية وفنون الإدارة في سفارات النظام السابق !!(بالمناسبة علمتُ أن الرئيس السابق كان معجباً جداً بتقارير السفير “مانيس” عندما كان نائب المندوب الدائم في نيويورك)!!
لله درك يا سعادة الوزير والسفير “مانيس” وأنت تصدر فرماناً بإغلاق الحدود مع جمهورية مصر العربية، وحظر التأشيرة على القادمين من دول الكورونا (هناك دول خليجية يجب أن يشملها القرار)، وتعليق الرحلات الجوية من الخرطوم وإلى تلك الدول، ونصح المواطنين بعدم السفر إلى الدول الموبوءة ، وضع المعابر في حالة استعداد قصوى، التنسيق بين وزارة الصحة وإدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة لتجهيز المعسكرات وعنابر الإيواء ، توفير التمويل اللازم من وزارة المالية والاقتصاد بالتنسيق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، العمل على تفادي التجمعات (أوقفوا المواكب يا ناشطين ولجان مقاومة .. الكلام ليك يا المنطط عينيك) ، تقوم وزارة الثقافة والإعلام بتكثيف حملات توعوية وإرشادية في جميع أجهزة الإعلام بالتنسيق مع وزارة الصحة .
ووجه قرار وزير رئاسة مجلس الوزراء، وزارات الصحة ، الخارجية، الدفاع، المالية، الداخلية والثقافة والإعلام باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ خطة الطوارئ .
الوزير “عمر مانيس” الوحيد الذي يعمل في حكومة الناشطين .

جمعة مباركة .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية