فنجان الصباح - احمد عبد الوهاب

تهنئة بالسلامة ودعوة للاستقالة!!!

أحمد عبدالوهاب

تهنئة منا بالسلامة والنجاة من الفعل الإجرامي الأشتر، نسوقها للسيد رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك”، وحكومته وأسرته الصغيرة.. إن التفجيرات والعنف لغة جديدة على المجتمع السوداني المسلم المسالم.. وقد اعترف بذلك الأمريكان أنفسهم.. والفضل ما شهدت به الأعداء.. فقد قال البيت الأبيض قبل سنوات إن السودان ليس بلداً إرهابياً.. ولكنه يمكن أن يصبح مسرحاً لإرهابيين أجانب.. وقد استدلوا بحادثة أيلول الأسود التي راح ضحيتها السفير الأمريكي بالخرطوم.. الذي كان يلبي ليلتها مع مجموعة من أعضاء السلك الدبلوماسي دعوة في السفارة السعودية.. ثم جاءت بعدها حادثة اغتيال المرجع الشيعي البارز “هاشم الحكيم”.. وقد أشارت أصابع الاتهام حينها إلى عناصر من السفارة العراقية، أمطروه بوابل من الرصاص، وهو داخل للتو إلى بهو فندق الهيلتون، ولاذوا بالفرار على متن سيارة تحمل لوحة دبلوماسية.. ولم تكد أصداء ذلك الحادث تهدأ، حتى دوى انفجار إرهابي مروع في فندق الأكروبول العريق في قلب الخرطوم.. وقد قضى في الحادثة مجموعة من رعايا غربيين.. ثم كان أخيراً وليس بالطبع آخر، جريمة اغتيال الأمريكي “قرانفيل”، عشية عيد الفصح من عام 2008م..على يد مجموعة متطرفة، يعتقد أنها تتبع لجماعة سلفية جهادية..
إن أهل السودان كلهم جميعاً مدعوون لإدانة حادث التفجير الذي استهدف موكب “حمدوك”.. ونخص بالذكر والشكر (المؤتمر الوطني) والذي دان بلسان رئيسه بروفسور “غندور” وبأقوى العبارات الحادث الجبان.. كما أن أهل السودان مدعوون وبقوة لحماية السلم الاجتماعي.. إن أمن البلاد واستقرارها أهم وأعظم من أن يترك للحكومة وحدها.. فالأمن والأمان اللذان ينعم بهما السودان، هما ثروة سودانية لا تقدر بثمن.. وعلى كافة أفراد الشعب أن يعضوا عليها بالنواجذ.. صحيح أن الفشل التام هو كل حصاد حكوَة السيد “حمدوك” وهي تكمل شهرها السادس.. ولم تنجح في شيء البتة، ما خلا نجاحها في استبدال تمكين بشع، بآخر أشد قبحاً وبشاعةً.. لقد انشغلت حكومة “حمدوك” بتمكين عناصر موالية لها، في مفاصل الدولة.. بعد أن أقامت مذبحة لا تنسى في الخدمة المدنية .. شردت كفاءات وأحلت محلهم كوادر فاشلة، وخيول متعبة.. وهو ما أدى إلى هذا التردي الكبير للسودان في مستنقع الفشل.. لقد انشغلت الحاضنة السياسية بالمغانم والمناصب والأسلاب.. ونسيت قضيتها الأساسية وهي تسيير دولاب الدولة.. في وقت يعيش فيه الشعب أوضاعاً اقتصادية صعبة.. جعلت أكثر الناس حرصاً على ذهاب الإنقاذ يحنون إلى عهدها، ويندبون حظاً عاثراً قادهم في ديسمبر إلى ما قاد أسلافهم في أكتوبر، عندما هتفوا للفريق “عبود” بعد شهور قليلة من الإطاحة به، بانتفاضة عارمة عام 1964م ( ضيعناك وضعنا وراك).. ولات ساعة مندم.. ففي الصيف الثوري الأهوج أضاع السودانيون اللبن..
ليس أمام أهل السودان سوى الصبر على حكومة “حمدوك”.. فهو وإن نجا من حادثة إرهابية، ولكن حكومته لن تنجو من ثورة شعبية لا محالة.. إن الحادثة الإجرامية يمكنها أن تعطي “حمدوك” وحكومته دفعاً مؤقتاً.. ولكن تمنحه شيكاً على بياض.. إن دفعاً من جمهور على الجوار لشاحنة توقف محركها يمكنه أن يجعل المحرك يعمل، أو تجتاز منطقة حرجة، ولكن لا يوجد جمهور قادر على أداء دور محرك الشاحنة إلى مالا نهاية..
ليت “حمدوك” استغل هذا التعاطف الشعبي ليقدم بين يديه استقالة حكومته.. فهذا التعاطف قليل أم كثير، هو آخر وقود حيوي في خزان الثورة.. والشطار وحدهم هم من يعرفون متي يحرزون الهدف.. أو متي يقررون الانسحاب.. لا يملك شعبنا صرافة لتحويل التعاطف إلى خبز.. ولا إلى جالون بنزين.. لكنه يملك اسطوانة غاز للطبخ.. وهي عبوة قادرة على صناعة الانفجار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية