أصبح الشارع السوداني أمس، على الشروع في محاولة اغتيال دولة رئيس الوزراء دكتور “عبد الله حمدوك” واستهداف موكبه قرب (كبري كوبر) بالخرطوم بحري، ولغرابتها، فضلاً عن كونها دخيلة على المجتمع السوداني، والسياسي مهما احتدم صراعه، فقد خلفت غباراً كثيفاً على كل المستويات، وضجت بها (الميديا) ومواقع التواصل الاجتماعي، وأثرت على شكل الحياة بصورة عامة، ورفعت من الحس الأمني مجدداً في شوارع الخرطوم، بالتركيز على بعضها، حيث إن الفعل غريب وينم عن صبغة إرهابية لم نألفها قريباً، ربما وليس بعيداً، رغم توفر الخام منه، وأعني الخلايا والجيوب الإرهابية التي خلفها النظام البائد، دون أن يهتم أو يلغي أحد بالاً لكنسها البتة، اللهم إلا محاولات وتصريحات خجولة بوجود مجموعة منهم والشروع في إبعادها وأحياناً نفيها البتة. وما حدث يفتح الباب على مصراعيه لعدد من الاحتمالات والتكهنات والسيناريوهات رغم تلميح (قحت) بإلقاء التهمة على الإسلاميين، ومن ثم دعوة الجماهير للخروج في مواكب، رغم أن الشبهة تطالهم كذلك. ومن هذه الاحتمالات قد يكون نتيجة التضييق على الخلايا الإرهابية وجيوبها المندسة، سيما أن لجنة الأمن والدفاع العليا اتخذت خطوات جادة لمكافحة الإرهاب منها مراجعة الجوازات الدبلوماسية والعادية التي سبق أن تم منحها لهذه الجيوب الإرهابية، وربما ما حدث إنما محاولة انتقام لبعض هذه المجاميع الإرهابية وخلاياها النائمة، سيما أن واحدة منها بشرق النيل، كان قد جاء في اعترافاتها نيتها اغتيال بعض الشخصيات والرموز السياسية منها “حمدوك” نفسه. أم ترى أن ما حدث نتيجة للتقارب الكبير في الأيام القليلة الماضية ما بين المكونين العسكري والمدني؟ أم ترى ما حدث محاولة لتلميع “حمدوك” بعد فشل حكومته الكبير في معالجة الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، مما اضطرها للجوء لتكوين لجنة عليا برئاسة “حميدتي” وتنامي شعبية العسكر مقابل المدنيين، فتم إعداد هذا السيناريو الهزيل، وهو الاحتمال الذي سارت به ركبان (الميديا) أمس؟. أم أن التفجير محاولة ماكرة للزج بالدولة العميقة وبقايا الإسلاميين في محرقة وشيكة تنتظرهم نتيجة توصيات واشتراطات بعض المحاور الإقليمية لضربهم لقاء توفير الدعم السياسي والمالي للحكومة؟ أم هل ترى للأمر علاقة بزيارة المسؤول الأمريكي الكبير للبلاد، ومحاولة الإيحاء له وفق مؤشرات خاطئة للأوضاع في البلاد، فضلاً عن الزيارة المزمعة لرئيس السيادي “البرهان” إلى أمريكا وأول أهدافها ومطالبها المعلومة رفع اسم السودان من اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب؟. جميعها سيناريوهات يمكن أن تمثل قراءة تحليلية تصدق أو تخيب، والأيام كفيلة بترجيح أي منها، وتبقى التحقيقات الأمنية هي الفيصل. ولأننا في المقام الأول سودانيون، وهذه العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية ليست في قاموسنا، ولا شيمنا، نستنكر الأمر بشدة، ونحمد الله على سلامة الدكتور “عبد الله حمدوك” وصحبه.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
أمل أبو القاسم تكتب.. الصعود إلى قمة الهبوط
2020-08-16
“كورونا” لا تحتمل الاستهتار
2020-04-15
الدقيق الفاسد..( يا عيب الشوم)
2020-04-14
شاهد أيضاً
إغلاق
-
الدقيق الفاسد..( يا عيب الشوم)2020-04-14