لن يستطيع أحد أياً كانت درجة خصومته أو عدم اتفاقه مع الشيخ الراحل الدكتور “حسن الترابي” الذي صادف يوم أمس الأول (الخميس) الخامس من مارس2020م الذكرى الرابعة لرحيله.. أن ينفي بأن الرجل قد مثل حجر الزاوية وقطب الرحى في الساحة السودانية علي وجهها السياسي والاجتماعي وبالتالي الفكري والثقافي خلال نصف قرن كامل من الزمان عبر تأثيره البالغ على وجهه بل و(متن) الحياة السودانية والإقليمية وربما العالمية من حولها.. فهكذا يقدر الله للأمم والأوطان أن يندفع وميض من بين ركامها المعتم ليحدث بحركته وفكره هالة عظيمة من الضوء والتوهج فتنجذب إليه القلوب وتنتبه إليه العقول، والراحل “الترابي” كان بجهده الذي آمن به وسعى إليه وعاش من أجله بإيمان كامل ويقين راسخ متحملاً كل تبعات ما يفعل تضييقاً وتنكيلاً وحبساً وسجناً طوال مراحل حياته شاباً ورجلاً وكهلاً وشيخاً طاعناً هو هذا الوميض المتوهّج الذي أنار للشباب طريقهم وللنساء دربهن، فأخرج من هؤلاء العابدات الطاهرات والعاملات في كل ضروب الحياة بمثل ما أخرج من أولئك رجالاً شهباً مضى أزكاهم وأطهرهم في سبيل دعوة الحق التي لا تموت ولا تحول إلى (منظمات) ولا تضم إلى تنظيمات (خربة تائهة) فتحت أبوابها لشذاذ الآفاق وسفهة المدينة وحراميي الخزانة العامة.. حياك رب الحق وأنت في ملكوته الأبدي يا شيخ “حسن” وأجزل لك العطاء بمثل ما أعطيت واجتهدت ورحمك الله إمام “علي” الشيخ حين شدوت:
فتى أخلاقه مُثل
وملء ثيابه رجل
يعج الحق في دمه
ويزحم صدره الأمل
تراه الصبح مبتسماً كأن حياته جدل..
ينم سلوكه عنه ويتبع قوله العمل.. وإن دارت معاركها فلن يتزحزح الجبل ..