بينما يمضي الوقت - أمل أبوالقاسم

في بريد مطار الخرطوم والسفير المصري

أمل أبو القاسم

في الوقت الذي يفتح فيه السودان مصراعيه لدخول كل من هب ودب بلا أدنى مساءلة أو إخضاع لنظم وقوانين احترازية، سيما ما يلي الصحة، تستوقف مصر على بواباتها السودانيين، وليس الأجانب أجمع. وقد حدث لنا موقف بمطار القاهرة في رحلة لشركة (تاركو) للطيران ليلة (الثلاثاء 25 فبراير)، عندما كنت ضمن وفد إعلامي للمشاركة في فعاليات الملتقى الثاني عشر للمركز العربي للإعلام السياحي، فاحتجز الموظفون العاملون بالصالة وبالقرب من وحدة الحجر الصحي عدداً من أفراد الرحلة، بينهم أحد الزملاء بذريعة أن كرت الحمى الصفراء غير مستوفٍ للشروط، وخيروهم بين الترحيل فوراً للسودان، أو الذهاب بهم لمستشفى الحميات بالعباسية، لا بل ظل أحد الموظفين يتحدث إلينا بتعالٍ، مهدداً بالحجز لأسبوعين دون أن يكون له مسوِّغ طبي أو قانوني، ولا حتى صفة تخوله لذلك، لكنه الهوان. بقينا في صالة القدوم ننتظر لقرابة الساعتين، وبين المحتجزين سيدات كبيرات في السن، ليس معهم كفيل ينتظرهم أبناؤهم بالخارج، بعدها تم توزيعهم على عدد من سيارات الإسعاف التي انطلقت بهم نحو مستشفى العباسية للحميات، حيث تم فحصهم، وبعد التأكد من سلامتهم. وفي إهانة ثانية احتجز المشفى جوازاتهم على أن يستلموها قبل تاريخ سفرهم بساعات، بعد إحضار التذكرة للتأكد. الغريب في الأمر انه وفي أوج انتشار فيروس (كورونا) سُمح لكل الجنسيات من الدول الأخرى بما فيهم دول شرق آسيا بالمرور بدون أي فحص طبي، أو كروت صحية. والغريب أيضاً أنه ليس بالسودان حميات دعك من الصفراء، إذن لما تعاملت السلطات المصرية هكذا مع السودان فقط؟ فلو كان الإجراء معمماً لما علقنا عليه، لكن أن يختص به السودان دوناً عن العالمين، ولكل دول علة ووباء تشتهر به بما فيها مصر، فهذا ما يستدعي التوقف عنده. ترى هل الأمر مرتبط بكون السودان أصبح أمره هيناً في ظل حكومة عاجزة عن حفظ كرامة إنسانه معيشياً؟ فما بالكم بهكذا إهانات ليست في حساباتها البتة، في وقت كانت تتصدى الحكومة الفائتة وسفاراتها لحفظ ماء مواطنيها في أي من الدول عند أي تصرف غير لائق، ويبدو أن ما يعانيه السودان من هشاشة وسيولة الآن سيدفع بمواطنيه لمعايشة الذل والهوان في أي موقع ومكان. الآن وبعد أن تم إعفاء (109) من السفراء دون ذنب جنوه، سوى أنهم عينوا في العهد البائد، فسينفرط عقد أمن وحق السودانيين بالخارج، فإن أذاقوا المواطن داخل بلده الويلات فكيف سيكون حاله خارجه؟ سيما أنهم ومن باب المحاصصة والتمكين سيأتون بـ(كفوات) ليسوا بأقل منهم كفوة وبلوى، وستتراجع الأمور والقضايا من سيئ لأسوأ، ودونكم ما حدث بالمعادن مما اضطرهم للتوبة والرجوع للاستعانة بمن أزيلوا بموجب القانون البغيض، لكن أحسب أن هذا كله لخير، ففي كل يوم يضاف العشرات، بل المئات لرصيد الغبن ضد (قحت) من لدن المفصولين انتقاماً، وقريباً سيرتد عليهم وبالاً، وكما تدين تدان. على كلٍّ، وبالرجوع للموضوع الأساسي نطالب أولاً وزارة الصحة ومسؤولي مطار الخرطوم بالمعاملة بالمثل لكل الدول، سيما في ظل انتشار (كورونا)، أيضاً نطالب السفير المصري بالخرطوم الأستاذ “حسام عيسى” بتوضيح للتصرف المهين، سيما أنه وخلال حوار أجريته معه قبيل أسابيع فتح صدره ومكتبه لأي استفسار أو شكوى حرصاً منه على حفظ متانة العلاقات بين الشعبين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية