سبقت صحيفة (المجهر السياسي) الغراء كل الصحف عندما نشرت لي في العام الماضي مقالين، أطالب فيهما بضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات جريمة عهد الإنقاذ الكبرى بيع “الشركة السودانية للهاتف السيار” المعروفة عالمياً باسم “موبيتل”.. وقد كنت أشفق على (المجهر الغراء) وهي تدخل المنطقة المحرمة.. وتتوغل في عش الدبابير.. ولكن الأستاذ “الهندي” لمن لا يعرفونه لا تأخذه في الحق لومة لائم.. وقد طلبت من المجلس العسكري وقتها بأن يملك الرأي العام تفاصيل الجريمة الكبرى.. والتي لا تقل فداحة وخسارة عن انفصال جنوب السودان.. إن نظام الإنقاذ لو لم يفعل سوى فصل الجنوب وقبله بيع “موبيتل” لكفاه سوءاً.. لقد كان بيع “موبيتل” أكبر جريمة اقتصادية في تاريخ السودان..
إن الحكومة الحالية مطالبة بالثأر للشعب السوداني من الجناة الذين ارتكبوا عمداً جريمة بيع “موبيتل”.. وأن تخضعهم للعدالة وسيف القانون.. وأن تأخذ حق الشعب من عيونهم وتقتلعه من داخل كروشهم.. وأن تعيد للشعب “موبيتل”.
وبشهادة الدكتور العظيم “الطيب مختار” وهو أحد أبناء السودان البررة وأحد مؤسسي سوداتل ولاحقاً “موبيتل” فإن كاتب هذه السطور هو أول رئيس تحرير ينشر له سلسلة مقالات تنتقد صفقة بيع “موبيتل” بتراب الفلوس للأجانب.. وقد هنأ في العام 2009م لنشري السلسلة التي رفضت كل الصحف نشرها..وقد صدق الرجل حينما قال لي إنها ستكلفك غالياً.. وبالفعل فقد تمت محاصرتي ومحاربتي من عتاة أركان النظام البائد.. وبقيت بدون عمل منذ العام 2013م.. ولم تقبل الصحف أن أكتب لها عموداً راتباً ماخلا مقالات متباعدة وبالمجان.. إلا صحيفة (المجهر السياسي) الغراء.. فقد دعاني صاحبها للكتابة الراتبة وهو يعلم يقينا بأنني مغضوب عليه من النظام البائد ومن النظام الذي- عما قريب- سيبيد.. وما ذلك على الله تعالى ببعيد..
إنني من منبر (المجهر) الغراء أدعو السيد رئيس المجلس السيادي والوزاري والنائب العام بتشكيل محكمة كبرى للعصابة التي ارتكبت جريمة العصر السوداني في الاقتصاد.. لتكون أكبر محاكمة لرموز الفساد وليكونوا لغيرهم ولمن استن بسنتهم عظة بالغة وعبرة خالدة..
لقد دمروا ببيع “موبيتل” اقتصاد البلاد.. وجففوا- جفف الله الدم في عروقهم- بلادنا من كل دولار كنا نتحصل عليه بحفر الأرض وكسر الحجر وطق الشجر فإذا له يروح بطق الحنك.. على حد قول الدكتور “الطيب مختار”.