ربع مقال

سد النهضة ..نحن ومصر وأثيوبيا والأمريكان

د. خالد حسن لقمان

من أسوأ ما يمكن أن يحدث لأي شعب أن يجد نفسه حائراً تجاه قضاياه الأساسية والمصيرية بحيث يحوطها الكثير من الغموض والسرية، وذلك على مستوى تصبح معه رؤيته كشعب تجاه هذه القضايا المصيرية على خطورتها منعدمة تماماً.. ومن ذلك نجد الآن قضية سد النهضة بالنسبة لنا كشعب سوداني.. من منكم يستطيع الآن أن يحدثنا عن هذا المشروع، وهو واثق من ما يقوله على مستوى حقيقة المعلومة وصدقها وحجمها .. صحيح أن هنالك الكثير من المعلومات رشحت مبكراً عن المشروع بواسطة بعض من يمثلون الجهات الحكومية المختصة، وبعضها الآخر صدر عن بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين في أوقات متتالية ومتباينة في ظرفها، إلا أن كلها لم تخرج عن كونها معلومات صماء ومتكررة وفي غالبها فهم يقارب رؤية المسئولين الحكوميين إن لم تطابقها وخلال كل هذا كانت أسئلة الإعلاميين والمهتمين بحقيقة هذا المشروع المهم والمصيري للسودان تضيع بين الكثير من الجدل العقيم وما استطاع المجتهدون من هؤلاء وهؤلاء الحصول عليه من معلومات حول المشروع من مختلف مصادر البحث والتحري عبر الوسائط المعرفية المتاحة كافة، وعبر كل المنافذ المحلية والإقليمية والدولية.. كله لم يستطع أن يوفر المعلومات المطلوبة التي تجيب بقطع، لا بتخمين وبمنطق حسابي لا بخيال إنشائي عن أمرين اثنين، يقول سؤال الأول: هل سيجني السودان من هذا المشروع فوائد حقيقية تعود عليه، وعلى حالته الاقتصادية بفوائد معلومة ومرصودة (ما هي هذه الفوائد بالأرقام والحسابات)، وهل ستكون هنالك مخاطر على السودان من قيام هذا المشروع (ما هي هذه المخاطر وما أدلة وبراهين حقيقتها؟ ).. نعم فقط سؤالان لا أكثر .. ولكن بدلاً من أن نجد إجابتين واضحتين جليتين عن هذين السؤالين عمت الفوضى دائرة الحديث عن هذا الأمر المصيري، فتخبط هذا مع نفسه ومع الآخرين لتضيع الحقيقة في أصلها.. حتى المواقف السياسية للحكومة السودانية بدت أخيراً في وضعية لا تحسد عليها، فبعد أن قرأ الكثيرون الموقف السوداني على أنه متفاهم، ولحد ما مع الموقف الأثيوبي وبجانبه موقف دول حوض النيل الأفريقية في مقابل الموقف المصري ها هو الآن الموقف السوداني يقترب من الموقف المصري بعد الدخول القوى والمدهش للولايات المتحدة الأمريكية كشريك تفاوضي رئيسي وها هو الأمر ينتهي بالأمس بتوقيع الجانبين المصري والسوداني في واشنطن على اتفاق الآلية التي اقترحها الأمريكان والخاصة بطريقة وجدولة ملء الخزان في الوقت الذي سجلت فيه إثيوبيا انسحاباً مفاجئاً وضع السودان في موقف لا مفر مطلقاً من أن يقرأ على نحو تحالفي جديد دفع بالخرطوم دفعاً لتحاذي أقدامها مع الأقدام المصرية خلف إمامة أمريكية، وذلك في وضعية من الصعب وصفها بالشرعية ليس فقط لاختلاف ملة الإمام وتعارض ديانته مع ديانة المأمومين، ولكن لغياب من يقيم الصلاة نفسها لتأذن إقامته ببدء الصلاة والشروع فيها، حيث لا صلاة بلا إقامة بمثل أن لا إقامة بلا أذان..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية