بداية أزمة..!!
{ متى فشل السودان، طوال تاريخه، في سداد مستحقات عضويته في الأمم المتحدة، حتى أغلق صندوق التصويت أمامه، وخرج مندوب السودان حاسر الرأس يندب حظه، ويصبح خبر حرمان السودان من حقوقه تسير به الركبان والدول و(الأسافير)!!
سألت الدكتور “التجاني الطيب”، الخبير الاقتصادي ووزير الدولة بالمالية في التعددية الحزبية 85 – 1989م وهو من كبار الموظفين الدوليين سابقاً في البنك الدولي والأمم المتحدة، عن سابقة إغلاق صندوق التصويت في وجه السودان، فقال د. “التجاني الطيب”: الأمر مؤسف جداً ولم يحدث في تاريخ السودان الحديث والقديم أن عجزت الحكومة عن سداد اشتراكاتها في المنظمات الدولية إلا في الفترة الأخيرة. ويحتاج السودان لكي يعود للتصويت إلى مبلغ مليون دولار أمريكي فقط عبارة عن متأخرات للأعوام الماضية، وقد قال وكيل الخارجية “رحمة الله محمد عثمان” إن السودان سدد حتى أمس (879) ألف دولار.
{ في أخبار الأسبوع الماضي، أن سفارة بإحدى دول الجوار اضطر العاملون فيها للإقامة في استراحة واحدة لقلة الاعتمادات المالية.. وحينما تضرب الأزمة الاقتصادية مفاصل الدولة وتعجز المالية عن سداد اشتراكات البلاد في المنظمات الدولية، وتعيش سفارات السودان في الخارج حالة فقر وإملاق يجعلها غير قادرة على أداء واجبها، وحينما يتم تقليص الوجود الدبلوماسي في بلد بسبب قلة المال، فإن كفاءة الخارجية في الدفاع عن السودان تتدنى لأدنى مستوى لها.. وحينما تعجز الدولة عن سداد اعتمادات استيراد الدواء حتى تجف الصيدليات ويموت الناس بشح الدواء وتغلق بعض مراكز غسيل الكلى أبوابها في وجه المرضى، وتدفع الرغبة في الحياة بعضهم للتظاهر والاحتجاج ولا تجد الدولة غير عصاة البوليس وهراوته لتفريق احتجاج المرضى.. تقف هذه الأحداث كشاهد إثبات على أن بلادنا قد دخلت الآن فقط عنق الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وأخذت تضرب عظام الدولة وتأكل لحم المواطنين بلا رحمة ولا شفقة، ولا تلوح في الأفق القريب بوادر انفراج للأزمة في ظل سحب ودخان الحرب الذي يخيم على بلادنا، وما له من آثار عميقة على الاستقرار السياسي والاقتصادي ونفور المستثمرين من بلادنا، فلن يجرؤ مستثمر على إنفاق ثروته في بلد يعجز عن الوفاء باستحقاقاته في المنظمات الدولية ويسود مناخه الداخلي احتقان.. معارضة تهدد بإزاحة النظام بالبندقية وتلوح بالعصا، وحكومة تصف المعارضة بأنها تقبع تحت مراكيبها، وخطابات سياسية ملتهبة على شاكلة (جيبو حي)، وتيارات سياسية قريبة من السلطة ومؤثرة عليها تنشر الخوف والفزع بالحديث عن هجمات وشيكة لفصائل المعارضة على مناطق إنتاج البترول.. والعقل السياسي تتملكه الحيرة والدهشة ما بين الإقبال على إنقاذ البلاد من شرور أبنائها وما بين السكون وانتظار المجهول حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
{ لك الله يا بلادي، فقد تكاثرت عليك المحن والإحن، وحفتك من الأطراف الحروب، ونخرت الحاجة والجوع (ساس) عظمك!!