ربع مقال

كم هذا مُر أيها السادة؟

د. خالد حسن لقمان

.. سيظل الشعب السوداني في حيرة من أمره إلى زمان لا اعتقد بأن نهايته أصبحت قريبة تماماً بقدر ما ابتعدت الآمال وتبعثرت الرجاءات .. شعب أوجده الله في أكثر مناطق الكون غنى وثراءً بموارد الطبيعة كلها خاصة الحيوية منها .. ماء عذب يجري على أرضه طولاً وعرضاً وآخر في باطنه لا تعد ولا تحصى كمياته ولا تقاس ولا تحصر مساحاته .. السماء من فوقه تجود عليه بكل شيء ينزل منها و يصعد إليها ليعود منها خيراً متدفقاً  لا ينضب والأرض من تحته تتزاحم نعمها بين قدميه فلا يكاد يلتقط منها شيء ينفعه ويأخذ بحياته إلى قدر جديد .. مجرد فعل صغير يحرك به يده ليأخذ من ما هو تحت بصره لا يستطيعه ؟ .. أي حالة هذه التي تلبستنا طوال هذه السنوات وأي شيطان لعين هذا الذي شل قدراتنا إلى حد هذا السكون وهذا الفشل الكبير ؟ .. شيء مدهش وغريب بل عجز مؤسف ومخز لم يبق لدينا حياله سوى حشد عبارات التأسف والتحسر وكلمات الإنشاء المنتقاة التي لا تسد منا جوعاً ولا تروي لنا عطشاً من أرض نملكها بطينها الخصب وماءها العذب الزلال .. سألت يوماً أحد كبار علمائنا الاقتصاديين عن هذه الحيرة التي نعيشها جميعاً في ما يتصل بفشلنا التاريخي في قطاعنا الزراعي فأجابني متدرجاً وتحت ضغط حواري معه بأنها أزمة فكر اقتصادي ثم مضى فقال إنها أزمة عقل وطني جمعي ثم تقدم فقال إنه اختلاف مدارس سياسية متصارعة في التماسها الحلول ورسمها للخطط والبرامج ومضى أكثر متحدثاً عن صراعات (أهل الثلاثين عاماً) فيما بينهم وغلبة إرادة بعضهم على الآخرين منهم بِما أفسد الأمر وأقعد البلاد ثم مضيت معه حتى فاجأته عن رأيه في دور الماسونية فتلعثمت الكلمات على شفاه الرجل منكرة ورافضة وخاتمة لحوارنا دون إجابة شافية ولا رأي صريح لتظل حيرتنا مع حيرة الآخرين قائمة وباقية ولنظل نحن الشعب السوداني الأبي الكريم وقوفاً على أبواب المخابز ونوافذها ننتظر دورنا الذي ربما جاء أو انقطع لنعود بكل القهر والذل نرنو لسفن القمح القادمة من السواحل ومن عواصم الخيانة والتآمر لتهبنا ما يسد رمق أطفالنا الجوعى .. كم هذا مُر أيها السادة؟ ..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية