الخرطوم ـ سيف جامع
بعد نحو ثلاثين عاماً من الفصل التعسفي أعيد الدبلوماسي “رشيد سعيد يعقوب” إلى الخدمة في وزارة الخارجية، حيث أصدر مجلس الوزراء قراراً بالموافقة على توصيات اللجنة المختصة بإعادة المفصولين تعسفياً في الخدمتين المدنية والعسكرية، وتعرض آلاف الموظفين إلى الفصل تحت أسماء مختلفة، بينها الخصخصة والإحالة للصالح العام أو للمعاش في عهد النظام السابق. وكان رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” أصدر قراراً بتشكيل لجنة للنظر في المفصولين من يونيو 1989م وحتى العام 2019 بهدف أساسي – كما يقول المتحدث باسمها “رشيد سعيد” – هو إعادة الاعتبار للمفصولين تعسفياً. وأكد “حمدوك” أن قضية المفصولين تعسفياً وسياسياً من الخدمة المدنية تعد من القضايا ذات الأولوية لحكومة الثورة، انهالت عليه التعليقات المغتبطة بالخطوة.
وأعيد “رشيد” إلى الخارجية ومعه آخرون من بين (3) آلاف حالة تم إحصاءها من قبل اللجنة. وفصل “الرشيد سعيد” الدبلوماسي الشاب حينها من وزارة الخارجية عقب انقلاب الإنقاذ على الحكم، وانتقل بعدها لفرنسا ليعمل في الصحافة وتصل خبرته في الصحافة لأكثر من (25) عاماً عمل فيها في مختلف مؤسسات الإعلام.
وقالت الخارجية في بيان إن قرار مجلس الوزراء جاء بناءً على توصية لجنة النظر في قضية المفصولين تعسفياً في وزارة الخارجية. وصدر القرار بالموافقة على توصيات اللجنة التي قضت بإعادة عشرة من الدبلوماسيين إلى الخدمة في درجة السفير التي تتفاوت بين الدرجة الأولى والثانية التي يشغلها رصفاؤهم حالياً. وتشمل قائمة الدبلوماسيين الذين أعيدوا للخدمة زوجة “الرشيد سعيد” “هالة بابكر النور” ابنة الضابط “بابكر النور” الذي أعدمه الرئيس الراحل “جعفر النميري” في انقلاب 1971م، إلى جانب كل من الدبلوماسيين “سلوى عوض بشير”، “الحارث إدريس الحارث”، “سلوى كامل دلالة”، “عصمت كامل محمود”، “مها خضر محمد سعيد”، “حيدر بدوي صادق موسى”، “الزين الصادق الزين”، “حسن عبد السلام عمر”، ووكيل وزارة الإعلام الحالي “رشيد سعيد يعقوب عبد الله”.
ويقول “رشيد سعيد” متحدثاً باسم لجنة المفصولين قبل إعادته الى الخارجية إنه سيجري النظر في دفع تعويضات حسب الحال. ويوضح أن اللجنة عمدت إلى تكوين مكاتب لاستقبال الطلبات، وقررت أن كل مفصول من الخدمة للصالح العام أو بشكل تعسفي أو بإلغاء الوظيفة يحق له العودة إلى الخدمة في المؤسسة التي كان يعمل بها على أن يكون عمره أقل من (65) عاماً، السن القانونية للمعاش..
ويعتبر “رشيد سعيد” الذي يشغل حالياً منصب وكيل أول وزارة الإعلام أول المفصولين للصالح العام في بدايات الإنقاذ، وقد فصل وهو على رأس عمله بفرنسا، وظل هناك هو وزوجته “هالة” التي فصلت أيضا، وأصبح “رشيد سعيد يعقوب” أول فرنسي، سوداني الأصل، يخوض الانتخابات البلدية في فرنسا، ويبلي فيها بلاء حسناً. وفازت قائمة اليسار الموحد، التي تضم المرشح السوداني، برئاسة بلدية (فونتيني اون روز) من الدورة الأولى، وصار “يعقوب” مستشاراً في المجلس البلدي وعضواً في اللجنة الاجتماعية والصحية.
و”يعقوب” من مواليد الخرطوم، وقد تعلم الفرنسية في معهد اللغة بمدينة (فيشي) عام 1988 موفداً من الخارجية السودانية في دورة دراسية.
وبعد فصل “الرشيد سعيد” من الخارجية مبكراً عمل في جامعة أم درمان الأهلية في وظيفة مسؤول العلاقات العامة، وأيضاً تمت مضايقته في أوائل التسعينيات فترك البلاد مهاجراً إلى فرنسا.
وحول إمكانية رجوعه إلى السلك الدبلوماسي بناء على قرار مجلس الوزراء، يقول الصحفي “محمد علي فزاري” إن “رشيد سعيد” يتمتع بمقدرات كبيرة ومؤهلات تمكنه من شغل أي منصب سواء ظل وكيلاً للإعلام، أو عاد إلى السلك الدبلوماسي سفيراً في إحدى الدول، وتوقع أن يلجأ رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” إلى تكليف الرجل في مهمة دبلوماسية أكبر كمندوب للسودان في الأمم المتحدة، لجهة أنه من أبرز وجوه الدولة حالياً، كما أن لديه معرفة بما يجري حول العالم وتكتلاته بخبرته في فرنسا .
ويشير “فزاري” إلى أن وزارة الخارجية حالياً تواجه مشكلة كبيرة في وجود كوادر يمكن أن ترفد بهم السلك الدبلوماسي خاصة حقائب السفراء لذلك، من المتوقع أن يتم الاستعانة بـ”رشيد سعيد” في أهم حقائب الدبلوماسية السودانية بخبرته السابقة ومؤهلاته، حيث إنه يتحدث الإنجليزية والفرنسية وذو ثقافة عالية.