(حنفية الفساد).. هل لا تزال (محلوجة) بعد قيام الحكومة الانتقالية؟
اتهمت (زيرو فساد) جهات سيادية بتعطيل ملفات الفساد
الخرطوم ــ نجاة إدريس
ما زالت قضايا الفساد تراوح مكانها بعد سقوط حكومة الرئيس السابق “عمر البشير”، على الرغم من أن الكثيرين كانوا يتوقعون أن يروها في ساحة المحاكم لاسترداد الأموال التي سلبت من الشعب السوداني طيلة ثلاثة عقود، غير أن منظمة (زيرو فساد) كشفت أن جهات سيادية ولجاناً حكومية أخرى تقوم بتعطيل وإعاقة وصول ملفات الفساد للمحاكم. وقطعت المنظمة باستمرار الفساد في عهد الحكومة الانتقالية. ولفت رئيس منظمة (زيرو فساد) “نادر العبيد” – خلال حديثه في مؤتمر صحفي بفندق (إيواء) أمس الأول – إلى أن (ماسورة) الفساد لا زالت مستمرة حتى في عهد الثورة.
بطء
“العبيد” أشار إلى وجود تجنيب بوزارة الطاقة والتعدين من إحدى الشركات التي تعمل بالمشتريات، مشيراً إلى أن بطء اللجان التي كونها النائب العام عطَّل من تحويل البلاغات إلى المحاكم. وكشف “العبيد” عن عدد البلاغات التي دونتها منظمته في نيابة الفساد، التي بلغ عددها (مائتي بلاغ) مضيفاً أن التحريات اكتملت في جميع هذه البلاغات، بيد أنها لم تصل للمحاكم بعد.
اتهامات
واتهم رئيس منظمة (زيرو فساد) جهات سيادية لم يسمِّها بمساعدة التركي “أوكتاي” – المتهم بقضايا فساد وبلاغات في نيابة الثراء الحرام، مضيفاً أن المتهم تم منعه من السفر للخارج، ولكن فك حظره بعد أن رفض النائب العام إطلاق سراحه، مضيفاً أن جهة سيادية تدخلت وطالبت بإطلاق سراحه بحجة المرض، وأن المتهم يتعالج بالخارج على أن تظل الإجراءات في البلاغات المفتوحة ضده مستمرة. ولفت “العبيد” إلى أن إفادات “أوكتاي” ورد فيها اسم المعزول وأفراد أسرته، مؤكداً أن المتهم التركي يمتلك ثلاث محطات كهرباء بالسودان، بالإضافة لعدد من الشركات والمؤسسات. وأضاف “العبيد” أن هناك بلاغات لم ترَ النور أصلاً، مثل بلاغ وردت فيه المؤسسة العسكرية. ولفت إلى أن “أوكتاي” يزعم أن الحكومة السودانية مدينة له بمبلغ (384) مليار جنيه.
أسباب
وعلل “العبيد” تأخر البلاغات المقدمة في عدد من الجهات، أمثال قضايا (الفلل الرئاسية) و(الديار القطرية)، إضافة لقضية فندق (القراند هوليداي فيلا)، إلى بطء اللجان التي كونها النائب العام ولعدم تكوين مفوضية الفساد.
تعنت
وسبق أن اتهم الناطق الرسمي لمنظمة (زيرو فساد) “المثنى أبوعيسى” – في حديث سابق – جهاتٍ لم يسمِّها برفضها تنفيذ أوامر الحظر لمجموعة النظام البائد. واتهم “أبوعيسى” موظفين ببنك السودان بالتعنت في تسليم أرقام الحسابات لرموز النظام المباد.
مبالغ ضخمة
وسبق أن كشف القيادي بقوى الحرية والتغيير “محمد عصمت” عن جملة الأموال المنهوبة والمودعة ببنوك ماليزيا بلغت (64) مليار دولار – على حد قوله، مشيراً إلى أن هذه الأموال من شأنها أن تغطي مديونية السودان كافة، بل توفر (9) مليارات دولار لتكون احتياطياً نقدياً للبنك المركزي. ولفت “عصمت” إلى أن هناك اتجاهاً عالمياً لمعاملة أموال الشعوب المنهوبة كمعاملة الأموال القذرة، مؤكداً أنه بالإمكان إصدار قرارات لاسترداد هذه الأموال من تلك الدول، لافتاً إلى أن ديوان المراجعة كان يغطي (25%) من المؤسسات، بينما تكون الـ(75%) من إيرادات تلك المؤسسات خارج دائرة المراجعة.
تعقيدات
أشار مصدر مطلع – فضل حجب اسمه – إلى أن البطء الناتج في المسار القانوني، وكون ملفات الفساد لا تذهب للأمام حتى تصل للقمة ثم تقف عند ذلك، يعود إلى القرارات القانونية التي ستجرى على القطاع القضائي قريباً التي على إثرها سيتم تفكيك القضاء وإزالة المنتسبين للنظام الفائت منه، مضيفاً أن تأخر هذا الإجراء حال دون أن تتقدم ملفات الفساد إلى الأمام. ولفت المصدر – في حديثه لـ(المجهر) أمس- إلى أن البطء ناتج عن الإجراء السابق الناتج عن إعادة الهيكلة التي ستجرى في هذا القطاع، مضيفاً أنه بعد إجراء هذه التدابير، فلن يكون هناك تأخير تجاه قضايا الفساد، وسيتم رفعها للقضاء مباشرة، بعد أن استنفدت الخطوات القانونية الأولية في فتح البلاغ والتحري بشأنه وأخذ البينات وغيرها من التفاصيل التي تدعم مثل هذه القضايا.
عدم جدية
وأكد القانوني والقيادي بالمؤتمر الشعبي “بارود صندل” المحامي أنه وخلال متابعته لكثير من قضايا الفساد، يرى أن هناك تدخلاً من جهات ما، خاصة عندما تكون القضايا تخص بعض القوات النظامية، كاشفاً أن الملفات لازالت تراوح مكانها. وكشف “صندل” أنه بحوزته قضية لابن أحد المسؤولين في بلاغ فساد لم تتقدم إلى الأمام، لأن المتهم لم تسحب منه الحصانة بعد.
قضايا هايفة
ولفت “صندل” إلى أن قضايا الفساد التي بحوزة السلطات الآن هي قضايا (هايفة)، أما الكبار فلم تتداول قضاياهم بعد، كاشفاً عن اتجاههم كمجموعة محامين لتحريك هذه القضايا الخاصة بالفساد. وأكد “بارود” أن اللجان التي تبحث في ملفات الفساد بطيئة جداً، وإجراءاتها تسير بسلحفائية ملحوظة. ونادى “صندل” بضرورة أن تتمتع النيابة العامة بالاستقلالية التامة، وأن تكون للنيابة آلياتها وشرطتها وإجراءاتها الإدارية الفورية. وختم “صندل” حديثه بأن الحكومة الانتقالية بوضعها الحالي تعتبر غير جادة في مكافحة الفساد، ولابد أن تعمل باستقلالية وتجرد حتى تستطيع أن تحارب ملف الفساد.