في الوقت الذي يتراوح فيه سعر أنبوبة الغاز ما بين (350ــ 500)جنيه، هذا إن وُجدت طبعاً، وفي الوقت الذي ما زال فيه المواطن يرزح تحت صفوف الرغيف الذي لم تراوح مشكلته مكانها، ويصل ليله بنهاره في المخابز، وفي الوقت الذي ما زال فيه المواطن يلهث سعياً خلف المواصلات، ويقف لساعات طوال يطاردها، وفي الوقت الذي تخطى فيه الدولار حاجز المائة بخمسة، واستعرت الأسعار حد الجنون، في الوقت نفسه يخرج الشباب ذاتهم الذين خرجوا للمشكل نفسه من أجل إعادة ضابط أحيل ضمن آخرين في إجراء عادي، بل يشتبكون مع الشرطة أو بعض منهم تفلتوا وخرجوا عن زمام السيطرة، مما دفع الشرطة للتعامل معهم كيفما اتفق. ثم من عجب أن يتداعى الناشطون سواء أكانوا مسؤولين وزراء وقياديين و(ناس ساكت) وينشروا على صفحاتهم (الفيسبوكية) مطالبين بإعفاء وزير الداخلية ومدير عام الشرطة، كما طالبوا بتحقيق عاجل من قبل النائب العام، رغم أننا لا ندري ما علاقته بذلك، وهو سلطة مستقلة، فضلاً عن إيضاحات عدة نشرها قانونيون تفند بعضاً من هذه الادعاءات والمطالب.
وفي الوقت الذي يجري فيه كل ذلك، وفي انتظار ممل حبس الجميع أنفاسهم فيه، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” عن بيان عاجل ارتفع فيه سقف التوقعات والآمال بتنحيه وتنحي حكومته أو بقائه وتعديلها نسبة لسياسة التخبط والفشل الملازم وضعف الخبرات وغيرها، مما أهلك ما تبقى من رمق الاقتصاد، وإذا به وبعد ساعات طوال أزفت خلالها ساعات الصباح الأولى يقول بقول (شُلته) إنه لابد من محاسبة المتورطين في أحداث الـ(20) من فبراير، إضافة لذات تفاصيل بيان وزير الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأستاذ “فيصل محمد صالح”. ولا أريد أن أحدثكم عن ردة فعل ذلك والطريقة الهزيلة المحرجة التي خرج بها البيان وطريقة العرض، فقد تابعتموها في وسائط (الميديا). وعليه فما إن ظهر رئيس الوزراء في أي من وسائل الإعلام إلا وخلف ورائه غباراً كثيفاً.
ورغم تحفظي على هذه المواكب المزعجة، إلا أننا ومن باب الإنسانية كذلك، وكلنا ــ أمهاتٍ وأسراً ــ لا نقبل البتة إصابة أي من شبابنا بأذى، كفانا ما تساقط من شهداء، وألتمس لهم العذر بأنهم شباب مأمورون (وسارقاهم السكينة)، وبدلاً من هذه الفرقعة الإعلامية الفارغة، كان باب الأولى التشدد في نتائج قتل الشهداء، فإن عجزتم في هذه القضية الكبيرة كيف ستحققون في موضوع لا يستحق؟.
الحلول الهزيلة التي وضعت لحل مشكلة الوقود والخبز لم تحرك ساكن المشكل قيد أنملة، فلا تخدعونا وتتوهمون النصر، الآن مشكلة انعدام الغاز وحدها كفيلة بتصاعد أزمة الخبز، حيث إنه وبنسبة كبيرة تعمل المخابز بالغاز، وعن قريب سيخرج بعضها من الخدمة، اصح يا “مدنى” أو غادرنا هداك الله.
(صدقوا بديت أصدق) أن هنالك فعلياً دولارات تُصرف على بعض الشباب لشكر “حمدوك” في (الميديا) والتصدي لكل من يقول (بغم)، وإلا فكيف يتغاضى شباب المليونيات عن هذه الأوضاع البائسة ويخرجون لموضوعات لا تخدم أسرهم ومجتمعهم، بل ما زالوا يشكرون “حمدوك”.