عز الكلام

سيدي رئيس الوزراء يا أبيض يا أسود

أم وضاح

لم يزدني بيان السيد رئيس الوزراء الذي جاء متأخراً ليلة الأمس إلا حيرة على حيرتي، ولم تزد كلماته غموض المشهد السياسي إلا غموضاً على غموضه، والرجل بتكوينه للجنة تحقيق لأحداث (الخميس) سجل هدفاً في مرماه في الوقت الضائع، وأقول ليكم كيف والشباب الذين خرجوا للاحتجاج على إقالة ضابط صغير في كشف اعتيادي ودوري تقوم به القوات المسلحة بشكل روتيني هو أمر معروف، ولم تحدث سابقة من قبل رفضاً أو احتجاجاً عليها لأن القوات المسلحة لم تكن في يوم من الأيام مبنية على الحزبية ولا أي أيدولوجية سياسية، والعسكري يلتزم بالأوامر وينفذها أن كان في الخدمة أو محالاً للمعاش، وكلنا نعرف ذلك إذا كنا أولاد عساكر زي حالتي أو من خارج المنظومة العسكرية، وبالتالي السيد “حمدوك” لا تنقصه النباهة ولا الذكاء في أن يدرك أن هذه الاحتجاجات مسيَّسة وقصد بها البعض التدخل في شأن القوات المسلحة، وإظهارها بمظهر المؤسسة التي تقف ضد الثورة، ولم يحرك “حمدوك” قبلها ساكناً ولم يصرح بأي تصريح في هذا الاتجاه وقد كان بإمكانه أن يوضح موقف الحكومة المساند لقرارات المؤسسة العسكرية باعتبار المكون المدني والعسكري جسم واحد برأس واحدة، اللهم إلا أن كانت حكومتنا هي تنين جسمه واحد وعنده أكثر من رأس لكن للأسف “حمدوك” لا يستطيع أن يقول مثل هذا الحديث، وهناك من يصور له أن ذلك سيفقده شعبيته وبريق عبارة (شكراً حمدوك)، طيب خلونا نقول إن “حمدوك” لسبب أو لآخر وهو رئيس الوزراء، غض الطرف عن الدعوة  للاحتجاجات التي لا أدري أن كانت بتصريح ومحددة المسار أم لا، هل وهو رئيس الوزراء مقتنع أن حماية مثل هذه المواكب وحماية ممتلكات الدولة هو مسؤولية الشرطة أم لا، وهل كان يمكن أن يخرج المحتجون للشوارع وتبقى الشرطة في ثكناتها، طيب ألم يكن يعلم “حمدوك” أن مثل هذه الاحتجاجات ستخلق مواجهة حتمية وأنه يمكن أن تستغل أي جهة هذا الموقف لإحداث بلبلة أو فتنة ليحدث أي شكل من أشكال الاعتداء والعداء المتبادل بين الجانبين، طيب شنو دور الشرطة في مثل هذه المواقف؟ خلوني اسأل السؤال بشكل تاني، فلنفترض أن الضباط والعساكر رفضوا تنفيذ التوجيهات ولم يخرجوا للشارع وتركوا هذه الاحتجاجات تلف الخرطوم كعب دائر وحدثت تفلتات في ممتلكات المواطنين وفوضى، هل كان سيحاسب رئيس الوزراء وزير الداخلية ومدير شرطته على التقصير واللا حيقول ليهم (شكراً حمدوك) أقصد (شكراً يا مقصرين؟).
يا سيدي رئيس الوزراء إذا كانت هناك مسؤولية فأنت ومن موقعك كرئيس للوزراء أول من يتحملها وإذا كان هناك شخص يفترض أن تستدعيه لجنة التحقيق فلتكن أنت لأنك الخصم والحكم، وعلى فكرة مسألة أن تؤدي واجبك نهاراً كرجل دولة يدافع عن ممتلكاتها ويطبق القانون، وبالليل ناشط سياسي يتلو البيانات ليغازل الشارع، أصبحت قصة ما جايبة حقها، فإما أبيض وإما أسود، رجاء اخلع اللون الرمادي.
كلمة عزيزة
خطاب السيد رئيس الوزراء وملابسات تسجيله أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن دولة الرئيس يحيط نفسه بمستجدي إعلام غير محترفين، فشلوا حتى الآن في تقديم الرجل بصورة قوية وها هو بعد أن اجتاز حوار “عثمان ميرغني” الكارثي، يقع في (كُبة) بيان منتصف الليل الضعيف.
كلمة أعز
في الوقت الذي أعلنت فيه دولة جنوب السودان على تكريم الفريق “حميدتي” كرجل للسلام اعترافاً بدوره في سلام الجنوب، وهو درس يفترض أن تتعلمه أجنحة التفاوض السودانية أنه لا بديل للسلام إلا السلام، في الوقت الذي يكرم فيه “حميدتي” يجتهد البعض بتشويه صورته والإصرار على خلق هوة بينه والشارع، والغريبة أن معظم هؤلاء يعانقون الرجل ويبتسمون له في الغرف المغلقة وينادونه بالخال، والخال والد وفي العلن يحملونه ما لا طاقة له به ألم أقل لكم أن أزمة هذا البلد أزمة وجوه وأزمة ضمائر.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية