تقارير

دعوة (الشعبي) .. هل تجد لها أذناً صاغية؟

دعا لتشكيل حكومة جديدة (غير حزبية)

الخرطوم : نجاة إدريس

في الوقت الذي تمر فيه البلاد بظروف اقتصادية مزرية بسبب انخفاض قيمة الجنيه السوداني إلى الحضيض، وندرة في الوقود وغاز الطبخ، مع ندرة في الدقيق؛ مما أدى لعودة صفوف الخبز والوقود مرة أخرى، وهي ذات الأزمات التي أطاحت بحكومة الرئيس المعزول “عمر البشير”، عقد المؤتمر الشعبي أمس الأول مؤتمراً صحفياً، ليس لإيجاد حلول لتلك الأزمات التي يعايشها المواطن المغلوب على أمره، ولكن للدعوة لقيام حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” أو غيره، بشرط أن تكون هذه الحكومة الجديدة غير حزبية ومستقلة.
تحذيرات
وحذر الأمين العام للمؤتمر الشعبي بالإنابة د.”بشير آدم رحمة” من عواقب الإقصاء، مشيراً إلى أنه يؤدي لتكوين الانقلابات العسكرية، داعياً إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة تنهي حالة الانقسام الحالي، وتحفظ البلاد من مخاطر التقسيم. كما حذر “رحمة” “قوى الحرية والتغيير” والحزب “الشيوعي” خاصة من ما سماه بـ”العكننة”، مؤكداً بأن “العسكر” موجودون، ويمكنهم أن يستلموا السلطة في أي لحظة.
اتصالات حزبية
ولفت حزب “المؤتمر الشعبي” إلى اتصالاته مع الأحزاب السياسية من أجل توضيح رؤيتهم المستقبلية، مشيراً إلى أن الحزب بادر بزيارة الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي، باعتبار أنه من السياسيين الذين لا يحبون الإقصاء. ولفت “رحمة” إلى أنهم استنكروا أن يكون بالحكومة الحالية وزيران يتبعان لحزب الأمة القومي، بالرغم من أن رئيس الحزب رجل ديمقراطي ويكره الإقصاء، مضيفاً بأن “الشعبي” يرتب للقاء أحزاب سياسية أخرى لطرح رؤيته.
مواصفات الحكومة المقترحة
وحدد “رحمة” مواصفات معينة للحكومة المقترحة من حزبه، وأول هذه المواصفات بأن تكون حكومة غير حزبية، مؤكداً بأن حزبه لن يشارك في هذه الحكومة المقترحة، مضيفاً بأن تنفيذ مقترحه هذا سيؤدي إلى أن تتفرغ كل الأحزاب السياسية للانتخابات، كما أكد أنهم سيدعمونها. ولفت “رحمة” إلى أن دعم الأحزاب السياسية لهذه الحكومة المقترحة “المستقلة” سيؤدي للاستقرار الاقتصادي، لافتاً إلى أن القرارات الاقتصادية الناجعة تحتاج لدعم سياسي، مؤكداً أن هذا الدعم لا محالة سيكون آتياً من الأحزاب السياسية، أما إذا انتفى الأمر فإن الدولة ستتعرض للتظاهرات حال قدومها على عمل “الجراحات الاقتصادية”، مؤكداً أن دعم الأحزاب السياسية للدولة سيجعل المواطنين يربطون “حجراً” على “بطونهم”، مؤكداً أنهم من أجل تكوين “الحكومة المقترحة” سيلجأون للقاء كل الأحزاب السياسية .
موقف متناقض
عند سقوط حكومة “البشير” وفي الأسبوع الثاني لحكومة المجلس العسكري بقيادة الفريق أول “عبد الفتاح البرهان” التقى الأمين العام لحزب “المؤتمر الشعبي” د.”علي الحاج” مع رئيس اللجنة السياسية، وأكد “الحاج” وقتئذٍ ضرورة الاستعداد للانتخابات القادمة، وتمهيد الأجواء لها بدستور انتقالي وقوانين تؤكد وتؤسس لدولة الحريات. وقدم “علي الحاج” للمجلس رؤية “المؤتمر الشعبي” حول مدة الفترة الانتقالية التي تصل لعام واحد فقط كحد أقصى بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، ورفض “المؤتمر الشعبي” الاعتراف بالحكومة الانتقالية، وقال قولته المشهورة بأنه سيمزق “الوثيقة الدستورية”، ورفض الاتفاق المقام بين “المجلس العسكري” و”قوى الحرية والتغيير”، بحجة أن هذا الاتفاق هو “اتفاق ثنائي”، وأنه سيقصي الآخرين، والآن اقترح “المؤتمر الشعبي” بأن تتكون حكومة جديدة “غير حزبية” وتكون مكونة من كفاءات، مؤكداً دعمه لهذه الحكومة المقترحة.
تأييد
أيد مقترح (الحكومة الانتقالية الجديدة من الكفاءات) حزب “الإصلاح الآن”. وأشار نائب رئيس الحزب د.”حسن رزق” في حديثه لـ(المجهر السياسي) أمس، إلى أنهم يؤيدون مقترح “الشعبي” حال تم عرضه على حزبهم، مؤكداً بأن كل الأحزاب التي هي في حالة “المعارضة” الآن ترحب بهذا المقترح ومتفقة عليه. ولفت “رزق” إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية الآن يمكن أن تعجل بسقوط الحكومة الانتقالية، وبالتالي تحقيق المقترح، وفي السياق أشار القيادي بحزب “الإصلاح الآن” د.”أسامة توفيق” إلى أنهم يوافقون بشدة على مقترح حكومة (الكفاءات) بل ويصرون عليه، بعد أن تذهب حكومة (الكفوات) هذه – على حد تعبيره، مؤكداً أن الوضع الاقتصادي تردى أكثر من ذي قبل، وأن “الليمونة” الواحدة أصبحت بخمسة جنيهات، مؤكداً أن وزراء” الحكومة الانتقالية ” هذه غير مهتمين بأمر الدولة، ودعاهم للسفر لدولهم التي يحملون جوازاتها .
دعوة قديمة جديدة
أشار البرفيسور “حسن الساعوري” إلى أن دعوة “المؤتمر الشعبي” هي دعوة قديمة تبنتها العديد من الأحزاب قبل تكوين “الحكومة الانتقالية” الحالية، مضيفاً أن الدعوة هذه وجدت ارتياحاً من المعارضة الآن، مضيفاً أن المقترح هذا كان مطلباً عاماً من جميع القوى السياسية. ولفت “الساعوري” في حديثه لـ(المجهر) أمس، بأنه عندما تكونت الحكومة الانتقالية شعرت الجماهير بأن “حمدوك” ووزراءه أقل من الطموح الذي كانوا يأملون فيه، مضيفاً بأن حكومة “الكفاءات” تعني أن الوزير المنتخب لابد أن تكون لدية الخبرة والعلم في المجال المعني، وهذا ما لم يتوافر في الوزراء الذين تم تعيينهم، وبالتالي كان عطاؤهم متواضعاً. وأكد “الساعوري” أن أداء حكومة “حمدوك” لم يرضِ حتى “قوى الحرية والتغيير”، ناهيك عن المواطن الموجود بالشارع العام مما أوجد رأياً صارخاً بضرورة تغيير هذه الحكومة. وأكد “الساعوري” بأن مقترح “الشعبي” كان يمثل رأي الجميع من السياسيين، إلا أنهم قفزوا منه عند توزيع “كيكة” السلطة، مؤكداً أن “قوى الحرية والتغيير”، بعد ذلك لجأت للمحاصصة.
مطلب مشروع
ولفت “الساعوري” إلى أن مطلب “الشعبي” مطلب مشروع خاصة، بعد أن وردت إليهم معلومات بأن “قوى الحرية والتغيير” نفسها غير راضية عن أداء الوزراء وترغب في تغييرهم. وأكد “الساعوري” ضرورة أن يقدم الشعبي مقترحه، هذا لـ”قوى الحرية والتغيير” ابتداءً، مؤكداً أن الشعبي سيصطدم بأن “قوى الحرية والتغيير” ليس لها ممثل، وأن التنسيقية لا تمثل لـ”قوى الحرية والتغيير” وغير مفوضة لها. وأضاف “الساعوري” أن “قوى الحرية والتغيير” يمكنها أن تقبل بالمقترح لأنها غير راضية عن أداء الحكومة .
توضيح
ونفى “الساعوري” أن يكون مقترح “الشعبي” تكوَّن لأنه خارج منظومة السلطة الآن، مضيفاً أن الشعبي لا يستطيع إسقاط الحكومة الحالية، إلا باللجوء للتظاهرات أو بانقلاب عسكري، ولكن جاء بمقترحه لعدم رضائه عن أداء الحكومة الحالية، لافتاً إلى أن دعوته جاءت ليقترح على قوى الحرية والتغيير أن يأتوا بكفاءات حتى يستقيم الأمر لهم، مؤكداً أن مقترحه جزء من الحل. وأمن “الساعوري” على أن أحزاب “المعارضة” الآن مومّنة على المقترح، من باب أن الكفاءات لن يعملوا بأحقاد سياسية أو بآراء شخصية، بل سيعملون وفقاً لعلمهم وسيكون تفكيرهم مهنياً بعيداً عن رؤية الأحزاب التي تنشر رؤيتها عبر منسوبيها من الوزراء في الحكومة الحالية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية