رأي

فنجان الصباح..

أحمد عبدالوهاب

حلفاوي هندي أمدرماني
…..        ……  ….
رئيس الجالية الهندية بالسودان، شاهدته في مقطع مصور، يتحدث في محفل هندي بحي الشهداء بأم درمان.. حي الشهداء كان ذات يوم (نيودلهي) أمدرمانية.. الرجل سوداني قح.. وأمدرماني صميم.. وقد كادت الدموع تطفر من عينيه، وهو يتحدث بعشق عجيب عن السودان.. ويغني مع. (أحمد المصطفى) رائعته (نحن في السودان نهوى أوطانا.. وإن رحلنا بعيد نطرى خلانا..).. وأعاد للأذهان سيرة اللواء الركن “صديق الزيبق” واصفا إياه  بالصديق الحبيب.. “الزيبق” كان قائد الكتيبة السودانية التي انضمت للقوات العربية على الحدود الكويتية العراقية عام ١٩٦٠م دفاعاً عن الكويت أرضاً وشعباً، وسيادة ..
وقصة (أرضاً ظرف) مع أنها معلومة للكل إلا أن السيد رئيس الجالية الهندية أصر على ذكرها.. وقال إن للسودان أفضالاً على الدنيا كلها.. ولا فضل لأحد عليه.. وكان بين التذكر والتأثر والدموع، يهتف من أعماقه (عاش السودان).. (عاش شعب السودان) ..
إنني أذكر للرجل وأشكر له، زيارته لي في مكتبي بصحيفة (ألوان) قبل ربع قرن تقريباً.. كان فيه حينها بقية من شباب.. وفوجئت به يرطن مع “زكريا حامد” الحلفاوي الراحل الجميل.. وإذا كان (البير) رجل الأعمال القبطي بنيالا قد قال ذات مرة إنه يعتبر نفسه (مسلاتي) من قريضة.. فإن رئيس الجالية الهندية (حلفاوي) نوبي من حلفا القديمة.. فهو حلفاوي أباً .. وربما جداً.. وقد كان وجود المرحوم “زكريا” معنا رئيساً لقسم الأخبار في ذلك الوقت.. إضافة ثرة للجلسة اللذيذة في تلك الجريدة.. تذاكرا حلفا و اهالي حلفا.. و(رطنا) على أطلالها ساعة.. وكان مما أذكره قوله إن والده كان تاجراً معروفاً بمدينة وادي حلفا.. وكان من عشاقها عشقاً منقطع النظير.. ولما طلبوا من سكان حلفا الجلاء، قبل أن تغرق المدينة كان هو آخر من خرج منها، وركب في آخر قطار غادر حلفا.. وكان من آخر الذين رأوها قبل أن يبتلعها الماء.. وكان يجهش بالبكاء كالطفل تماماً.. وكان لآخر أيامه يبكي حلفا زمانها ومكانها وسكانها.. على حد قوله ..
وقال لنا الرجل إنه مدمن لأغاني المطربين الكبار، “أحمد المصطفى”، و”إبراهيم عوض”  وغيرهما.. وقد أرسل البومات كاملة من أغاني الرواد لسعادة السفير “عبد المحمود عبد الحليم” سفير السودان  بالهند ــ وقتها..
لقد سعدت جداً بالمقطع المصور .. وسعدت أن الرجل لا يزال بخير..
وعلى قول الطيب صالح (كلما زرت القرية ووجدت فلاناً حياً، أدركت أن الدنيا لا تزال بخير) ..
ونتمنى للسودان.. أن يكون أيضاً.. بخير

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية