كم تستفزني العبارة العقيمة التي يتحصن بها مؤيدو الحكومة الانتقالية الفاشلة، واتخاذها كدرع، والتذرع بها عند كل كبوة جديدة أو إخفاق أو إيرادها في أي نقاش يتناول فشل حكومتهم التي ما زالوا يدافعون عنها، رغم أنها لم تحقق طموحاتهم، ولا طموحات المواطن بصورة عامة، وذلك حتى لا ينهزموا وحكومتهم أمام الكيزان، فقط من هذا المنطلق، وليس سواه، حتى وإن (سف المواطن التراب) لا يهم، المهم ينتصرون لذاتهم واختيارهم، ووفقاً لذلك فإن نقاشات مجموعات التواصل الاجتماعي تثير الغثيان، وكل يكيل للآخر الاتهام والتقليل، وقد لا يسلم النقاش من شتيمة وربما قطيعة.
وأعني بحديثي عبارة (الكيزان ذاتهم كانوا بعملوا كذا وكذا) أو تعليق الفشل على التركة الموروثة التي أصبحت علكة في الأفواه، وشماعة يشجبون عليها سقطاتهم وضعفهم. فيا سادة إن كانت الحكومة السابقة فاسدة وسيئة الإدارة المفروض أنكم جئتم كمنقذ منها ولدرء وتفادي سقطاتها، وتعديل الوضع المايل، لا أن تحذوا حذوها، ومن ثم التبرير لذلك بأنها أيضاً كانت تفعل، ما الفائدة إذن؟ وإن كنتم جئتم لإصلاح الاقتصاد السبب الأول في سقوطها فإنكم عمقتموه وزدتم من هوته، وقريباً سينكب المواطن فوقها، وربما يطمر تحتها إن استمر الحال على ما هو عليه الآن.
(2)
وفي موقف مخزٍ لا ينم عن وطنية البتة، ومواطن سوداني أياً كان يطلب تقديمه لمحاكمة خارجية، فرح وطار الكثير من الشامتين دون مراعاة لكرامة الوطن بخبر “البرهان” حولها دون تروٍّ أو تمحيص للخبر الفضفاض، والفرحة لا تسعهم بأن رئيس السيادي وافق على تسليم “البشير” للجنائية، بينما حديث “البرهان” لصحيفة (الشرق الأوسط) ينسف معتقدهم تماماً، كما ينسف بفرحتهم، فجاء حديثه: ( المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية لا يعني تسليمهم إلى “لاهاي” وشكل المحكمة قابل للمراجعة)، وأكاد أجزم بأنه (بهت الذي كفر).
(3)
ومن ضمن المناكفات والأدوات التي يستخدمها (القحتاويون) في تزيين حكومتهم هو لقاءات رئيس الوزراء الدكتور “عبد الله حمدوك” بمسؤولين غربيين خلال الرحلات التي تتم دعوته لها لحضور فعاليات، فضلاً عن زيارة لأمريكا، صحيح أن الرجل أو الحكومة الانتقالية انفتحت على العلاقات الخارجية بموجب الضوء أخضر من الأخيرة، وهو ما افتقرت إليه الحكومة السابقة، سيما في سنيها الأخيرة، لكن حدثوني بالله عليكم عن محصلة ولو واحدة من هذه اللقاءات، فجل النتائج محض وعود، لم ينفذ منها بصورة فعلية ولا أي وعد حتى الآن، حتى هذه الزيارة الأخيرة لألمانيا كانت مصلحتها وعود مشفوعة بـ(بعد التشاور مع الشركاء).
يسرنا هذا الانفتاح بعد قطيعة دامت لسنوات، لكنا نريد حلولاً، ودعماً ملموساً، فالوعود المستقبلية لن تحل الكوارث والمشكلات الآنية التي بلغت ذروتها.