على فكرة
كمال علي
لا لمحاولات زعزعة الاستقرار
نرجو ألا يستكثر علينا الآخرون بعض ما تحسه بلادنا من حد أدنى من الاستقرار، ويعملون جاهدين على زعزعته ونسفه دون مراعاة لأدنى القواسم الوطنية المشتركة، ودون مراعاة لحالة الطمأنينة التي ينشدها الوطن ودفع مهرها دماً ودموعاً وتضحيات.
لماذا نريد نسف ذلك كله عبر أجندة تثير الفتن والنزاعات، وتشعل النيران في حقول الوطن التي بدأت في الاخضرار بعد يباب والصحو بعد سبات عميق دام طويلاً؟، وافقنا نلملم الجراح، ونضمد جراح البلد، ونطيب خاطره المكسور سنين عدداً ذاق فيه الويل والمرارات.
لماذا نريد إزكاء نار النزاع والصراع في ربوع الوطن الحبيب، ونشعلها فتنة لا تبقي ولا تذر، ونطلق السهام والآلام والكلام كيفما اتفق؟ ولمصلحة من نشتبك من أجل حقوق وفوائد ومصالح ذاتية ونحترب ويقتل بعضنا البعض؟
كلها أسئلة ملحة ومؤرقة وتحتاج إلى إجابات شافية إذا كنا نريد أن نلملم شتات الوطن المبدد هباءً منثوراً، ونطبب جراحه ويقوى على الصمود في وجه عاديات الزمان.
لا مكان لوطن جريح في عصر القوة والعنفوان، ولا مكان لأمة ضعيفة يخذلها بنوها الذين ينبغي أن يكونوا بناتها وحماتها بين أمم قوية لم تفقد بوصلتها، وجيرت طاقتها للبناء والعمران والتنمية.
نتنازع ونحترب ونتمرد فيتمزق الوطن وتتقطع أوصاله ويتفرق أهله أيدي سبأ، وينفض سامرهم ويضيع الحلم ويتبدد الأمل، وحينها سنبكي كالنساء وطناً لم نحافظ عليه كالرجال، وتركناه نهبا للمطامع والأجندة وصراعات الهوية ودعاوى التهميش وخلافات قسمة السلطة والثروة، حتى لا يصير هناك شيء قابل للقسمة لا سلطة ولا ثروة، بعد أن تكون قد قضت نحبها بسبب الصراع والنزاعات.
ورثنا من الأجداد والآباء وطناً جميلاً وحدادي مدادي مع تاريخ ناصع وحافل بالأمجاد والبطولات، وكانت معاركنا في معترك حقيقي ولأجل مطالب حقيقية أعلى قائمتها السيادة والحرية، وتحقق ما صبا إليه أهل الوطن بفضل وحدتهم وحرصهم على التراب والأرض والعرض والعقيدة، فكان لهم ما أرادوا، وتحققت كل مطالبهم المشروعة، فكيف نبدد كل ذلك الإرث وكيف نطمس كل ذلك التاريخ؟.
الحكومة القائمة الآن لها ميقات محسوم ووثيقة دستورية تحكم بها خلال فترة انتقالية ومن حقها أن تأخذ الفرصة لتحقق ما نادت به الثورة مع عظم المهام الجسام الملقاة على العاتق، فلماذا نناوشها ونحاصرها ونضع أمامها المعوقات ومن المستفيد أصلاً من هذه العثرات؟ والوطن ومواطنوه هم الذين عليهم تسديد فواتير الأزمات والإخفاقات إذن لابد وكما نردد دائماً من ضرورة العلو والتسامي فوق الجراح والإحن والمحن من أجل أن يرقى وطننا الحبيب إلى حيث المراقي التي تليق به، تحفه قيم الحق والخير والجمال.
ولا نفتأ نكرر لا للنزاعات ونسف الاستقرار الذي يتوافر منه الآن شيء ليس بالقليل، ونرجو أن نتحسب لكل قادم من هوج رياح تعصف بمقدرات ومكتسبات الوطن ومواطنيه.
والله المستعان.
//
م/ الصادق