ربع مقال

برلين وليبيا .. الأمل الأخير

د. خالد حسن لقمان

يعتبر المؤتمر الذي عُقد بالأمس، لبحث الأزمة الليبية في العاصمة الألمانية “برلين” من أكثر المؤتمرات الدولية ــ التي عُقدت (واستهدفت حل مشكلة ما) ــ تعقيداً و غرابة، فبعد أكثر من عشرة أشهر يجتمع العالم الأول بدوله الكبرى مع غياب بعض الدول الاقليمية المجاورة المهمة لبحث إخراج ليبيا من مستنقع الحرب، وهي الفترة التي فشل فيها العقيد المتقاعد “خليفة حفتر” في اقتحام طرابلس، وحسم المعركة عسكرياً، بالرغم من دعمه من قبل دول نوعية في قدراتها العسكرية واللوجستية على رأسها فرنسا وإيطاليا والمملكة السعودية والإمارات ومصر، وهي الفترة التي انتهت الآن بتغير المشهد بتدخل تركيا في ليبيا عبر اتفاق عسكري بين أنقرة والسلطة الشرعية في طرابلس.. هذا التدخل قلب الطاولة على من حولها، إذ أسرع “أوردغان” بمحاصرة “حفتر” في اجتماعات موسكو الأخيرة، ليوقع على وقف لإطلاق النار، إلا أن الأخير رفض التوقيع، وسارع بالعودة لبنغازي، مما أغضب الروس الذين سارعوا بالاتفاق مع “أوردوغان” لمحاولة إيجاد حل عاجل للأزمة وفق رؤية يدخل بها الطرفان لمؤتمر برلين، في الوقت الذي تسعي فيه الدول الداعمة لحفتر لإبعاد تركيا وإخراجها من ليبيا، حتى يتم حسم المعركة عسكرياً، وفي سبيل ذلك جاء تصريح الرئيس الفرنسي “ماكرون” قبيل انعقاد مؤتمر برلين أمس، بشأن ضرورة النظر باهتمام وتقدير لسيطرة “حفتر” على (80٪) من الأراضي الليبية، كما سارعت قوات “حفتر” بالتحرك ميدانياً قبل انعقاد المؤتمر وسيطرت على حقول النفط الشرقية لمنع تصدير النفط الليبي، وبينما الوقت يمضي يأتي التصريح الأمريكي الأخير محبطاً تجاه المؤتمر بإعلانهم عدم تفاؤلهم الكبير من النتائج التي يمكن أن تخرج منه.. هذا هو مناخ هذا المؤتمر الغريب الذي دخله من هم خارج التكوين الليبي، ولكل منهم أجندته الخاصة بما يعطي صورة محزنة لواقع الدولة الليبية التي أصبحت تتناهشها الدول العربية الشقيقة لها قبل القوى الدولية نفسها، وهو الحال الذي يترك السؤال الحائر قائماً حول فرص نجاح هذا المؤتمر وتحقيق نتائجه لما هو مرجو تجاه حسم الأمر بإيقاف إطلاق النار، ومن ثم التوصل لاتفاق سلام شامل بين الفرقاء وذلك كأمل أخير لا يدري أحد ماذا يمكن أن يحدث أن ضاع كما ضاعت الفرص التي سبقته.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية