تقارير

قوى الحرية والتغيير هل تطيح بوالي القضارف؟

طالبت بإقالة الوالي من منصبه ..

رغم حالة الهدوء والاستقرار التي سادت ولاية القضارف خلال الفترة الماضية في المشهد السياسي والخدمي خاصة في ما يتعلق بتوفير سلعتي الدقيق والوقود الذي أسهم بدوره في إنجاح الموسم الزراعي الذي يبشر بإنتاجية كبيرة لمحصولي السمسم والذرة والمحاصيل الأخرى، إلا أن الولاية شهدت أحداثاً ساخنة خلال الأسبوع المنصرم، لتعكر حالة السكون والاستقرار في المشهد السياسي بالولاية على خلفية الخلافات الحادة بين والي ولاية القضارف اللواء ركن “نصر الدين عبد القيوم” وقوى الحرية والتغير بالولاية، حول كيفية إدارة الشأن العام بالولاية، تلك التداعيات أعادت الولاية إلى مربع أحداث ثورة ديسمبر المجيدة بعد لجوء قوى الحرية والتغير للتصعيد وتسيير المواكب الوقفات احتجاجية والمخاطبات التي نفذتها خلال هذا الأسبوع الخلافات التي تبدو في ظاهرها خلافاً حول إدارة الشأن العام بالولاية، إلا أنها تحمل في طياتها ظلال سياسية من بعض مكونات قوى الحرية والتغيير ربما تلقي بظلاله السالبة على مجمل الأوضاع بالولاية التي شهدت استقراراً ملحوظاً خلال الفترة السابقة…
القضارف – سليمان مختار
يرى القيادي بقوى الحرية التغيير دكتور “الهادي بخيت” خلال حديثه في المؤتمر الصحفي الذي عقدته قوى الحرية التغير مؤخراً أن خلافهم مع الوالي يتمثل في عدم وجود جسم مشترك أو آلية لإدارة الشأن العام بالولاية في ما يتعلق بالخدمات والمشاركة في اتخاذ القرار، خاصة في ما يتعلق بمواجهة الكوارث والفيضانات والسيول التي اجتاحت عدداً من القرى بمحليات والولاية خلفت وراءها أوضاعاً مأساوية؛ بسبب عدم تفاعل الوالي مع أزمة السيول والفيضانات، فضلاً عن مطالبتهم بزيادة حصة الولاية من الدقيق لسد الفجوات في الخبز التي تحدث من حينٍ لآخر، إلى جانب محاسبة رموز النظام بالمحليات والوزارات الذين يحاولون افتعال الأزمات في الوقود والدقيق، لافتاً إلى أنهم لا يملكون سلطات محاسبة رموز النظام البائد خاصة أنهم ما زالوا يسيطرون ويهيمنون على مفاصل المؤسسات بالولاية، مشيراً إلى تهاون الوالي والسلطات القانونية والنيابة العامة بالولاية وعدم الشروع في فتح ملفات الانتهاكات وعمليات القتل التي شهدتها ثورة ديسمبر، لافتاً إلى أن الولاية قدمت أكثر من (16) شهيداً ومئات الجرحى. واستنكر “الهادي” تماطل السلطات في تحريك إجراءات ملفات الشهداء، علاوة على فتح ملفات الفساد المالي لرموز النظام البائد، وإيقاف الصرف على منظمات النظام البائد التي قال إنها مازالت تتلقى الدعم من خزينة الولاية، وأضاف أن كل تلك المسوغات دعتهم للمطالبة بإقالة الوالي، وتعيين والٍ مدني بالولاية رغم المتغيرات في الخارطة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية التي رهنت تعيين الولاء بإكمال عملية السلام، وفقاً لما جاء في اتفاق إعلان المبادئ الذي وقع مؤخراً في جوبا. ومن جانبه ذهب القيادي بقوي الحرية والتغيير “وجدي خليفة” في الاتجاه ذاته، وقال خلال حديثه إن موقفهم ثابت وواضح ولن يتغير تجاه مطالبهم بإقالة الوالي المكلف لجملة من الأسباب والاعتبارات والواقعية، قائلاً إنها تتركز حول تماطل الوالي في التعاطي مع معالجة أزمات الكوارث التى شهدتها عدد من محليات الولاية، وإعلانها منطقة كوارث لتقديم الدعم اللازمة للمتضررين، وتوفير المأوى لهم، مشيراً إلى تضرر أكثر من (780) أسرة بمنطقة أم الخير. وقال إن أكثر من (200) تضررت كلياً، بينما تضررت عدد من منازل الأسر في منطقة باندغيو، وبمحلية الرهد في منطقة أم كراع ومحلية القريشة. ولفت “وجدي” إلى ظهور تحركات مريبة لكتائب الظل، كاشفاً عن توزيع مبالغ لعناصر كتائب الظل كفوائد ما بعد الخدمة وحوافز، قال إن المبالغ التي وزعت تقدر بأكثر (10) مليارات جنيه تم استجلابها من خارج الولاية ــ حسب مصادره. وأقر “وجدي” بأن الوالي له مهام محددة، إلا أن ذلك لا يمنعه من الاتصال والتنسيق مع قوى الحرية والتغير بالولاية والتعاون معها؛ لجهة أنها تمثل السلطة الحاكمة بالبلاد وجزء لا يمكن تجاوزه في الخارطة السياسية بالولاية وهي التي أنجزت الثورة بالولاية، وقدمت الشهداء من أجل الحرية و العدالة، مشيراً إلى أنهم حاولوا أكثر من مرة للقاء الوالي، إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل، متهماً جهات ــ لم يُسمِّها ــ بوضع المتاريس والمعوقات حيال الالتقاء بالوالي. وحذر من مغبة تبعات انتحال بعض الشخصيات لصفة قوى الحرية والتغيير لمقابلة الوالي، مؤكداً عدم تهاونهم في قوى الحرية في التعامل مع هكذا تصرفات في الوقت الذي يبدو فيه أن هنالك ثمة خلافات حول التعامل مع الوالي من قبل مكونات قوى الحرية والتغيير بالقضارف، حيث خالف عضو قوى الحرية والتغيير “عطا حسين” خلال حديثه لـ(المجهر) محدثنا السابق، وقال إنه ظل منذ فترة طويلة يطالب رفقائه في قوى الحرية والتغيير بتشكيل آلية تنسيقية من كل مكوناتها لمقابلة الوالي والتنسيق معه في عدد من القضايا حول إدارة شؤون الولاية باعتبارهم شركاء في الحكم إلا أن أعضاء (قحت) لم يأبهوا لمقترحاته حتى اصطدموا بالواقع الحالي، مشيراً إلى أنهم تقدموا بخطاب للوالي المكلف، بيد أنه لم يستجب لمقابلتهم، واستنكر تصرفات أحد أعضاء الحرية والتغيير ــ لم يُسمِّه ــ ومحاولته لمقابلة الوالي بصفته الشخصية واقتحامه لمكتب الوالي بطريق عشوائية، دون المرور بالقنوات الرسمية المتبعة لارتياد مثل هذه المكاتب، مؤكداً رفضهم التام جملة وتفصيلاً لهذا المسلك الذي يتنافى مع نهج قوى الحرية والتغيير، كما أكد رفض لشخصنة القضايا العامة. ومضى “عطا” قائلاً وأكد رفضهم التام لمسلك عدد من أعضاء مكونات (قحت) بالولاية بالتصعيد وإعلان تسيير المواكب والوقفات الاحتجاجية. وقال إنها لا تتسق مع أهداف الثورة ومكتسباتها، فضلاً عن إنها تسهم في تقويض مسارات مهام حكومة الفترة الانتقالية التي تقوم بتنفيذ برنامج قوى الحرية والتغيير وأهداف الثورة. وقطع بأن إقالة الوالي المكلف الحالي في ظل الأوضاع الحالية وتعيين والٍ مدنى مستحيلة؛ لجهة أن قضية الولاة تم إرجاؤها لحين إكمال عمليات السلام مع الحركات المسلحة، وفقاً لإعلان المبادئ الذي تم توقيعه في جوبا مؤخراً، مشددا على ضرورة العمل فى هذه الفترة لإرساء دعائم الاستقرار بالولاية لتثبيت ركائز الحكم للحكومة الانتقالية، والتعاون مع الوالي للعبور إلى بر الأمان لتحقيق أهداف الثورة ومطالب الثوار، وعدم استعجال التغيير السريع لحين اكتمال هياكل الحكم بالولاية. وأكد النشاط السياسي بالولاية “ياسر دفع الله” خلال حديثه لـ(المجهر) أن المطالبة من قوى الحرية والتغيير بالولاية في المعطيات الحالية لا جدوى لها وأن الخلافات ليس مبرراً لأن الولاة العسكريين معينيون بمهام واختصاصات معينة ترتكز على توفير الخدمات الأساسية وحفظ الأمن، وأن الحلول للقضايا المتعلقة بأهداف الثورة تحتاج لتعيين ولاة بصلاحيات ومهام شاملة، وهذا لا يتأتى إلا بعد الفراغ من إكمال عملية السلام الشاملة التي رهنت تعيين ولاة مدنيين عقب التوصل لاتفاق نهائي مع الحركات، لافتاً إلى أن الوالي الحالي حقق بعض الاختراقات في عدد من المشروعات التنموية بالولاية، خاصة مشروع الحل الجذري لمياه القضارف الذي وصل فيه العمل بالشبكة الداخلية أكثر من (97%)، إلى جانب وصول العمل في الخط الناقل للمياه من جسم سد (سيتيت) لكثير من (90%)، فضلا إنجازه للعمل في مطار العزازة وجاهزية سفلتة (17) كيلو داخل مدينة القضارف التي سوف يبدأ فيها العمل خلال الأيام القادمة، قائلاً إن ما يتعلق بشأن كوارث الخريف نتيجة للسيول والأمطار التي اجتاحت عدداً من المحليات وعدم التفاعل في الأوضاع حديث عارٍ من الصحة، وأن حكومة سيرت قوافل لكل المناطق المتضررة بما يقدر بـ(18) مليار جنيه بدعم من ديوان الزكاة بالولاية، رغم أن عمليات الدعم تأخرت بسبب إغلاق الطرق جراء الأمطار والسيول. وختم حديثه بأن التراجع في الخدمات في المجالات كافة بالولاية هو نتاج لتراكمات التركة المثقلة للنظام السابق في عدد من المجالات لا يمكن معالجتها بين ليلة وضحاها وتتطلب مزيداً من العمل والصبر في الأوضاع الحالية، وأن التصعيد بتسيير المواكب والوقفات الاحتجاجية يربك المشهد السياسي بالولاية وربما يؤدي لتعطيل مسيرة العمل والإنتاج وأهداف ومكاسب الثورة، فضلاً عن ظهور بعض مظاهر الفوضى، كما حدث مؤخراً بسوق القضارف، بجنوح عدد من المجموعات المتفلتة بأخذ القانون بيدها بإجبار عدد من التجار بتسعير بيع السلع بالأسعار التي قامت بفرضها عليهم بتحديدها بالإكراه، هذا المسلك يتنافى مع القانون فضلاً عن تطور وتصاعد الأحداث بصور دراماتيكية بين قوة الحرية والتغيير والسلطات بالولاية، حيث قامت الشرطة باعتقال فريق إعلام قوى الحرية التي توضح للمواطنين ما حدث من ملابسات داخل السوق فضلاً عن الإعلان لموكب (الخميس) للمطالبة بإقالة، كما استنكرت قوى الحرية عملية الاعتقال وأصدرت بيانات تندد بالحادث بينما أفرجت الشرطة عن فريق الإعلام بالضمانة العادية وكل تلك التداعيات تجعل القضارف أمام الانزلاق في حالة فوضى لا تحمد عقباها.. ويبقى السؤال كيف ينظر المركز لكل هذه الأحداث وما هي المعالجات لاحتواء الأحداث بالقضارف؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية