{ تبقي سيرة حياة الخليفة الراشد الفاروق “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه وأرضاه من أعظم سير العظماء المليئة والمحتشدة بالقصص المؤثرة والمواقف المشهودة التي نستخلص منها الكثير من العبر والحكم والقيم في مخافته لله وزهده وعدله وتعامله مع الآخرين .
{ من بين هذه القصص : ( يحكي أن رجلاً ذهب في ذات يوم إلي سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه وأرضاه يشتكي له من زوجته التي تخاصمه وترفع صوتها عليه، فلم يجد الرجل خيراً من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الذي عرف بالقوة في الحق والعدل والرأي الحكيم، يشتكي له وعندما وصل الرجل إلى بيت الفاروق “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه فإذا به يسمع زوجة أمير المؤمنين ترفع صوتها في وجهه وتخاصمه فعندما وجد الأمر كذلك شعر بالحرج وهم بالانصراف، فإذا بأمير المؤمنين يخرج في هذه اللحظة من بيته قدراً ، فقابل الرجل فسأله : ما الذي أوقفك ببابي يا رجل ؟ قال الرجل : جئت حتى أشكي زوجتي إليك يا أمير المؤمنين لأنها ترفع صوتها علي وتخاصمني، ولكنني سمعت رغماً عني عندما اقتربت من منزلك أن زوجتك تخاصمك وترفع صوتها، فقلت في نفسي هذا أمير المؤمنين وتفعل معه زوجته هكذا فكيف بي أنا ، ابتسم سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه فرد له قائلاً في بساطة وحكمة :
ﻳﺎ ﺭﺟﻞ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺑﺴﻄﺖ ﻣﻨﺎﻣﻲ ﻭﻃﻬﺖ ﻃﻌﺎﻣﻲ ﻭﺗﺤﻤﻠﺖ ﺃﻭﺯﺍﺭﻱ ﺃﻭﻻ ﺃﺣﺘﻤﻠﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﺭﻓﻌﺖ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻲ .. وهذا وصلت الرسالة ببساطتها وعمقها وعاد الرجل أدراجه لمواصلة ومسايرة حياته الزوجية بهذه الحكمة العمرية .
{ أما القصة الثانية تقول : إن مرضاً أصاب سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه فوصفوا له جرعات من ( العسل ) كدواء، وكان بيت المال به عسلاً في ذلك الوقت جاء من البلاد المفتوحة ، ولكن أمير المؤمنين سيدنا “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه لم يرتض أن يتداوى بجرعات من هذا ( العسل ) كما وصف الأطباء، فجمع الناس وصعد المنبر واستأذنهم قائلاً : (لن أستخدمه إلا إذا أذنتم لي، وإلا فهو علي حرام ) .. فبكي الناس إشفاقاً على “عمر” رضي الله عنه وأذنوا له جميعاً باستخدام العسل وتناوله ومضى بعضهم يقول لبعض : لله درك يا عمر لقد أتعبت الخلفاء بعدك .. رحمك الله يا خليفة المسلمين.
{ وضوح أخير :
{ اللهم أعز كل بلاد المسلمين بأمثال “عمر بن الخطاب الفاروق” رضي الله عنه وأرضاها فهي الآن أحوج ما تكون لأمثال هذا الخليفة الراشد والنادر في صفاته وتعاملاته الإنسانية وعدله ورشده في الحكم وقوته في القيادة وحرصه على مخافة الله في كل صغيرة وكبيرة.
{ جمعة مباركة .
.