تقارير

في انتظار ما تسفر عنه حكومة “حمدوك”

ولاية غرب دارفور ما بعد الثورة

تقرير-عبدالرحمن محمد أحمد

تعد ولاية غرب دارفور من الولايات الواعدة ، تزخر بموارد متنوعة وأراضٍ خصبة، وثروة حيوانية ضخمة ومياه وفيرة ،وتمتاز بأودية موسمية تنحدر مياهها عمقياً ، مروراً بوادي “كجا وباري” . إلا أن الولاية لم تحظ طيلة السنوات الماضية بخدمات تنموية متوازية على الرغم من غزارة إيراداتها الولائية، والدعم الذي تقدمه المنظمات العالمية .
ومع تفجر ثورة ديسمبر المجيدة والإطاحة بنظام حكم المؤتمر الوطني ، تفاءلت جماهير ولاية غرب دارفور وتفاعلت مع الثورة ،بجميع أطيافها واستبشرت بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء د. “محمد عبد الله حمدوك” . بيد أن الولاية ما تزال تواجه تحديات جمة ، من بينها عزوف بعض النازحين بالمحليات الشرقية عن زراعة أراضيهم وذلك نسبة لمخاوفهم من الأوضاع الأمنية وانعدام الثقة بين المكونات السكانية ، خاصة تلك التي مازالت بحوزتها الأسلحة النارية، بجانب هشاشة النسيج الاجتماعي بين المكونات المختلفة من خلال تجذر الاستقطاب القبلي الحاد إبان حكم المؤتمر الوطني على حساب توزيع السلطة لتلك المكونات وظهور قيادات أهلية جديدة في الساحة مما قد ألقى بظلال سالبة على الفئة الشبابية من أصحاب الكفاءات العلمية.
وتترقب الولاية من مجلسي الوزراء والسيادي التوافق في اختيار حاكم للولاية ، من ذوي الكفاءة العالية ، ليتيسر له إرضاء طموحات وتطلعات جماهير الولاية، التي تضاعفت معاناتها ، من الحرب وإفرازاتها ، ومظاهرها ممثله في النزوح واللجوء . على أن تعمل الحكومة الجديدة في الولاية على توظيف إمكانات المنطقة بصورة مثلى ،لتصبح خليج أفريقيا كما يطلق عليها أهل الشرق.
ويرى مراقبون ضرورة أن يبتعد المركز عن المعايير السابقة في اختيار حكام الولاية ،على ذات منوال العقلية القديمة ، وأن يتم تعيين الوالي طبقاً للمحاصصات الجهوية . كل هذه التطلعات المتفائلة ستجيب عليها الأيام القادمة، ودعا قيادي إعلان الحرية والتغيير ” طه عبدالنبي ” بأنهم سيقومون بدورهم الرقابي من خلال النقد وتصحيح المسار إنفاذاً لتطلعات ومطالب الثورة، وقال إن أولى هموم الولاية ترتكز على تحسين الوضع الاقتصادي باعتبار أن ولاية غرب دارفور من أكثر الولايات ارتفاعاً لأسعار السلع بزيادة (100%) عن المركز، إضافة إلى النظر في النزوح واللجوء والحواكير وتعويض المتضررين وسيادة حكم القانون من خلال تنفيذ محاكمات عادلة للمظالم التاريخية، وتوفير خدمات الصحة والتعليم والطرق والسعي لهيكلة وإعادة النظر في المؤسسات المدنية .
وتوقع ممثل تجمع المهنيين بالولاية ” علاء بابكر ” أن تلتزم الحكومة الجديدة بمعايير الكفاءة العالية في اختيار والي الولاية المرتقب حتى يتسنى له الإجابة عن الأسئلة المشروعة في الصحة والتعليم وجميع الخدمات، أما رئيس حزب التحرير والعدالة القومي ” عبدالوهاب محمد عبدالله ” هو الآخر دعا لضرورة إعطاء أولوية خاصة لغرب دارفور لموقعها الحدودي وبها أكبر عدد للنازحين واللاجئين لذلك ينبغي على الحكومة الجديدة الإيفاء بالتزاماتها حسب بنود الوثيقة، وقال إن السلام لم يتحقق إلا بالإرادة الحقيقية ، وأعرب عن أمله في أن يتم السلام في أسرع وقت ممكن .
ويوافقه الرأي الناشط في منظمات المجتمع المدني “الطيب سليمان عبد المجيد ” إن حل مشكلة النازحين واللاجئين يتطلب إعداد خطة وفق ميزانية طموحه تلبى احتياجاتها ومع توفر الإرادة السياسية ، ومخاطبة جذور الأزمة وإزالة أسبابها مع إعطاء التمييز الإيجابي للمناطق المتأثرة بالحرب، وعزا تخوف المواطنين للزراعة في الموسم الزراعي الحالي إلى غياب الأمن الذي يوفر بيئة جاذبة ويقلل الاحتكاكات بين الراعي والمزارع ، فضلاً عن تخول مجموعات لمناطق زراعية أثناء غياب أصحابها الحقيقيين لذلك لابد من وجود حل للمشكلة، وذكر أن تقارب وجهات النظر بين الحكومة الجديدة والقائد “عبدالعزيز الحلو” و”عبدالواحد محمد نور” وقيادات الجبهة الثورية تسهم في خانة التسوية السلمية الشاملة وتحقيق السلام المفضي إلى وحدة السودان أرضاً وشعباً على قاعدة من الرضا لذلك الديمقراطية والسلام أولوية قصوى للدولة السودانية .
فيما أشار الباحث في السلام و التنمية “عبد السلام أبكر خاطر ” إلى أهمية مواصلة الحوار مع الحركات والقوى السياسية الأخرى التي تمت إقصاؤها في المرحلة السابقة وعدم استخدام مصطلحات المحاصصات الجهوية في الخطاب السياسي و تحقيق العدالة الانتقالية والالتزام بمعايير الكفاءة و الخبرة والقدرة المؤهلة لتولي المنصب لمواجهة تحديات الضائقة الاقتصادية و معاش الناس ومكافحة التهريب وحل قضايا النازحين واللاجئين.
وأضاف رئيس شباب معسكر سيدا ” سالم عبدالله خاطر ” إن النازحين في حاجة للمشروعات المدرة للدخل وتأمين القرى وتوفير الخدمات الضرورية للحياة حتى يتمكنوا من مواصلة حياتهم الطبيعية ، وذكر أن أمطار هذا العام قد ألحقت أضراراً كبيرة بمعسكرات النزوح إلا أن الحكومة لم تسارع لمساعدتهم.
بالرغم من الخطوات المتصارعة تجاه بناء دولة سيادة القانون وتحقيق الديمقراطية والعدالة إلا أن معاش الناس بات يراوح مكانه والأسعار تزداد اشتعالاً مما كان عليه ، والجميع في حالة ترقب لما تسفر عليه إجراءات حكومة حمدوك على الأرض لتحقيق مطالب الثوار .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية