أي كروت ضغط في حقيبة “حمدوك”؟؟
كان “جون قرنق” يقول للصحافة العالمية مزهواً قبل أكثر من (30) عاماً: ( أنا أشهر رجل في العالم )، كان المسكين مغشوشاً ، يعيش سكرة التمرد.. تمرد كان يظاهره الغرب المسيحي.. ويؤازره الشرق الشيوعي.. كان “قرنق” في أديس أبابا يستمتع بضيافة الكولونيل “منقستو” ..ودعم مجلس الكنائس العالمي.. وكانت أديس قد صارت موسكو القارة السمراء ..وأقامت أكبر تمثال لـ(لينين) في أفريقيا..
صعر المتمرد “قرنق” خده.. حتى لمحبيه من شيوعيي الشمال ..ولعشاقه من يساريي الخرطوم ..ولم يجد نعتاً يليق بانتفاضة (أبريل 85) غير أنها (مايو تو) .. وبعد أن كسب الإمام “الصادق” الجولة الانتخابية، وشكل حكومته ، وصار رئيساً للوزراء ،رفع سقف تفاؤله بإقناع الكولونيل المتمرد بوضع السلاح، والانخراط في عملية سلام جادة، وكان الإمام وقتها يرد على كل من أراد تثبيط همته بقوله: ( لابد من صنعاء وإن طال السفر ) ..
ولكن الإمام عاد محبطاً ،بعد أن رفض قائد التمرد استقباله في أديس بطاقية (رئيس الوزراء )،مصراً على بطاقته كـ(زعيم لحزب الأمة) .. وقال الإمام يومها عن لقائه “بقرنق” إنه وجد (رجلاً مخدوعاً )..
اليوم يكرر التاريخ نفسه ،ويسافر “حمدوك” إلى ضريح “قرنق” في جوبا ، للقاء قادة الكفاح المسلح اسم (الدلع الجديد للخوارج والمتمردين كما في أدبيات الإنقاذ) ، إن الدكتور “حمدوك” – مع كامل الاحترام والدعاء له بالتوفيق – ليس أكثر وطنية ،ولا حرصاً على السلام من الإمام في زمانه .. إننا نتمنى ألا يستثمر هؤلاء القادة مبادرة الرجل ، ويفتحوا شهيتهم للآخر ، طمعاً في تنازلات لا تطيقها الخرطوم ..في مقابل تمترسهم في مواقفهم تحت حماية (الجيش الأحمر).. وبرعاية الفرقتين (التاسعة والعاشرة) .. أسقط الشعب “البشير” ونظامه، وأسقط المجلس السيادي كل الأحكام بحق قادة الكفاح المسلح .. فيا ترى ما الذي يمنعهم من إجراء حواراتهم مع الحكومة في بلادهم.. هل لأنهم كالعادة لا يملكون قرارهم ، أم لازالت جوبا تناور بهم كأوراق ضغط ..إن لم تكن تحتفظ بهم كرهائن ، وما قصة “تلفون كوكو” ببعيدة..
هل في حقيبة السيد “حمدوك” أي كروت ضغط متبقية ..أم انه سيكتفي بحسن النوايا.. أخشى أن يكون “حمدوك” قد أحرق كروته على السراب ..وأهرقت قحت (مويتها ) على الرهاب..
أين “عبدالواحد محمد أحمد النور” المحامي السابق بزالنجي ، والمناضل الحالي من شارع الشانزليزيه في باريس ..من موسم التنزيلات القحتاوية.. وما الذي يمنعه من وضع السلاح.. والحضور لزالنجي.. هل زالت تطارده كوابيس عملية إنقاذه بطائرة (سيسنا )صغيرة تابعة لليونسيف، من جبل مرة إلى (ربكونا) بولاية الوحدة .. كما في القصة التي رواها الطيار الأمريكي الذي لا يعرف شرف الرفقة ولا يحفظ أسرار المناضلين..
هل يريد بعض قادة الحركات المسلحة ، بطولة بدون التعرض للأخطار.. هل يشتهون شهرة دون دفع الضريبة .. وما دروا أن من خطب حسناء لم يغله المهر.. ومن عشق الشهد لم تحجزه لسعات النحل..
كانت المذيعة الشقراء تسأل الإمام “الصادق” غداة اعتزامه العودة في (تفلحون) عن ضمانات سلامته عند عودته للسودان.. فقال لا ضمانات ..فالعمل السياسي أصلاً عبارة عن مغامرة. . وأنشد يومها قول المتنبي :-
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر ….والإقدام قتال