يبدو أن السيد والي ولاية الخرطوم المكلف، الفريق “أحمد عبدون حماد” يواصل من حيث انتهت إليه الحكومة السابقة في قضية حل أزمة المواصلات عن طريق زيادة مواعينها عبر شركة مواصلات ولاية الخرطوم، بزيادة عدد البصات العاملة، فضلاً عن إعادة تأهيل تلكم المعطلة أو كما جاء بأخبار الأمس. صحيح أن هذا المقترح ربما يساعد في حل ضائقة المواصلات التي ضربت العاصمة وشلت الحركة، واعتذر أن قلت إن ذلك يمثل عجز القادرين على التمام.. فيا حكومة الولاية (عينكم في الفيل تطعنوا في ضله؟).. بمعنى أنه وإلى جانب نقص مواعين النقل من لدن شركة مواصلات ولاية الخرطوم.. فإن أس المشكل يكمن في الفوضى التي تقع بالمواقف التي أصبحت أفرغ من جوف أم “موسى”، لأنه وببساطة اتخذت لها مواقف وسطية وخطوط اًوفق أمزجتها وحاجة المواطن التي تستغل أسوأ استغلال.. وقُبيل أن نسترسل في هذه النقطة المعيبة في حق سائقي المركبات والمعنيين الذين تركوا لها الحبل على الغارب، نعود لموضوع بصات الشركة القديمة والتي قيد الاستجلاب.
إذ كأن السيد الوالي لم يطلع على مشكلات البصات التي أصبحت في عداد المهملات بعد أن تورط بسببها مواطنون كثر باع بعضهم أعز ما يملك أملاً في تعويضها لاحقاً، بل الاغتناء وسد كل الحوائج من عائدها، لكن وقبيل أن تستكمل أقساط الشراء وجدوا أنفسهم أمام دوامة كبيرة وظلوا يهرولون بين صفا وزارة البنى التحتية ومجمعات الصيانة، ومن أسف لم يعرهم أحد اهتماماً ولم يتم حتى توجيههم فظلوا يدورون حول حلقة مفرغة، ولا أدري إلى أين وصل بهم الحال عقب سماعي لمجموعة مثلت البقية قبيل عام أو أكثر.
أعلم تماماً أن هذا الحديث ليس بخافٍ على سعادة الوالي وأركان حربه القدامى في هذا المجال.. لكني استغرب كيف فاتهم أن تكلفة إسبيرات هذه البصات جميلة المحيا، قبيحة الدواخل، عالية جداً وبعضها غير متوفر من أساسه في السودان، أم هل أعدت العدة لمجابهة هذا التأهيل.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل سيورطون أنفسهم والخزينة مجدداً في بصات بالمئات قيل وبحسب تقارير مسبقة عنها، إنها ليست بأحسن حالاً من سابقتها، وإن بدت جميلة يبقى ذلك محض قشرة.. وان دعا الأمر لذلك، أن تستورد بصات جديدة وبضمانات لسنين عددا وليس بالضرورة أن تكون بهذا العدد، فالعافية درجات.. في الأخير هو حل لكنه ليس بجذري، وعلى الأقل ما يحمد لها أنها وعلى قلتها تلتزم بخطوتها المحددة لها ولا تراوغ كالبقية.
سيدي الوالي إن أردت لهذه القضية أن تحل ولو بنسبة كبيرة، عليك بالسيطرة على المواقف، وأوقف عبث جوقة الخطوط المتشابكة.
نذكر أنه وفي أوقات فائتة، لم تكن هنالك فوضى كهذه البتة، صحيح أن الضغط البشري على العاصمة لم يكن كما هو عليه الآن، لكن كان للضبط والربط دور كبير بالمواقف المعروفة طبعاً قبل أن تطالها عملية التحويل والتنقل والصرف عليها بلا فائدة تذكر، والخطوط معروفة وأماكن الترصد لها كذلك.. كانت هنالك غرامات على مركبات (الهايس) تدفع يومياً.. وكذا (الركشات) إن حادت عن طريقها أو انتهت رخصة أي منها، كان هنالك ما يسمى كشف الهيئة كان… كل ما من شأنه ضبط هذه السيارات عن طريق رجال المرور وليست جودية المواطنين كما يحدث الآن.
الآن كل ذلك أصبح بلا رقيب وظلت الهايسات التي كان سائقها ترتعش فرائصه إن شاهد شرطي مرور في الطريق، هي سبب الفوضى الآن تقف وقتما وحيثما تشاء وبأي تعرفة ترغب.
للحق فإن عدم الرقابة مغري جداً للفوضى طالما أن لا رقيب ولا حسيب.. بالمناسبة أين نقابة العاملين بالمركبات العامة؟.. كذلك أين البدعة الأخيرة المسماة (كماسرة) وفوق كل هذا وذاك أين شرطة المرور ورجالها؟
قلت في سياق حديثي السابق إن بعض مهام رجال المرور أصبحت تحل بالجودية.. بمعنى بتدخل ومساعدة المواطنين في بعض المشكلات كفك الاختناقات مثلاً.. يحدث هذا في ظل قطوعات الكهرباء التي تلازمها توقف إشارات المرور، وبالتالي وجود رجال المرور في التقاطعات.. لكن هذا ما نفتقده كثيراً في بعضها سيما في الأحياء وحيث إننا نفتقر لثقافة المرور والتعاون فيما بيننا.. فإن ثمة فوضى واختناق يعرقل حركة السير ومن ثم العطلة، ما يضطر نزول السائقين أو الراجلين لتنظيمها وفك الاختناق.
لا أحد ينكر الدور العظيم الذي كان يقوم به رجال المرور حد تغزلنا فيه ولا زال.. لكن ليس كما السابق.
سعادة والي ولاية الخرطوم، إن شئت حل مشكلة المواصلات مع محاولة توفر بصات الولاية، فعليك بتنظيم حركتها عبر القنوات المناطة بها، فضلاً عن رقابة شرطة المرور.. نسيت أن أقول إن الفوضى عصفت بمركبات عن خطها فخرجت عن الخدمة واستبدلت بـ(التكتك) وهو المخصص لنقل البضائع ولا يمكنه قطع الكباري.. فابحثوا عنها وأعيدوها.