رأي

ناكرو الجميل .. عفواً أستاذنا الهندي !!

من الحياة نتعلم عزيزي القارئ.. في كل يوم درس جديد تستفيد منه في مقبل الأيام لمعرفة معدن زملائك في مهنتك أو من تسكن إلى جوارهم في قريتك، بعضهم يحفظ لك الجميل ويكون في أهبة الاستعداد من دون أن تطلب منه أن يرد إليك ذلك الدين بالمعروف والإحسان، ومنهم اللئيم من إذا أحسنت إليه تمرد وكفر بمعروفك وأنكر جميلك وتناساك وجفاك إذا انتهت مصلحته، ومن هنا أبدأ.
هل نتذكر أول من تعلمنا على يديه رسم الحروف على الرمل وكتابة الأرقام في مراحل التعليم الأولى حتى تطل علينا:» من علمني حرفاً صرت له عبداً»؟، قليل منا من يتقدم بالمعروف المادي والمعنوي إلى أصحاب الرسالة من الأساتذة الأجلاء، يرفع الأكف بالدعاء أن يجزيهم الله خيراً وأن يبارك لهم في تنشئة الجيل بعد الجيل على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة.
والناس فيهم الكريم واللئيم.. فيهم من إذا أحسنت إليه شكرك وعرف لك الجميل وذكرك بالذكر الحسن وكافأك على المعروف متى ما سنحت له فرصة ولو بكلمة طيبة متبعاً هدي الرسول صلى الله عليه وسلم : (من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه).
وظاهرة نكران الجميل تفشت وطفحت ووصلت لدرجة انعدام الكرامة الوطنية والتضحية من أجل السودان بعيداً عن مسميات الحكومة والمعارضة، ولك أن تتخيل الكثير من المواقف والحكايات والأوضاع «والصورة دي مقلوبة ولازم نعدلا.»
وماجعلني أعود لكتابة العمود وصول هذه الظاهرة إلى داخل بيتنا الصحفي ومؤسسات صناعة الرأي العام التي تعكس مشاكل الناس واهتماماتهم وتطلعاتهم، ومن باب الوفاء ورد بعض الدين إلى الذين تعلمت منهم أبجديات مهنة الصحافة أذكر الأستاذ الكبير «حسين خوجلي» صاحب (ألوان) الحق والخير والجمال، مروراً بالأساتذة «الصادق الرزيقي»، «يوسف عبد المنان» و«صديق عبد الله» قبل الانتقال إلى (رأي الشعب) في عهد الأستاذين «حسن محمد صالح» و«عبد الماجد عبد الحميد» ثم توقفي عن العمل بعد تأزم الأحوال السياسية.
ويسألونني عن سر علاقتي المتميزة – ولله الحمد والفضل – بالأستاذ «الهندي عزالدين» في محطة أخرى من العمل هي الزميلة العزيزة (صحيفة آخر لحظة)، كنت وقتها عاطلاً عن العمل – وليس ذلك عيباً في ظل أوضاع السودان الحالية – وقد طلب مني العمل معهم وكانت الصحيفة تتربع على عرش الصحف السودانية وقتها.
اندهشت جداً، لأنني لم أكن متميزاً في العمل – وهذا من باب العلم بالنفس – واستغربت للطلب الذي جاء في وقت لم تكن فيه المؤسسات الصحفية ترغب في توظيفي بسبب (شبهة) الولاء السياسي!!، ومنذ ذلك الوقت احترمت الأستاذ «الهندي عزالدين» وواصلت معه رحلات نجاحه من صحيفة (آخر لحظة) إلى (الأهرام اليوم) ومنها إلى (المجهر)، وحملت معي مودة خاصة للأستاذ «مصطفى أبو العزائم» – الذي فاض علينا بحنان أبوي مثلما وجدناه عند الأستاذ «حسين خوجلي» – وتحولت علاقة العمل معهم عزيزي القارئ الى علاقة الابن بأبيه، قد أكون اختلفت معهم في تقدير ما؛ لصغر تجربتي الصحفية، لكنني أحمل إليهم مودة تمتد إلى أسرهم، أتمنى من الله أن تكون في قلبي إلى يوم الدين.
ربما تسألونني لماذا أبث إليكم شكواي؟
لأن هنالك من أسدى إليهم الأستاذ «الهندي» معروفاً في الوسط الصحفي ورفع من مقامهم فقابلوا الحسنة بالإساءة والشتائم، وتنكروا للجميل!! أمثال «عزمي» و«داليا الياس» وآخرين.
ويطلبون مني أن أترك (المجهر) وأقدم استقالتي وأركب سفينة أخرى إلى جهة غير معلومة في موج أسود كقلوبهم، لم يحفظوا للأستاذ «الهندي» أنه كان سبباً رئيسياً في نجاحهم المادي قبل المعنوي وفي إتاحة الفرصة لهم عبر مؤسساته التي صنعها مع آخرين بسهر الليالي، ولكن الله لا يهدي كيدهم!
اختلف مع الأستاذ «الهندي» في كثير من أعمدته الصحفية في ما يكتب وما يتناول من قضايا، وقد منحني شرف أن أعبر عن رأيي في عموده الشهير مما جعل الأستاذ الكبير «ساطع الحاج» المحامي يشيد بذلك، سجال بين اثنين أحدهما يفوق الآخر في التجربة الصحفية ولكنه يسمح رغم ذلك أن يقول له: (لا)!!.
والأغرب من ذلك أنهم يريدون أن يعملوا مع الهندي ويلهثون وراء ذلك!!، وعندما يختلفون معه يسارعون إلى القذف بالكلمات، والرمي بالقاذورات، ووضع الأشواك في الطريق، ورمي النبال بالنميمة والغيبة وسوء القول، ولكن هيهات ثم هيهات، إن الأمر بيد الله يرزق من يشاء ويرفع ذكر من يشاء و(الحاسدون) دوماً تأكلهم نار النجاحات المتتالية.
عفواً، عزيزي القارئ: قد تكون القضية خاصة ترتدي ثوب العام، جعلتك معي تتنفس أوجاع من أنكر إليك جميلاً، لكن سنكون دوماً أوفياء للوطن الذي تربينا على ترابه.. ونقول لكل من كان سبباً في سعادتنا أو نجاحنا أو أسدى إلينا معروفاً: (جزاك الله خيراً).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية