.. هل يمكن أن نقبل القول بأن الأوضاع الاقتصادية الموروثة من العهد السابق بترديها وإخفاقاتها وما ارتبط بأحداث الثورة ومراحلها المتتالية وتداعياتها على الوضع الأمني والسياسي وبالتالي الاجتماعي تمثل مبرراً كافياً لما يحدث الآن من فوضى كبيرة في أسعار الأسواق بسلعها الاستهلاكية وخدماتها الاقتصادية المرتبطة بحياة الناس ومعيشتهم ؟ .. هل يشفع كل ما عشناه خلال المرحلة الماضية من رهق الثورة ومعاناتها ومخاضها الصعب بآلامه ودمائه لما نراه الآن من ارتفاع جنوني متلاحق على كل حاجيات الإنسان ومتطلباته المعيشية اليومية حتى بات الجميع في حيرة من أمرهم؟ .. ترى كيف يفكر المسؤولون الآن في هذا كله كيف يتصورون أن تمضي حياة الناس في مقبل الأيام .. ماذا سيفعلون أمام هذا السيل الهادر من فوضى العرض والطلب والقيمة الحقيقية وتلك المزيفة والكاذبة .. الجميع يضاربون في كل شيء ويعرضون كل شيء بالأسعار التي يقررونها بمزاجهم الخاص ولا أحد يتصدى لهم.. لا شرطة ولا مراقبين حكوميين ولا حتى منظمات حامية للمستهلكين الضعفاء.. لا أحد.. ضاعت هيبة الدولة وضاع معها المواطن البسيط الذي أصبح يعاني الآن في كل وجه من أوجه حياته .. فيضانات وسيول تهدم المنازل وتسويها مع الأرض وتضيع الممتلكات وكل المتاع ومع حركة إنقاذ بطيئة ومتأخرة تضيع الآمال وآخر الأحلام.. أزمة خبز تذهب لتعود.. صفوف الوقود.. تختفي لتظهر.. انعدام سيولة تراوح مكانها.. أسعار متزايدة على رأس الساعة.. كل المستهلكات الغذائية الآن تضاعفت أسعارها من الألبان والزيوت واللحوم والخضراوات وحدث ولا حرج عن الأدوية بكل أنواعها حتى المنقذة للحياة منها والتي أن وجدت فقد وصل سعرها لمستوى مدهش وأن لم توجد فلا ملجأ لصاحب الحاجة إلا الله وتصاريف أقداره أما العلاج نفسه فقد باتت الصورة فيه قاتمة ومفجعة وهاهو مستشفى يعلن عامليه إغلاقه لأجل غير مُسمى لتجد ضاحية مكتظة بالسكان حوله نفسها بلا علاج ولا يحزنون.. ما هذه الفوضى التي نعيشها الآن؟.. لمن يشكو الناس ولمن يطلقون صراخهم؟!! .. بل ولمن نكتب نحن هنا الآن ؟!! .. لهؤلاء المتصارعين على المقاعد والمتقاتلين على المناصب والمتهافتين على الوزارات والمتشاكسين على أدوار لا زالت في رحم الغيب؟ .. اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكنا نسألك اللطف فيه ..