رأي

فنجان الصباح..

أحمد عبدالوهاب

انتظار عبثي

في أعقاب انتفاضة عام 1985م ، كانت ردة فعل الحركة الشعبية وجيشها بقيادة “جون قرنق” على تحية العهد الجديد ، محبطة لأهل السودان جميعاً.. لم يجد “قرنق” ما يرد به على تحية التجمع الديمقراطي غير أنها (مايو تو).. برغم رجاءات التجمع ومبالغته في تدليل التمرد، وإطراء قائده بعبارات من شاكلة(الأخ ،الرفيق ،القائد ،المناضل، الثائر).. وكانت هذه العبارات تذاع في الإذاعة والتلفزيون الرسميين ، وتنشر في صحافة الخرطوم. جارحة كبرياء رجالنا الأبطال في القوات المسلحة الباسلة.
نفس الرد الموغل في الصلف والازدراء ، تتلقاه الآن قوى الحرية والتغيير ، من جانب الحركات المسلحة ، تنال معها الجماهير وجبة قاسية من الإحباط .. لقد خاب ظنها في رجال الكفاح المسلح، فقد كانت الجماهير تظن أن هدفهم إسقاط النظام ،واستعادة الحرية والديمقراطية.. ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هذه الحركات المسلحة، كانت تقتدي بالحركة الشعبية ، وترى في “قرنق” مثلها الأعلى.. ولن تضع السلاح إلا إذا ضمنت لنفسها كامل الكيكة ، وإدماج جيوشها في الجيش القومي ، وتسريح ما عداها.. مهمة حمل السلاح تكفي صاحبها مؤونة متاعب إدارة الدولة .. ومسؤوليات الإعاشة والرواتب والخدمات ، وتعطي أهلها ألقاب البطولة ، وتمنحه ومحبة كل المعارضين ، ودعم اليسار السوداني كله..
جاء السيد “مناوي” للخرطوم ككبير المساعدين “للبشير” ،ورئيساً للسلطة الإقليمية بدارفور ، بموجب اتفاق أبوجا 2006 م.. ولكنه لم يلبث كثيراً ، حتى فقد بريقه كمناضل من أجل الحرية، كما وصفه “جورج بوش الابن” ..ثم تلفت ليجد أن قادته قد تسربوا عائدين من حيث أتوا.. ومن قبله عاد “كاربينو” للغابة ،بعد أقل من سنة من توقيعه اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997 م وليلقى مصرعه بعد ذلك بقليل ..ثم تبعه للغابة “رياك مشار” و”لام أكول” عائدين لأحضان حركة “قرنق”..
ستضطر الحكومة القادمة ، لكي تستن بسنة الإنقاذ في الترحيب والاتفاق مع من حضر ، وهم في الغالب قادة من الصف الثاني ،يتطلعون إلى فترة راحة ، ومن ثم ينقلبون على أعقابهم عائدين بما خف وزنه وغلا ثمنه..
وعقب اتفاق الدوحة عام 2010م أقسم الراحل دكتور “خليل” بأغلظ الإيمان ، أن حركته هي القوة الوحيدة في الإقليم.. ما يعني رفضه أي محاصصة في الاتفاقية .. وبالفعل فقد نفض يده عنها وعاد للميدان، بمجرد أن دخلها دكتور”سيسي” و”أبوقردة” وحبر الاتفاقية لم يجف بعد.. إن انتظار الحكومة للحركات سيطول، وستطول معها الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد ..
إن انتظار الحكومة المسلحين للانضمام للشرعية، انتظار غير مثمر ،وعمل عبثي ،وقد قال الأستاذ “محمود أبو العزائم”- رحمه الله -شيئاً مماثلاً لأحد أبناء الإقليم المضطرب بعد أن تمت الموافقة عليه ليكون رئيساً للتحرير..قال له مداعباً يا ابني (حد عندو فرصة ليكون (رئيس حركة تحرير) يقبل بـ(رئيس تحرير )؟؟!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية