رأي

القبلية والمحاصصة في أبهى تجلياتها

أمل أبوالقاسم

وبعد أن وعدت قوى الحرية والتغيير بالابتعاد عن المحاصصة في اختيارها للحكومة الجديدة، التي ظل الجميع يتطلع إليها، ووثقت لذلك ودمغته بتضمينها له في الاتفاق الذي من المفترض أن يسبغ عليه الصبغة الشرعية بحيث يصبح شرطاً جزائياً لا فكاك عنه، إلا أنها سقطت وأخلت بهذا الاتفاق الذي أصبح بمثابة وعد قطعته مع الشعب ومواليها قبل شريكها المجلس العسكري فجاء اختيارها وعلى تخبطه وعشوائيته وفقاً لأساس حزبي وذوي خلفيات سياسية لعضوية المجلس السيادي، الذي أصبح محل تندر في مواقع التواصل الاجتماعي ومحل تساؤل بأن كان هذا حال اختيار قحت لخمسة أشخاص فقط ترى كيف سيكون حالها لاختيار العشرين شخصية لمجلس الوزراء!؟. أكاد أجزم أنها بهكذا اختيارات جرت عليها سخط مواليها قبل الشارع ،وجعلها في موقف لا تحسد عليه وخصم منها الكثير الكثير قبيل أن تضع رجلها على أولى عتبات المسؤولية التي تنتظرها. مسؤولية جسيمة وعظيمة تحتاج رجال أكفاء أشداء على المواقف والمواجع التي تكتنف السودان وأهله، بيد أن ما يقال به حتى الآن من شخصيات يبدو أن الكثيرين تفرغوا وانبروا يبحثون في أصلها وفصلها، فكانت لدى كل منهم هفوة أو منقصة ولا تاريخ أو ( سي في) يبعث على الطمأنينة. كل هذا لا يدع مجالاً للشك أن كل ما تقوم به قحت الآن ارتجالي وسد لفجوة منوطين بها وأصبحت لزاماً وكان عليها أن تصنع لنفسها من هؤلاء أرضية صلبة تستند عليها بالتمحيص والتدقيق وليس بهذه العجلة حتى تسد فجوة الزمن الذي التزمت به. واختيار أعضاء مجلس السيادة تحديداً هو النواة التي تقوم عليها سوق حكومتها إلى جانب مجلس الوزراء وإن خذلت فيهم لاحقاً فـ(الرماد كال حماد).
(٢)
يبدو أن اختيار قوى الحرية والتغيير للعنصر المحايد الذي يمثل مجلس السيادة والمتفق عليه أن يكون مدنياً ذا خلفية عسكرية قد أربك حساباتها، وقد وافق العسكري أن يكون العنصر المحايد مسيحياً ما يعني أنه قد تنازل عن شرط الخلفية السياسية، لكن ومع هذا لم تحسن قوى الحرية والتغيير أمرها حتى في هذا الاختيار فأتت بشخصية أقامت الدنيا ولم تقعدها ولم ندر على أي أساس كان هذا الاختيار، ولم تستفد من هذا التنازل والذي نظن أن تنازل العسكر عنه خيفة أن تنظر أمريكا مثلاً على أنه عنصرية وبالتالي التلكؤ في رفعها للعقوبات مجدداً عن السودان. نسيت أن أشير إلى أنه حتى هذا البند لم يمر بسلام حيث نظم عدد من المسيحيين وقفة احتجاجية ورفعوا شعارات منددة ومطالبة بأن اختيار عضو مسيحي ينبغي أن يتم عبر مجلس الكنائس ( يعني يوصلوها من هنا تقطع من هناك،غايتو يا قحت ربنا يكون في عونك) ولعنايتها لا تحسبن تقريظنا هذا شماتة أو تخذيلاً إنما هو محض لفت نظر وتنبيهات في مصلحتها كيف لا وهي الحكومة القادمة التي تمثلنا وتعمل لأجلنا.
(٣)
ومن عجب أن سعر العملات الأجنبية وأسعار السلع الاستهلاكية صارت تتبع لحركة الحالة السياسية بالبلاد علواً وانخفاضاً لاسيما الدولار الذي وعقب توقيع المجلس العسكري على الوثيقة الدستورية انخفض سعره في السوق والسوق الموازي، وقبيل أن ينقضي يومان على ذلك وقبيل أن يستمتع المواطن بهذا الانخفاض عاد للصعود مجدداً بعد التماطل الذي بدأ من قحت والتباين داخل مكوناتها على تسمية مرشحيها للمجلس السيادي وربما أعطى ذلك مؤشراً سلبياً لمن يتلاعبون في النقد الأجنبي، حيث يتطلع المواطن وينتظركم لحسم فوضويته في ظل غياب الحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية